فجر الجمعة

الشيخ عبد الكريم الحبيل: ذكرى هدم البقيع

نداء الجمعة || الخطبة الثانية

الشيخ عبد الكريم الحبيل: ذكرى هدم البقيع

في خطبتنا الثانية هذه أذكر بما مر بنا في يوم الأربعاء الماضي هذا وهو اليوم الثامن من شهر شوال يوم ذكرى هدم أضرحة وقباب أئمتنا (ع) في البقيع، في عام 1343 للهجرة تم هدم تلك القباب الطاهرة وسويت بالأرض، ومعها قبور الصحابة وأهل البيت (ع)، وليس فقط في البقيع، بل في كل مناطق الحجاز، في مكة، في الطائف وفي غيرها من المناطق، بل أيضا كذلك امتدت اليد إلى كل الآثار الإسلامية، وكل ما يرتبط بتاريخ الإسلام وتاريخ رسول الله (ص)، فلم يبق لذلك أثر، في مكة آثار كثيرة لرسول الله (ص)، بيت رسول الله، مكان ميلاد رسول الله، وغيرها من الأماكن الكثيرة والآثار الكثيرة التي تشد المسلم بدينه وعقيدته، وتشد المسلم بإيمانه وإسلامه، وتشد المسلم بمبادئه وبتاريخه الأصيل، وبرجالاته الذين أحدثوا كل ذلك التغيير، وقدموا كل ذلك العطاء، وبنوا هذه المنظومة الإسلامية الكبرى وحافظوا عليها، الأمة حينما تمتلك تاريخا وترتبط بتاريخها وبعظمائها تبقى أمة ذات أصالة، وأمة ذات قيم، وأمة ذات تاريخ، التاريخ النير المضيء، ينعكس أثره على الأجيال، على أبناء كل جيل وفي كل زمان وفي كل مكان، حينما أنا أذهب إلى ذلك المكان الذي يذكرني بمواقف رسول الله، ويذكرني بتاريخ رسول الله (ص)، هنا ولد، هنا كان بيته، هنا كان يعقد ندوته مع أصحابه وفي دار دعوته، هنا معركة الخندق، هنا معركة بدر، هنا معركة أحد، هنا... هنا، هنا أهل البيت الأوائل الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا، حينما أرتبط بتلك المواقف وبذلك التاريخ وبأولئك العظماء لا شك أني أرتبط بديني وبعقيدتي وبكل تلك المواقف العظيمة التي ينعكس أثرها عليّ وعلى كل الأجيال، إنعكاسا عظيما ومؤثرا في حياتي أما عندما تمر الأيام ولا أذكر بأي شيء منها ويمر تاريخ العظماء ولا أذكر لا بميلاده ولا بيوم وفاته ولا أعرف أين قبره ولا أين أثره وأمحي كل تلك الآثار أنا أنقطع عن تاريخي وعن ديني وعن إسلامي وعن أصالتي ولا شك أن هذا يشكل خطرا كبيرا حينما تنقطع الامة عن تاريخها وتنقطع الامة عن أصالتها والله سبحانه وتعالى يقتص علينا في كتابه الكريم من خبر نبيه موسى (ع) يقول تعالى مخاطبا نبيه موسى " وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ" 5 – إبراهيم، أيام الله التي مرت على بني إسرائيل تلك الأيام التي الله سبحانه وتعالى أحدث لهم فيها إنتصارات عظيمة كاليوم الذي أقيم بين موسى وبين أولئك السحرة وصار النصر لموسى وكيوم فلق البحر لموسى وغيرها من الأيام، كذلك نحن الأيام التي مرت في تاريخ رسول الله (ص) وتاريخ الإسلام والمواقف ومن ذلك قبور عظمائنا التي ينبغي أن تخلد لتبقى منارات ساطعة وليبقى تخليدها تخليد لأولئك العظماء، وتكريم لأولئك العظماء والأمم التي لا تكرم عظمائها أمم تلك أمم جاهلة أمم لا تمتلك قدرا من الحضارة والشرف، أسأل الله أن يرينا قبور أئمتنا في البقيع مشاهد عامرة بذكر الله، وأن تبنى تلك القبور ويعاد لها عزتها وكرامتها وهي كريمة وهي شريفة وهي رفيعة بحرمة وشرف ورفعة أصحابها (ع).

 

مواقيت الصلاة