لقاءات

رجاء البوعلي: الكتابة وطن كبير


نسرين نجم ..
كاتبة وشاعرة وناشطة في قضايا الشباب، حاصلة على درجة البكالوريوس في الأدب الإنكليزي، ودبلوم في الإرشاد الأسري. لها مشاركات محلية ودولية في برامج فكرية ثقافية، قدمت العديد من ورش العمل والندوات الحوارية على الصعيدين: العملي المهني والاجتماعي التطوعي. عضو في عدة أندية ثقافية وأدبية، أسست مجموعات شبابية للقراءة والحوار. لها سلسلة من المقالات الأسبوعية المنشورة في صحيفة الشرق المحلية، ومجموعة من المقالات والقراءات في الكتب منشورة في صحف متعددة، عرفت باهتمامها وشغفها بالحركة الثقافية الأدبية، إنها الكاتبة رجاء البوعلي التي أجرينا معها هذا الحوار:


 * ما بين الكتابة والشعر الانكليزي رحلة طويلة :
بدأت رجاء البوعلي الغوص في عالم الشعر والكتابة من عمر صغير، فعن بدايات كتاباتها تقول: "بدأت في سن التاسعة عندما كتبت قصة قصيرة، وفي المرحلة المتوسطة بدأت تظهر ملامح التعبير في مادة الإنشاء، كنت أحاول تطوير الكتابة بالرغبة في المشاركة في الأنشطة المدرسية، ففي ذلك الوقت لم تكن الأنشطة الثقافية متاحة ونشطة كما هي اليوم، بل المدرسة كانت المؤسسة الوحيدة التي قد تتيح فرصة التشجيع على الكتابة باعتبار مركزيتها التعليمية والتربوية، ولكن محاولاتي باءت بالفشل فبقيت أقرأ وأكتب سرًّا لنفسي. حتى المرحلة الثانوية عرفت عني المدرسة والأقرباء.
أما الشعر؛ فبدأ في سن المراهقة، كنت أقرأ الشعر النبطي والفصيح، بعدها شدني شعراء المهجر، وكانت لي محاولاتي آنذاك لكني تركتها سريعًا، وعدت للشعر الإنكليزي أثناء الدراسة الجامعية لأكتشف جماليات مختلفة وقضايا وجدانية وفكرية دقيقة فيه، وربما من هنا بدأت أتلمس عذوبة الشعر الإنكليزي. وعندما فكرت بالنشر بدأت بالمقالة، فعرفني القُراء ككاتبة مقال أولًا، بعدها بدأت أسلك طريق العودة للفنون الأدبية الإبداعية الأخرى".
البعض يعتبر بأن الكتابة هي أداة تفريغ داخلي، فإلى أي حدّ تعكس الكتابة شخصية رجاء البوعلي: "كلماتي تعبر عن اهتماماتي الفكرية والثقافية، وأحاول أن أطرح فيها قضايا واقعية إنما ليست شخصيتي بمعناها المحدد، فالشخصية تظهر بدقة أكثر بالتعامل المباشر. الكتابة، أراها عالمـًا أرحب من أن تكون آداة للتفريغ فقط، إنما هي وطن كبير يعج بالأطروحات المتعددة الهيئات والدوافع والغايات".


* رجاء البوعلي: شاعرة باللغة الإنكليزية:
رجاء البوعلي من الشاعرات القليلات في الوطن العربي اللواتي خضن كتابة الشعر باللغة الإنكليزية إلى جانب العربية، فما هي الدوافع وراء هذا التوجه، تجيب: " لا احب أن أبدو سلبية، ولكن قد نصنع وهجًا ضوئيًّا من البقعة المظلمة، فتتحول المعوقات إلى تحديات وهذا ما يحدث معي دائمًا؛ أولًا: أثناء دراستي للشعر الإنكليزي كان موضوع القصيدة الإنكليزية دائمًا ما يلامس شغاف قلبي كثيرًا، وكنت أجد فيها الدمج بين العاطفة والفكرة المبتكرة العميقة، فعبثت بي في فترة سابقة ويبدو أن أثرها تنامى مع الزمن. ثانيًا: في بداية اهتمامي بكتابة القصيدة الإنكليزية لم أجد مهتمين بها، بل لم أجد من يقرأها لي، وإلى الآن الاهتمام بها ضعيف جدًا وليس لها جمهور. أكتب وأنشر ولا أعلم من سيقرأ وينتقد ويعلق، لكني أفعل ذلك لأني أؤمن بالإنجاز والصناعة الذاتية. ثالثًا: في بيئتنا للأسف جرت العادة على الاستخفاف والتشكيك بالجديد غير السائد، وبطبيعتي أحب التجديد والإضافة على الأشياء، لهذا أبقى على المسار برغم كل المحبطات والمثبطات لكن النهاية ستكون جميلة بإذن الله".
وحول ما إذا كان للشعر باللغة الإنكليزية من جمالية كما في اللغة العربية تقول البوعلي: " قد تكون العربية أكثر قدرة على الزخرفة والبلاغة، بما تحمله من تعددية الألوان والمترادفات والمساحة الخصبة المفتوحة، إنما الإنكليزية لغة موجزة ولكن عالميتها تؤهلها لجمال ونغمة وإيقاع موسيقي خاص بها أيضًا، وله الأثر في النفس. وأعتقد أنني أكتب القصيدة الإنكليزية البسيطة في لغتها، وأهتم أكثر بعمق الفكرة فيها ورحابة أفقها التأويلي".


* الكتابة حياة:
تعتبر رجاء البوعلي بأنها لم تضف: "على الشعر شيئًا حتى الآن. فتجربتي ما زالت غضة لكني أهتم بإبراز جمالية حضور المرأة كفكر أكثر من أي شيء آخر.:، وهنا سألناها لماذا تكتب ولمن؟ فأجابت: "أكتب لأن في الكتابة حياة تمتد لما بعد الموت، أما لمن فإذا اعتبرنا أن الكتابة طقس حياتي سيكون الكاتب يكتب لنفسه أولًا، فعندما أكتب أي نص لا يكون في ذهني فئة معينة أستهدفها، حتى لو بدا موضوعًا موجهًا، لكني أكتبه حتى يخرج من صدري إلى الفضاء، عندها أشعر بأني أديت دوري ككاتب، بعد ذلك  فليتلقفه أي قارئ وهو من يحدد إذا كان بحاجة ما كتبته أم لا ... وربما لهذا أحاول التجرد من الوصاية الفكرية التي يمارسها البعض بصراعه مع قراءه أثناء الاختلاف!".
وهي ترى بأن: "الكتابة تنظير للأفكار وصياغة جميلة لكنها بحاجة لمرحلة تنفيذية تلبي الطموح وتشبع الحاجة. وهنا قد تكون الكتابة مصدرًا لإشعال فتيل الألم لعدم القدرة على التنفيذ في بعض الأحيان".


* موقع المرأة
من خلال تماسها المباشر عبر لقاءات ومحاضرات مع الشباب، سألنا الكاتبة رجاء البوعلي، عن موقع المرأة لسلطة في فكر الجيل الجديد؟ فأجابت: "هناك تقدم كبير في هذا الموضوع على المستوى العام، وأفراد الجيل الجديد ليسوا نموذجًا واحدًا جرى استنساخه، إنما أصناف وأنماط متباينة، ولهذا يكمن التفاوت النسبي بين الحالات، كل على حدى كحالة مستقلة".
وهي تعتبر بأن التجديد الثقافي حاجة ملحة بلا شك، سيما في ظل ما نعيشه من اضطرابات على صعيد هوية الشباب، وفي ظل ما تمر به المنطقة العربية من اضطرابات.
وضمن أجواء ورش العمل والدورات التدريبية التي قدمتها سألناها عن ورشة عمل تحت عنوان: "بداخلك قائد استنهضه" حول أهمية هكذا دورات وحول وجود الحس القيادي عند الشباب، تجيب رجاء البوعلي: "القيادة هي التأثير والمبادرة والإرادة والتحدي والصبر وتحمل المشقة والتعلق بالآمال والسعي لبلوغ المنى، فالمياة الراكدة ستبقى راكدة ما لم يجدف فيها بحار، من هنا وجدت الحاجة للحديث عن القيادة مع جيل الشباب تحديدًا لأن اللغة ستكون مشتركة بين أبناء الجيل الواحد. فقدمت "القيادة" بصور مختلفة: دورات تدريبية، لقاءات حوارية .. وأرى أهميتها الأولى هي استنهاض وتحفيز القدرات الفردية على التغيير وصناعة الإنجاز أيًا كان توجهه خاصة في ظل ظروف غير داعمة .. " وتشدد :"نعم، الحس القيادي موجود لدى الشباب لكن ربما في البداية يكون بحاجة لرعاية حتى يستطيع الوقوف ككيان مستقل".
وحول إذا ما كانت تعتبر بأن ما بين الرجل والمرأة في الوقت الحالي فجوة، وكيف عالجت هذا الموضوع في كتاباتها؟ تعتبر أنه بالفعل: "هناك فجوة حقيقية كما هناك مساع لردمها أيضًا، ولأني أنتمي لهذا المجتمع وأحبه أحاول المعالجة بالتقريب بقدر المستطاع، وأخشى من الخلل...".
وعن مشاريعها المستقبلية تقول:"أدبية بامتياز أتمنى لها أن تبصر النور مع نهاية 2017"، أما حول نصائحها التي توجهها لمن ترغب في دخول عالم الكتابة والشعر فتقول: "أتحفظ على كلمة "نصائحكم لمن .." لأني لست مع تنصيبي كناصح، إنما ما تلمسته من التجارب الإنسانية في عالم الأدب وأقوله لنفسي دائمًا: "عليّ أن أقرأ أضعافًا عما أكتبه، ولن أتمكن من كتابة صفحة واحدة جيدة إلا بعد قراءة كتب جيدة".

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد

مواقيت الصلاة