لقاءات

الشاعر ياسر آل غريب: هذا هو ما يشوه النشيد

 

نظمية الدرويش .. 
القصيدة، ينظمها حالم، ويثمنها ناقد، ولكن الجمهور هو من يملكها بخاصة إذا ما تحولت إلى نشيد. وأن تكتب نشيدًا فيه التحدي على أكثر من صعيد، والمسؤولية الفنية تقع أولًا على صاحب الكلمات. وللحديث أكثر عن هذا كلّه، كان لنا مع الشاعر ياسر آل غريب هذا اللقاء.

صاحب كلمات "حنين" لفلسطين بصوت المنشد هاني الوداعي، ولصوت الملا باسم الكربلائي كان له شرف تأليف "بدايتي همزة"، و"لاحوا لعيني"،  وأناشيد كثر منها: "كفي على صدري"، "سدرة المنتهى"، "فلذة من كبد الشمس"، "ضفاف الولاية"، و"القطيف بهجة شمس" وغيرها الكثير. هو  ياسر عبدالله آل غريب من منطقة القطيف، معلم الكفايات اللغوية في المرحلة الثانوية، وله أربعة دواوين شعرية وكتاب نقدي بعنوان "أيقونة الخصب".


البداية، وعوامل النجاح. 
البداية كانت مع البدايات، حيث كانت بالنسبة لشاعرنا عبارة عن محطة تجارب: "كنت أكتب ألوانًا كثيرة من الشِّعر، ومن بينها كتابة الأنشودة التي كانت تغذّي الفرق الإنشادية في المنطقة". وأول أنشودة كتبها كانت بعنوان "سرب البيان" التي أنشدت في مهرجان الصفا للزواج الجماعي بصفوى عام ١٤٢٠هـ ، ثم توالت الأناشيد شيئًا فشيئًا في القطيف والخليج .
يعتقد الأستاذ ياسر أن الأنشودة هي نص مختلف من ناحية سهولة الكلمة، وجرعة الوجدان المكثفة، وحتى الوزن الشعري له دور كبير في حفظها واستظهارها، ويضيف بالقول: "فَلَو كتبت أنشودة على بحر ( الطويل ) مثلا سيجد المنشد صعوبة في تلحينها بعكس لو أعطيته على ( المتقارب ) أو ( الهزج ) سيجد طواعية في أدائها".
أما نجاح الأنشودة، ففي رأي الشاعر أنه ثمرة عدة عوامل أهمها الكلمة العذبة واللحن المناسب والأداء المتقن، كل هذه تتضافر لتنشر الأنشودة إضافة إلى حسن الإخراج يقول آل غريب، أما عندما يشوه النشيد وهذا ما يحدث كثيًرا بحسبه: "علينا أن نأخذ بعين الاعتبار ضرورة التمييز بين الأعمال التي يقدمها المنشدون ذوو الخبرة، والمبتدئون، شخصيًّا أنزعج كثيرًا من الأخطاء اللغوية التي يقع فيها المنشدون، ومن الأداء غير المتطابق مع كلمات وجو القصيدة". فهل هذا يستدعي متابعة من الشاعر لجميع مسار صناعة النشيد؟ يجيب بأنه ليس بالضرورة، ويضيف: "وإن كنت حضرت مجموعة كبيرة من الأناشيد أثناء تسجيلها، وأكون مدققًا لغويًّا حتى يتلافى المنشدون الأخطاء اللغوية". 


الموضوع، جوهر النشيد
تطرق الأستاذ ياسر آل غريب في حديثه حول صناعة النشيد إلى المواضيع التي تشكل دعامة النشيد الملتزم، فقال: "المناسبات الدينية بيئة خصبة للأناشيد، وفي ثقافتنا تستمد التزامها من نهج أهل البيت الذي يعزز قيم الإنسانية، وكذلك الانتماء للأرض والهوية".
 كتب آل غريب كثيًرا في شخصيات أهل البيت ( ع )، كما في مواضيع شتى مثل الصلاة والأم والأب والمناجاة والتفوق الدراسي وغيرها، وتبقى هناك فرصة لابتكارات مواضيع أخرى غير الجاهزة مسبقًا بحسبه. ومن الناحية الشخصية سألناه عن النشيد الأقرب إلى قلبه فأجاب: "لعل أنشودة ( لاحوا لعيني ) التي أداها الرادود الكبير باسم الكربلائي كان لها صدى طيب، كذلك أنشودة ( حنين ) التي أداها السيد هاني الوداعي عن القدس".


المشهد القطيفي
عندما نذكر الأنشودة في القطيف يستدعى إلى ذاكرة ياسر الغريب مهرجان ( ترانيم ) للإبداع الذي استمر لعدة سنوات وأصبح حراكًا فنيا جميلًا: "بالنسبة لي كتبت لعدة فرق شاركت وتنافست فيه مثل فرقة الإمام الحسن بالشويكة، وفجر الإسلام بالربيعية والزهراء بسيهات ومنقذ البشرية بالدخل ، وغيرها".


 وككلمة يوجهها شاعر لزملائه كتاب الأناشيد يقول: "عندما يتوجه الشاعر للكتابة سيجد نفسه وسط بحر من المكرورات والأشياء المألوفة، والسؤال الأهم كيف نجدد إنتاجنا رغم كل هذه المواضيع المتشابهة". فبرأيه أنه على الشاعر ألا يرضخ كثيرًا إلى مسألة تبسيط شعره، لأن في ذلك تسطيحًا دون أن يشعر، ويضيف: "علينا أن نكتب ما نعتقده ونترك الحكم للمتلقي، والأهم أن يساهم الشاعر في خلق ذائقة جمالية".


الكتابة مستمرة
"الكتابة مستمرة ما دام هناك نفس شعري وعلاقة وجدانية تربطني بموضوع ما". يقول الشاعر ياسر آل غريب وكأن ذلك يساوي النفس الذي يبقيه على قيد الحياة. أما عمّا وماذا سيكتب فذلك تحدده الأيام كما يقول: "في النهاية لا أصنف نفسي كشاعر أناشيد فقط، فأنا ابن الكتابة بأشكالها المختلفة العمودية والتفعيلة وأغراضها المختلفة". يعكف ياسر آل غريب حاليًّا على جمع قصائد في ديوان ضمن الأدب الموجه للطفل، وقد شجعه على ذلك فوزه بجائزة راشد بن حميد بعجمان في فرع أدب الطفل مرتين. 
لا شك أن دور النشيد أساسي في التأثير النفسي، بحيث يعتبر النشيد بحد ذاته قوة فعالة في الاستنهاض والاستلهام والجمهرة، وتكمن نصف هذه قوة في كلمات النشيد وهنا حيث يبدع الشعراء أصحاب القوة.

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد

مواقيت الصلاة