لقاءات

الشيخ حسام الصلاط: التقدير والتغيير في آخر أيام الشهر المبارك


نظمية الدرويش ..
هو شهر الله، والبوصلة التي تشير دائمًا نحو الأعلى، فتبعد المؤمن عن كل ما يحيده عن درب التوبة. شهر رمضان، أيام ليست كأي أيام، وليلة فيها تعادل ألف شهر، وفي ختامها العتق من النار. وعلى أبواب نهاية هذا الشهر، وللحديث عن هذه الفرصة التي تأتينا مرة كل عام، كان معنا في هذا اللقاء؛ الشيخ حسام الصلاط.


شهر التوجه

"شهر رمضان المبارك هو القلب النابض بالحيوية والعنفوان للمؤمن" بهذه الكلمات يعبر الشيخ حسام الصلاط عن عظمة هذا الشهر الفضيل، فبحسب ضيفنا أنه متى ما عرف المؤمن قدر هذا الشهر واستثمر لحظاته ووجه نفسه نحو الهدف الأعلى منه، كان للحياة معنى للجدية والهدفية الواعية، ويضيف أيضًا: "فبشهر رمضان يشعر الإنسان بأهمية الوقت وضرورة الالتفات إليه من خلال مراقبة نفسه وعدم الإتيان بأي من المفطرات".
فمراقبة الوقت عنصر هام جدًّا في شهر رمضان يقول الصلاط، ويتجلى في هذين الوقتين أكثر، وهما بداية النهار وبداية الليل، لذا نجد أن الوعي يقود الإنسان لترتيب الأولويات بحسب أهميتها، وهنا يكون لهذه الصحوة بالوقت والأولويات دور في تغيير البوصلة، مما يؤثر إيجابيًّا في مسيرته على كل الصعد.


الروحية والروحانية

 يتحدث الشيخ حسام حول أهم ما ينبغي على الصائم، وهو أن ينطلق وينتقل من المعنى الحرفي للصوم وهو الجوع والعطش وترك الملذات إلى المعنى الإسمي -كما يقول الأصوليون - أي الغوص في حقيقة الصيام. يحدد الشيخ هذه الحقيقة بالآية الكريمة ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ) وتحقيق التقوى بأعلى درجاتها  (لعلكم تتقون) ويضيف "فإذ لم تتحقق التقوى من خلال الصيام فهنا يضحي الصوم فعلًا جسديًّا لم ينل القلب والروح منه شيء كما تؤطره الروايات الشريفة (ليس له من صيامه إلا الجوع والعطش) فالانتقال أمر هام جدا".


ماذا بعد ليلة القدر؟

"ليلة القدر في بعدها الرسالي هي ليلة الإحياء لعقل وروح الإنسان، لأنها تضع الإنسان في ميزان المحاسبة الذاتية وتكشف له في لحظات الصدق مع النفس في هدوء وصفاء، مواضع الخلل في حياته فمع انكشاف الحقيقة الذاتية من الصعب مخالفة ما وقف عليه من الإخفاقات المعنوية والأسرية والاجتماعية عند نفسه، فبعد ليلة القدر تبدأ رحلة الوعي والتنفيذ لصحوة الضمير".
وتتجلى هذه الصحوة بحسب الشيخ حسام الصلاط في:
١- حس المسؤولية الذاتية ومع الآخرين أهل ومجتمع وأمة وإنسانية .
 ٢-الإنصاف الذي يعني عدم تجاوز حدود الله والعقل النظري والعملي في التعامل مع الآخرين.
٣-تذكر أن من أهم عناصر المقبولية في ليلة القدر هو الابتعاد عن الشحناء والضغينة.
 ٤- الإقبال على ليلة القدر تعني الجدية في إحيائها بقيمها النبيلة من الرحمة والعطف والتفاعلية مع الوجود بل والفاعلية الإيمانية في المحيط الضيق.


التقدير والتغيير

يستفيض الشيخ حسام الصلاط في حديثه معنا حول مفصلية ليلة القدر وعظيم تأثيرها على مصير المؤمن، وليس فقط في ما يليها من أيام، فليلة القدر هي ليلة تقدير الأمور ولكن التقدير في جزء منه بحسب ضيفنا يعتمد على فعل الإنسان واختياره. يقول الصلاط: "فمتى ما علق التغيير على الله تعالى فقط،لم تكن ليلة القدر سوى ساعة عابرة ذرف فيها دمعة أو طوى لحظات الإحياء طيًّا بعيدًا ملامسة الروح والعقل". أما في المقابل يؤكد الشيخ أن من يعلم أن تقدير الله عز وجل في بعض أجزائه يرتكز على فعل الإنسان  ( إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ) فالتغيير له ركائز كما يقول وهي أيضًا:
١-وعي الذات واكتشافها قوة وخللًا للنهوض بها منذ الخروج من مكان إحياء أعمال ليلة القدر .
٢-التماس بركات ليلة القدر وهو الشعور بالحيوية والإنشراح وهو ما يحفز الإنسان على مواصلة الطريق للعام القادم مع التزود من المحطات اليومية والأسبوعية والموسمية حتى لا تفتر همة استشعار العبودية الحقة وهي عمارة الأرض بكل عمل جميل من العبادات أو القيم .
هنا يطرق سؤال باب الفضول:  هل الطمع في المغفرة مفهوم إيجابي أم سلبي ؟
يجيبنا الشيخ: "الطمع كلمة تحمل دلالات بحسب الاستخدام، ولكنها في طلب المغفرة تدل على اللهفة الشديدة مع الشعور بأن عدمها خسران، لذا عبر القرآن الكريم بضرورة المسارعة الذي يدل على اللهفة والشعور بأهميتها  (سارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين ) لذا يعتبر إيجابيًّا متى ما انضم مع إرادة التغيير.
ومسك ختام لقائنا مع الشيخ حسام هو دعاءه في هذه الأيام المباركة "أن يزين الله تعالى الأرض بنوره المشرق ووليه الأعظم - عجل الله له الفرج والنصر - وأن يجعلنا ممن ينتصر به لدينه وأن لا يستبدل بنا غيرنا، وأن يجعلنا من الصالحين ويحفظ المؤمنين والرساليين".

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد

مواقيت الصلاة