لقاءات

محسن غريب: النقد النصف الآخر للفن

 

ربى حسين .. 

"وكن إنسانًا قبل أن تكون فنّانًا"
بدأ مشواره بالخط العربي ومن ثم بالنحت والفن التركيبي، أقام ويقيم العديد من الورشات الفنيّة في البحرين ودول الخليج. ومؤخّرًا لجأ ضيفنا الكريم الفنان البحريني على مدى ثلاثين عامًا "محسن غريب" إلى إعادة تدوير بعض المخلفات لإنشاء قطع أثاث للمنازل أو ديكور ضمن إطار فنيّ مبتكر يضفي جمالاً يمتاز بالتفرد. 


كان لشبكة فجر لقاء معه للحديث أكثر عن فنّه المتميّز، فأحبّ في مستهل الحديث التّعبير عن نظرته الخاصّة تجاه الفن ورسالته الفضلى. 


_ الفن رساله راقيه تحمل هموم البشرية وتنقل الواقع  وحالة من الجمال الروحي والسعادة الإنسانية. شعاري هو "كن إنسانًا قبل أن تكون فنانًا"، الإنسانيه هنا بمعنى صفاء الروح وحب الآخرين واحترامهم وتقديم كل ما هو جميل لهم.
 وقد كان لنا وقفة مع بداياته الأولى في الخطّ والرّسم المتميّز.


_ بداياتي كانت منذ كان عمري ١٤ عامًا، بدأت بالخط العربي واستمر حتى  عمر ٢٢. بدأت أرسم اللوحات الحروفيه،  كما النحت ولم أتاثر حينها بأي فنان في هذا المجال أي "المدرسة الحروفيه"، لكنني تعلمت الخط من أساتذتي عبدالإله العرب، سلمان أكبر، وإبراهيم بوسعد. وكانت أول لوحة رسمتها "بلسم الروح" وقد تبعت الفن الحروفي. 


 تميزت لوحاته بالبراعة والإبداع، بعيدًا عن الأشكال الكلاسيكية الثابتة، حيث اشتغل محسن غريب على الحرف العربي الذي استلهم مفرداته من الشعر والمواعظ ووظفها بأسلوب فني مغاير وتشكيلية ثرية. وقد اشتهر غريب بأعماله الحروفية التي ترتكز على الحرف العربي المعروف بطواعيته وليونة الفريدة، ذي الجمالية التي تضفي روحًا على أعماله، وهذا واضح حين التّنقل بين لوحات الفنان الغريب حيث تأخذك كلّ واحدة منها إلى عالمها الخاص.  


وعن الأوقات المثلى للرّسم يرد غريب بأن أفضل وقت عنده هو الفجر بعد الصلاه وفي أوقات اللّيل. وهذا ما كان مستغربًا إذ قلّما نرى الألوان الدّاكنة الّتي تعكس شخصيّة أولئك الّذين يفضلون اللّيل على ضوء النّهار، بل على العكس، فصخب لوحاته وألوانها الزّاهية كان لافتًا.


لكل فنان علاقة خاصّة مع لوحاته، وضمن هذا الإطار اعتبر الأستاذ محسن غريب الّذي عرّف لنا عن نفسه بأنه "فنان متفرّغ للفن" أنّها علاقه العاشق مع المعشوق" فلوحاتي جزء من كياني ووجودي أستوحيها من الوقائع والأحداث والمكان الذي أعيشه سواء في بلدي أو أي بلد أزوره فأنقل ثقافة البلد بأسلوبي الخاص".


غالباً ما يحتفظ ببعض القطع المتبقية من أعماله لاستغلالها خلال أوقات فراغه في تصميم عمل فني غير مخصص للبيع وإنما عمل فني بحت، كاستخدامه قطع الخشب لتصميم مجسم على شكل حصان يمكن استغلاله كأحد ديكورات المنازل.


عرّف الأستاذ محمد قطب الفن كمحاولة البشر لتصوير الإيقاع الذي يتلقّونه في حسّهم من حقائق الوجود، أو من تصوّرهم لحقائق الوجود في صُورة جميلة مُؤثّرة. ويعرّف آخرون النّقد الفني أنّه التّذوّق في أعلى مستوياته، فكيف ينظر ضيفنا الكريم إليه؟


النقد النصف الآخر للفن وبدونه الفن ناقص (النقد البناء) والقراءه الفنيه ضروره ملحة لفهم اللوحات وهي همزة وصل بين الفنان والجمهور.  


وقد كان لحديثنا معه وقفة للتفصيل أكثر في الهويّة الفنيّة لأعماله المتميّزة، باعتبار أنّ التّحديد بالأسلوب واللّون هوية يختصّ بها كلّ فنان على حدة.


_ كل فنان يسعى أن يكون له أسلوبه الخاص وألوانه الخاصة التي يمكن أن تتغير من فترة إلى أخرى حسب المزاج والظروف. سنة 1993 كان لدي أسلوب الحروفية وبدأ يتطور إلى أن بات لدي في سنة 2017 أسلوب خاص بالفنان محسن الغريب . كما وأشار ضيفنا الكريم أنّ الحريّة في الرّسم ضمن مدارسه المعروفة أمر مباح، لكن وفق قواعد وأصول معيّنة بعيدة عن العشوائية لكي لا يفقد العمل الفنّي قيمته الفنيّة.


يقوم بعض الفنّانين بإدخال عناصر جديدة على مدارسهم الفنيّة كنوع من الحداثة. ومن الملاحظ أن الألوان الممزوجة والمواد المستخدمة تطفي نوعًا من التغيير على لوحاتك.


_ وبعد فترة من الزّمن والتجريد حاولت إدخال عناصر جديدة فمثلًا إن تحدّثنا عن المحارب حاولت إدخال الخوذة مثلًا أو شخصيّة الشّايب، بحيث لا يكون هناك نشاز بصري بل انسجام بين مكنونات اللّوحة. وأضاف: "طبعًا المزج بين المدرستين الخط والرّسم ليس سهلًا، وأنا أحاول المزج على شرط أن يبقى الحرف هو البارز وهذا يحتاج إلى وقت".


 وفي نهاية حديثنا معه توقّفنا عند مسألة تهم الكثير من الفنّنانين الّذين يشكون من غياب الدّعم لهم على كافة المستويات، وهذه صرخة يسمع صداها في الكثير من المناسبات الجامعة لهم كالمعارض الفنيّة الّتي تقام من حين لآخر.


_الدعم المادي والمعنوي للفنان مهم. وتوفير كافه الإمكانيات لذلك وتقديره، وإعطاؤه فرصة إثبات الذات، هو ما ينتظره الفنان من المحيط المجتمعي والجهات الرّسمية. وختم أنّ على الفنان أن يسعى لإبراز نفسه دون انتظار الدعم والعمل الجاد على تطوير نفسه.

وبعد هذا المسير من الفن والإبداع المتواصل لا يزال في خاطره حلم يسعى لتحقيقه: " ... وحلمي أن أوصل فني لأبعد نقطه على هذا الكوكب". فالوصول للعالميّة يبقى حلمًا يراود كلّ فنان موهوب يثق بموهبته وإبداعه.

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد

مواقيت الصلاة