علمٌ وفكر

الاستقراء والقياس


السيد محمد باقر الصدر ..
الاحكام الشرعية تابعة للمصالح والمفاسد والملاكات التي يقدرها المولى وفق حكمته ورعايته لعباده، وليست جزافا أو تشهيا. وعليه فإذا حرم الشارع شيئا، كالخمر مثلا، ولم ينص على الملاك والمناط في تحريمه، فقد يستنتجه العقل ويحدس به، وفي حالة الحدس به يحدس حينئذ بثبوت الحكم في كل الحالات التي يشملها ذلك الملاك، لان الملاك بمثابة العلة لحكم الشارع وإدراك العلة يستوجب إدراك المعلول. وأما كيف يحدس العقل بملاك الحكم ويعينه في صفة محددة، فهذا ما قد يكون عن طريق الاستقراء تارة وعن طريق القياس أخرى.
والمراد بالاستقراء أن يلاحظ الفقيه عددًا كبيرًا من الأحكام يجدها جميعًا تشترك في حالة واحدة من قبيل أن يحصي عددًا كبيرًا من الحالات التي يعذر فيها الجاهل فيجد أن الجهل هو الصفة المشتركة بين كل تلك المعذريات، فيستنتج أن المناط والملاك في المعذرية هو الجهل، فيعمم الحكم إلى سائر حالات الجهل.
والمراد بالقياس أن نحصي الحالات والصفات التي من المحتمل أن تكون مناطًا للحكم، وبالتأمل والحدس والاستناد إلى ذوق الشريعة، يغلب على الظن أن واحدًا منها هو المناط، فيعمم الحكم إلى كل حالة يوجد فيها ذلك المناط.
والاستنتاج القائم على أساس الاستقراء ظني غالبًا، لأن الاستقراء ناقص عادة، ولا يصل عادة إلى درجة اليقين.
والقياس ظني دائمًا لأنه مبني على استنباط حدسي للمناط، وكلما كان الحكم العقلي ظنيًّا احتاج التعويل عليه إلى دليل على حجيته، كما هو واضح.

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد

مواقيت الصلاة