مقالات

أيها العزيز (5)



الإمام الخميني (قده) ..
في توجيه القلب
أيها العزيز...!
على الرغم من أنّ هذا العالم ليس بدار الجزاء والمكافأة، وليس بمحلّ لظهور سلطة الحقّ المتعالي، وإنّما هو سجن المؤمن، فلو تحرّرت من أسر النفس، وأصبحت عبداً للحقّ المتعالي، وجعلت القلب موحّداً، وأجليت مرآة روحك من غبار النفاق والأثنينيّة، وأرسلت قلبك إلى النقطة المركزيّة للكمال المطلق، لشاهدت بعينك آثار ذلك في هذا العالم، ولتوسّع قلبك بقدر يغدو محلّاً لظهور السلطنة التامّة الإلهيّة، حيث تصير مساحتها أوسع من جميع العوالم.


في الصبر
أيها العزيز...!
إنّ الموضوع خطير، والطريق محفوف بالمخاطر، فاْبذل من كلّ وجودك الجهد، واْجعل الصبر والثبات من طبيعتك أمام حوادث الأيام، واْنهض أمام النكبات والرزايا، ولقّن النفس بأنّ الجزع والفزع مضافاً إلى أنّهما عيبان فادحان، لا جدوى من ورائهما للقضاء على المصائب والبليّات، ولا فائدة من الشكوى على القضاء الإلهيّ وعلى إرادة الحقّ عزّ وجلّ أمام المخلوق الضعيف الّذي لا حول له ولا قوّة.


في ترك الأمل
أيها العزيز...!
كن على حذر من مكائد الشيطان، ولا تمكر على الله ولا تحتل عليه بأن تقول أعيش خمسين عاماً أو أكثر مع الأهواء، ثمّ أستغفر ربّي لدى الموت وأستدرك الماضي، لأنّ هذه أفكار واهية. إذا سمعت أو علمت من الحديث الشريف أنّ الله سبحانه وتعالى قد تفضّل على هذه الأمّة بتقبّل توبتهم قبل مشاهدة آثار الموت أو عند الموت فذلك صحيح، ولكن هيهات أن تتحقّق التوبة من الإنسان في ذلك الوقت. هل تظنّ أنّ التوبة مجرّد كلام يقال؟ إنّ القيام بالتوبة لعمل شاقّ. وإنّ الرجوع إلى الله والعزم على عدم العودة إلى الذنب يحتاج إلى رياضة علميّة وعمليّة.


في ترك التسويف
أيها العزيز...!
عجّل في شدّ حيازيمك، وإحكام عزيمتك وقوّتك الحاسمة وأنت في أيّام الشباب، أو على قيد الحياة في هذه الدنيا وتب إلى الله، ولا تسمح لهذه الفرصة الّتي أنعم الله بها عليك أن تخرج من يدك، ولا تعبأ بتسويف الشيطان ومكائد النفس الأمّارة.


في اللجوء إلى اللّه
أيها العزيز...!
لا تمرّ على هذا المقام من دون مبالاة ولا اهتمام. فكّر في حالك وعاقبة أمرك، وراجع كتاب الله وأحاديث خاتم الأنبياء وأئمّة الهدى سلام الله عليهم أجمعين وكلمات علماء الأمّة وأحكام العقل الوجدانيّة.
افتح على نفسك هذا الباب الّذي يُعدّ مفتاح الأبواب الأخرى، وادخل في هذا المقام الّذي يعتبر من أهمّ المنازل الإنسانيّة بالنسبة إلينا، وكن مهتمّاً فيه وواظب عليه واْطلب من الله عزّ وجلّ التوفيق في الوصول إلى المطلوب، واْستعن بروحانيّة الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم وأئمّة الهدى عليهم السلام واْلتجئ إلى وليّ الأمر وناموس الدهر إمام العصر عجل الله تعالى فرجه الشريف.


في الحياء من اللّه
أيها الإنسان ...!
كم أنت ظلوم وجهول؟! ولا تقدّر نعم وليّ النعم. إنّك تعصي وتعادي سنين وسنين وليّ نعمك الّذي وفّر لك كلّ وسائل الرفاه والراحة من دون أن تعود منها عليه والعياذ بالله بجدوى وفائدة، وطيلة هذه الفترة قد هَتكت حرمته وطَغيت عليه ولم تخجل منه أبداً، ولكنّك إذا ندمت على ما فعلت و رجعت إليه، أحبّك الله وجعلك محبوباً له، ﴿إنَّ اللهَ يُحِبُّ التَّوَابِينَ﴾ فما هذه الرحمة الواسعة والنعم الوافرة؟. إلهي! نحن عاجزون عن شكر آلائك، وأَلْسِنَةُ البشر وجميع الأحياء في هذا الكون مصابة بالكلل تجاه الحمد والثناء عليك ولا يسعنا إلّا أن ننكّس رؤوسنا ونعتذر لك لعدم حيائنا منك. مَنْ نحن حتّى نستحقّ رحمتك؟ ولكنّ سعة رحمتك وشمول نعمتك أوسع من تقديرنا لها.


في عدم اليأس
أيها العزيز...!
إيّاك أن تسمح للشيطان والنفس الأمّارة بالهيمنة عليك، والوسوسة في قلبك فيصوران لك العملية جسيمة وشاقّة، ويصرفانك عن التوبة. اعلم بأنّ إنجاز الشيء القليل من هذه الأمور يكون أفضل. ولا تيأس من رحمة الله ولطفه، حتّى وإن كانت عليك صلاة كثيرة وصيام غير قليل، وكفّارات عديدة، وحقوق إلهيّة كثيرة، وذنوب متراكمة، وحقوق الناس لا تعدّ، والخطايا لا تحصى. لأنّ الحقّ المتعالي يسهّل عليك الطريق عندما تقوم بخطوات حسب قدرتك في اتجاهه، ويهديك سبيل النجاة. واْعلم بأنّ اليأس من رحمة الحقّ من أعظم الذنوب، ولا أظنّ أنّ هناك ذنباً أسوأ وأشدّ تأثيراً في النفس من القنوط من رحمة الله. فإنّ الظلام الدامس إذا غشي قلب الإنسان اليائس من الرحمة الإلهيّة، لما أمكن إصلاحه، ولتحوَّل إلى طاغية.


في التفكّر
أيها العزيز...!
إنّ تذكّر الحبيب والتفكّر فيه دائماً، يثمر نتائج كثيرة لكافّة الطبقات. أمّا الكُمّلون والأولياء والعرفاء فإنّ تذكّر الحبيب في نفسه غاية آمالهم، وفي ظلّه يبلغون جمال حبيبهم. هَنِيئاً لَهُمْ. وأمّا عموم الناس والمتوسّطين منهم، فإنّ تذكّر الحبيب أفضل مصلح للأخلاق والسلوك وللظاهر والباطن. إذا عاش الإنسان مع الحقّ سبحانه وتعالى في جميع الأحوال وكافّة المستجدّات، وشاهد نفسه أمام الذات المقدّس عزّ شأنه، لأحجم عن الأمور الّتي تسخط الله، وردع نفسه عن الطغيان.
إنّ المشاكل والمصائب المنبثقة من النفس الأمّارة والشيطان الرجيم قد نشأت عن الغفلة عن ذكر الحقّ وعذابه وعقابه.


في الإقبال على اللّه
أيها العزيز...!
إنّ طريق الحقّ سهل بسيط، ولكنّه يحتاج إلى انتباه يسير، فيجب العمل، لأنّ التباطؤ والتسويف، ومضاعفة المعاصي في كلّ يوم، تبعث على صعوبة الأمر، وأمّا الإقبال على العمل، والعزم على إصلاح السلوك والنفس، فيقرّب الطريق ويسهّل العمل. جرّبه، واعمل في الاتجاه المذكور، فإذا حصلت على النتيجة تبيّن لك صحّة الموضوع. وإن لم تصل إلى النتيجة المتوخّاة فإنّ طريق الفساد مفتوح ويد المذنب طويلة.

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد

مواقيت الصلاة