لقاءات

حسين الفريد: الموقف هو من يفرض نفسه على المصور


نسرين نجم ..
بينه وبين عالم التصوير شغف كبير، ولأنه عرف كيف يتعامل مع العدسة، بادلته الاهتمام وأعطته أجمل اللقطات التي استطاعت أن توصله إلى العالمية، فحصد العديد من الجوائز على الصعيد العالمي، المتابع له يلاحظ جمالية خاصة لصوره التي لا ينقصها إلا أن تبوح عن نفسها.. إنه المصور العالمي حسين الفريد، الذي أجرينا معه هذا الحوار:


* هواية أم مهنة:
بدأ حسين الفريد نشاطه الحقيقي وبشكل عميق في عالم التصوير كما يقول: "منذ عام ٢٠٠٤، ولكن حبي وشغفي للحياة البرية جعلني أتعمق في تصويرها والاهتمام الأكبر لها في عام ٢٠٠٩.". إلا أن هذا الشغف لم يتعدّ حدود الهواية والموهبة فهو يعمل: "كمهندس صحة وسلامة بيئية، والتصوير لدي مجرد موهبة، ولكن أعتبر هذه الموهبة جزءًا لا يتجزأ من حياتي مثله كمثل الطعام والشراب والنوم".


وعمّا يميز عدسته عن غيره من المصورين يقول: "لا أعرف في الحقيقة ما يميز صوري عن غيرها، ولكن بالإمكان أن أنوه أنه عند التقاطي للصور دائمًا أحرص على أن يكون هناك سبب ما جعلني أضغط زر الكاميرا مهما كان هذا السبب، سواء تعبيرًا أو سلوكًا، أو اضاءة أو حركة ما داخل الإطار. عدم الاكتفاء بالتقاط الصور ثم المضي، ولكن متابعة المشهد والتركيز فيه والظهور بلقطات مختلفة عن المألوف، ويحتاج ذلك الكثير من الصبر". ومن يتابع صور حسين الفريد يلاحظ استخدامه في الكثير من الأحيان للونين الأبيض والأسود، فهل هذا يدل على حنين إلى الماضي؟ عن هذا الأمر يقول: "ربما ليس الحنين إلى الماضي، ولكن الحنين هو إحساس، وتجريد الصور من ألوانها  يجعل المتلقي ينظر إلى الصورة لما فيها من أحاسيس بدلًا من النظر إلى ألوانها التي في بعض الأحيان تشتت التعمق في الصورة".


*  جمالية توثيق الحياة البرية:
من المعروف عن المصور حسين الفريد حبه للحياة البرية وتصويرها، وقد قام بتوثيق الحياة البرية في العديد من الدول فماذا تعني له الحياة البرية؟ أو بالاحرى أين تكمن جماليتها؟ يجيب الفريد: "للحياة البرية عشق لا ينتهي منذ الصغر، ليس لتصويرها بل لمتابعتها ومعرفة ما تخفيه عنا نحن البشر. جزء كبير من الناس قد يمضي حياته كلها ولا يمكنه حتى مشاهدة هذه الحيوانات في بيئتها الطبيعية، حتى صار البعض يعتقد أنها لا تتواجد سوى في حدائق الحيوانات وبين القضبان. جاهلين تمامًا ما هو سلوكها وما تخفيه من جمال وأهمية لهذا الكوكب".


أما بالنسبة للمشاهد والمواقف التي تجذبه لتصويرها يقول: "في البداية كنت ألتقط الصور لكل ما يخطر في بالي وما أراه أمامي للتعلم. تعلم سقوط الضوء على بعض الألوان أو الأجسام يعطي تأثيرًا معينًا لكل شيء يلمسه. ولكن بعد الممارسة وجعل كل هذه الأمور تعمل في “اللاشعور”. في اعتقادي أن الصور المميزة هي تلك الصور التي كان لها دافع للمصور في رفع كاميرته وتصوير المشهد، خصوصًا المشاهد الدرامية التي يكون الضوء فيها هو العامل الرئيس لخلق الصورة. أيضًا من المواقف المحببة لدي هي توثيق سلوك وحركة الأشخاص أو الحيوانات بشكل حقيقي وصادق، من غير التدخل في صنعه. وربما ذلك هو السبب الرئيس في تصوير الحياة البرية، لأن المصور ليس لديه السلطة في التحكم بموضوعه، ولكن الموقف هو من يفرض نفسه على المصور، وعلى المصور التأقلم مع ذلك. المواقف التي يكمن فيها التحدي هي من أجمل المواقف لدي". وسألناه عن قوله بأن الحرفي يعمل بيديه والمهني بعقله، فماذا عن المصور؟ يجيب: "يجب على المصور أن يعرف أنه فنان، والفنان الحقيقي لا بد أن يعمل بأحاسيسه. ويكون ذلك باستخدام عقله في تكوين فكرته، ويديه في استخدام آلة التصوير، وقلبه (إحساسه) لينتج عملاً فنيًّأ راقيًا بإمكانه تحريك أحاسيس المتلقي".


* ثقافة الصورة:
حصل المصور حسين الفريد على العديد من الجوائز العالمية، فإلى أي حد أرضى هذا الأمر طموحه؟ وماذا تعني له الجوائز؟ يقول: "بالنسبة لي، الفوز بالجوائز هو مجرد تحصيل حاصل ويجب على الفنان الواعي أن لا يصنف نفسه بعدد الجوائز المحصودة، وإنما بالفن الذي يقدمه. في اعتقادي إن تمضية يوم واحد في البرية خلف الكاميرا وقيامي بما أحب يساوي آلاف الجوائز. طموحي هو تقديم فن جميل وراق للمشاهدين من خلال عدستي، وليس حصد الجوائز لنفسي بغض النظر لما تقدمه تلك الجوائز من دعم معنوي أو مادي في بعض الأحيان".


بالانتقال إلى جماعة "ضوء وظل" -وهو أحد أعضائها- سألناه، إلى أي حد تعمل وتساهم في نشر الثقافة التصويرية الحقيقية؟ وهل هناك إقبال من الشباب عليها؟ أجاب: "تم دعوتي من قبل إدارة ضوء وظل في عام ٢٠١٢ للانتساب إليها كعضو إداري، وكان لي الشرف في الانضمام لواحدة من أفضل جماعات التصوير بالمنطقة لما يقدمونه من برامج نوعية لجميع المصورين. كان الهدف من الانضمام هو الشغف في نشر وإيصال الفن بصورة صحيحة للشباب وتوجيههم للطرق الحقيقية لفن التصوير. في نظري إن أفضل هدية يمكن أن يهديها الشخص؛ هي نشر ما لديه من علم ليكتسبه غيره. نشر العلم يجلب السعادة والطمأنينة للشخص، وهذا بحد ذاته ما يجعل أغلبية الشباب ينجذب إلى جماعات التصوير".


وفي ظل انتشار آلاف الصفحات الخاصة بالمصورين على مواقع التواصل الاجتماعي، حملنا سؤالا يطرحه الجميع؛ هل كل من حمل الكاميرا هو مصور؟ يعتبر الفريد بأنه: "نعم، كل من حمل كاميرا مصور، ولكن ليس كل مصور فنانًا. كثير من المصورين المبتدئين يفتقرون للحس الفني في أعمالهم، وذلك بسبب عوامل كثيرة؛ من أهمها التوجيه الخاطئ لفن التصوير. فن التصوير الرقمي هو فن جميل من الدرجة الأولى ويجب أن يكون كذلك". ويعتبر بأن فن التصوير؛ استطاع أن يأخذ مكانته في العالمين العربي والإسلامي مؤخرًا خاصة: "بوجود نخبة من المصورين والمدربين والفنانين، وبمساعدة المسؤولين ظهرت بعض الإنجازات المشرفة للعرب والمسلمين كافة في محافل محلية ودولية، وأيضًا اهتمام بعض الجمعيات في نشر إبداعات شبابها وشاباتها في المحافل الدولية، وإسدال الستار عن نخبة من الفنانين والفنانات في هذا المجال والإفصاح عن إنجازاتهم. ولكن دائمًا نطمح للأفضل، ونتمنى وقوف جميع الجمعيات والمؤسسات يدًا بيد في سبيل نجاح الفنانين والرقي بالفن العربي والإسلامي للأفضل".

وعمّا إذا كان فن التصوير يحمل رسالة، يرى الفريد: "فن التصوير يجب أن يحمل رسالة، والمصور هو المسؤول عن إيصالها. لذلك دائمًا أكرر أنه يجب أن يكون للمصور سبب في رفع الكاميرا والتقاط الصورة. قد يكون الأمر صعبًا في بداية الأمر ولكن بالتركيز على نوع محدد من التصوير، أو منطقة محددة، أو ربما أسلوب تصوير مختلف، قد ينمي من مهارات المصور في اكتساب حس فني ذي رسالة، أيًّا كان محتواها علميًا، أدبيًا، فنيًا، أو غير ذلك. ومن الأمور المساعدة في ذلك هي القراءة والاطلاع".


وعن مشاريعه الحالية والمستقبلية يقول: "حاليًا أعمل على إكمال مشروع تصوير مدينتي، صفوى، باسم “الزرنوق والعباية” وأتطلع أن يرى المشروع النور قريبًا  قبل نهاية هذا العام. كما أنه يوجد مشروع تسويقي مع إحدى شركات التصوير الكبرى في المستقبل القريب".

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد

2017-09-30 11:47:38    قنوات التواصل

الموقع: www.halfraid.com انستقرام : @halfraid سناب: halfraid تويتر: @HusainAlfraid

مواقيت الصلاة