قرآنيات

معلومات الكاتب :

الاسم :
السيد محمد حسين الطبطبائي
عن الكاتب :
مفسر للقرآن،علامة، فيلسوف عارف، مفكر عظيم

القرآن مستقل في دلالته


السيد محمد حسين الطباطبائي ..
القرآن الكريم كلام كسائر ما يتكلم به الناس ، ويدل دلالة واضحة على معانيه المقصودة وما يرومه من بيان المفاهيم والمعطيات ، وليس فيه خفاء على المستمعين لآياته.
ولم نجد دليلاً على أنه يقصد من كلماته غير المعاني التي ندركها من ألفاظه وجمله.
أما وضوحه في دلالته على معانيه فلأن أي إنسان عارف باللغة العربية بإمكانه أن يدرك معنى الآيات الكريمة كما يدرك معنى كل قول عربي.
وبالإضافة إلى هذا نجد في كثير من الآيات خطابات إلى طوائف خاصة كبني إسرائيل أو المؤمنين أو الكفار ، وفي آيات منه يخاطب عامة الناس (1) ويحاجهم ويتحداهم ليأتوا بمثله لو كانوا في شك أنه من عند الله تعالى. وبديهي أنه لا يصح التكلم مع الناس بما لا مفهوم واضح عندهم ، كما لا يصح التحدي بما لا يفهم معناه.
وزيادة على هذا يقول تعالى : ( أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها ) (2).
ويقول : ( أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيراً ) (3).
تدل الآيتان على ضرورة التدبر في القرآن الذي هو بمعنى التفهم ، والتدبر فيه يرفع ما يترائى بالنظرة الأولى من الاختلاف بين الآيات ومن البديهي الواضح أن الآيات لو لم تكن لها دلالة ظاهرة على معانيها لما كان معنى للأمر بالتدبير والتأمل فيها ، كما لم يبق مجال لحل الاختلافات الصورية بين الآيات بواسطة التدبر والتأمل.
وأما ما ذكرنا من أنه لا دليل خارجي على نفي حجية ظواهر القرآن ، فلأننا لم نجد هكذا دليل لذلك إلا ما ادعاه بعض من أننا ـ في فهم مرادات القرآن ـ يجب أن نرجع إلى ما أثر عن الرسول صلى‌ الله ‌عليه ‌وآله ‌وسلم أو ما روي عن أهل بيته المعصومين عليهم ‌السلام.
ولكن هذا ادعاء فارغ لا يمكن قبوله ، لأن حجية قول الرسول والأئمة عليهم ‌السلام ؛ يجب أن تفهم من القرآن الكريم ، فكيف يتصور توقف حجية ظواهره على أقوالهم عليهم ‌السلام. بل نزيد على هذا ونقول : إن إثبات أصل النبوة يجب أن نتشبث فيه بذيل القرآن الذي هو سند النبوة كما ذكرنا سابقًا.

وهذا الذي ذكرناه لا ينافي كون واجب الرسول والأئمة عليهم ‌السلام ؛ بيان جزيئات القوانين وتفاصيل أحكام الشريعة  التي لم نجدها في ظواهر القرآن ، وأن يكونوا مرشدين إلى معارف الكتاب الكريم كما يظهر من الآيات التالية :
( وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل اليهم ) (4).
( وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا ) (5).
( وما أرسلنا من رسول إلا ليطاع بإذن الله ) (6).
( هو الذي بعث في الأميين رسولاً منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة ) (7).
إن الذي يفهم من هذه الآيات هو أن النبي صلى ‌الله ‌عليه ‌وآله ، هو الذي يبين جزئيات وتفاصيل الشريعة وهو المعلم الإلهي للقرآن المجيد. ويفهم أيضا مما جاء في حديث الثقلين ؛ أن الأئمة عليهم ‌السلام هم خلفاء الرسول في ذلك.
وهذا لا ينافي أن يدرك مراد القرآن من ظواهر آياته بعض من تتلمذ على المعلمين الحقيقيين ، وكان له ذوق سليم في فهمه.
ــــــــــــــــــ
(1) أمثال « يا ايها الذين كفروا » و « يا اهل الكتاب » و « يا بني اسرائيل » و « يا ايها الناس ».
(2) سورة محمد : ٢٤.
(3) سورة النساء : ٨٢.
(4) سورة النحل : ٤٤.
(5) سورة الحشر : ٧.
(6) سورة النساء : ٦٤.
(7) سورة الجمعة : ٢.

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد

مواقيت الصلاة