لقاءات

حيدر علوي هاشم: الخط العربي مادة خام مثل الزخرفة وهو من أساسيات الهوية العربية


نسرين نجم ..

شاب يحمل شهادة بكالوريوس تربية فنية وفي قلبه يحمل عشقًا للريشة وكل ما يتعلق بجمالية الفنون التي يهندسها بإبداع بما يتوافق مع رسالته الفنية الإيمانية، تتلمذ على أيدي كبار أساتذة الخط كالأستاذ نافع التحيفاء والأستاذ علي السواري وحاليًّا يستفيد من خبرات الأستاذ حسن رضوان آل عابد، وهو عضو جماعة الخط العربي بالقطيف وعضو جمعية الثقافة والفنون بالدمام وعضو ملتقى نحاتي الخليج إنه الخطاط والنحات حيدر علوي هاشم الذي أجرينا معه هذا الحوار:


* تطور الاهتمام بالخط العربي:
 يسهم الخط العربي بجمالياته في نقل مضامين النصوص ومن خلالها نقل الأفكار بصور خطية جمالية عبر البصر لتحتل مكانة في الذهن. ولتحقيق هذه الغاية، من الضروري على من يخوض عالم الخط العربي أن يكون لديه موهبة، وعن هذا يقول السيد حيدر العلوي: "اخترت الخط العربي لأني رأيت نفسي مميزًا بالخط عن أقراني في المدرسة من خلال الكتابة بالقلم العادي في الدفتر أو بأقلام الرصاص أيضًا بالطباشير على السبورات الخشبية ونبهني زملائي والمعلمون لذلك أيضًا في الدرس المسائي في المسجد في الحلقة ومنها عرفت أنني بارع  في هذا المجال".


وحول واقع هذا الفن في عالمنا العربي يقول: "الآن فن الخط العربي في العالمين العربي والإسلامي في تطور قوي وانتشار من خلال الممارسة أو المعارض والمسابقات حيث نرى بعض الدول تولي اهتمامًا كبيرًا بهذا الفن منها على سبيل المثال تركيا متمثلة بأرسيكا والإمارات والكويت وأيضًا في المملكة.
والمتابع لهذا الفن في السوشيل ميديا يرى الإنتاج الكبير والكم الهائل من المخطوطات يوميًّا تتنشر حتى صارت في متناول أيادينا صور لأعمال الخطاطين القدامى التي كنا لا نكاد نراها حتى في الحلم ."


كما هو معروف فإن الخط العربي له أنواع عديدة وكثيرة إلا أن الخطاط حيدر علوي هاشم ركز على: "خط النسخ مثلًا من الخطوط التي ركزت عليها وتقريبًا التخصص في الخط يتيح المجال للخطاط بالتركيز والاتقان أفضل من التشتت . أنا اخترت المدرسة التركية العثمانية في النسخ والأسلوب التقليدي، بالنسبة للإضافة لا أعتقد الفنون الإسلامية تشبه الغربية في هذه النقطة.  فالخط تطور عبر زمن طويل وسلسلة خطاطين، ووصل لذروة الجمال فمن الصعب تطويره لكن هناك إبداع في قوالب معينة أو تصميمات للشكل العام، أما التفاصيل فأعتقد بأن الخطاطين المعاصرين يكتبون بحروف جميلة جدًّا في خط النسخ تكاد تسحر الناظر، باعتقادي، أقول لمن يريد التطوير في بعض الخطوط كالنسخ  أن يبتعد ويخترع خطًا آخرًا ويطور فيه ."

وعن مدى انعكاس الخط العربي وارتباطه بثقافة البلد أو حتى بالتراث الشعبي يقول: "الخط العربي طبعًا هو فن إسلامي مرتبط باللغة وبالقرآن وهو من الفنون الإسلامية المهمة حيث نراه في العمارة والنحاسيات والخزف والمنحوتات الخشبية فالخط مادة خام مثل الزخرفة وهو من أساسيات الهوية العربية بشكل عام فضلًا عن الشعبية أو تراث أي بلد عربي ."


من الواضح أن مزاولة الخط العربي ليست بالأمر اليسير والصعب وهذا ما يؤكده الخطاط حيدر علوي هاشم: "فن الخط هو فن صعب وصناعة تحتاج إلى صبر . الخط العربي إذا أعطيته كلك أعطاك جزءه . لابدّ للمتعلم للخط من أن يرافقه  أستاذ خطاط يأخذ منه ليختصر عليه الطريق، وأيضًا من الضروري الاستمرارية وعدم الانقطاع فالخط يحتاج لمراس وهو من الفنون البصرية التي تتعامل مع بعدين فقط وأشكال تجريدية من الصعب أن نحقق فيها الجمال إذا لم نكن مطلعين على لوحات الأقدمين ومتقنين لصنعتنا ومتابعين للأدوات والخامات المساعدة على ذلك من حبر وقصب وورق وغيره".


* النحت لغة من اللغات الراقية:
إلى جانب كونه خطاطًا لديه هواية أخرى يبدع فيها ألا وهي النحت، هذه الهواية تحولت إلى شغف لديه فتعلق بها وعمل على تطويرها: "طبعًا اخترت قسم التربية الفنية لكون المملكة لا يوجد بها كليات فنون جميلة وهذا التخصص أقرب تخصص للخط العربي والحمد لله استفدت كثيرًا . من خلال دراستي عملت دورة لنحات إيطالي (ديونيسيو شيمارللي) مدة أسبوعين وحضرها فنانون من مختلف المناطق ووقع الاختيار على ثلاثة طلاب مرشحين للانضمام لدورة النحت على الرخام، ومنها تفتح ذهني للنحت وبقيت أمارس النحت بشكل خفيف وأتعلم لكن على خامة الخشب".
وهو يعتبر بأن النحت لغة، وحول ما إذا كان هذا الفن يعكس شخصيته يقول: "النحت والفنون التشكيلية الأخرى هي لغات تعكس ما نريد قوله من مواضيع بشكل وطرح فني راقٍ ممكن قراءته في أي مكان بغض الطرف عن اللغة . بالنسبة لي تجربتي في النحت تحتاج لممارسة أكثر ففي جعبتي الكثير وما زلت أتعلم . ربما اللوحة أو المنحوتة لا تعكس شخصية الفنان مثل التمثيل، إذا اراد الممثل تقمص شخصية أخرى يستطيع من خلال فنه".

وحول ما إذا كان الخط والنحت يلتقيان فيقول: "نعم يلتقيان إذا أردنا، مع أن الخط العربي ذو بعدين، والنحت ثلاثة أبعاد، لكن الفنون تلتقي في الأسس، فالموسيقى فيها إيقاع والخط والتشكيل والنحت وقس على ذلك".
فهل استطاعت هذه الفنون الجميلة والراقية أن تجذب الشباب إليها؟ وكيف يمكن أن نعززها لديهم؟ يجيب الخطاط والنحات هاشم: "الشباب عادة يمرون بطور اكتشاف مواهبهم وهواياتهم، فإذا لم يلاقوا تشجيعًا سينصرفون عنها لكونها صعبة خصوصًا النحت، أيضًا الخط يكون إنتاجه بطيئًا فيمل الشباب لذلك نلاحظ مثلا كثرة المصورين الفوتوغرافيين مقارنة بالفنون الأخرى".
وحتى الآن لديه في جعبته الفنية: "الكثير والكثير في مجال الخط والنحت أيضًا . هذه الأيام سيقام معرض مشترك ومشاركتي فيه بمنحوتتين من خشب السدر . أيضًا عندي بعض المنحوتات قيد الإنجاز وحوالي ١٠ لوحات تنتظر التأطير فقط . والقادم أفضل بإذن الله".
هذه الأعمال الفنية تحتاج إلى جهود وكما سبق وقلنا بأنها ليست من الفنون السهلة وهي تواجه الكثير من الصعوبات والعوائق منها: "عدم توفر الأدوات واستيرادها من الخارج . وأيضًا عدم الاهتمام بالفنون وتشجيعها واقتنائها لأن الفنان يخسر ماديًّا كثيرًا ولا يجد من يقتني أعماله فهذه تعتبر حلقة ناقصة تصيب الفنان بإحباط وإن كان فنه قويًّا، ربما يصل لمرحلة لمن تخط ولمن تقرأ؟"، وهو يطمح بأن "يخلد  الفن اسمي  وينتقل  فني  للجيل القادم".


ويتوجه بنصيحة لمن يرغب بدخول هذا العالم  بالقول: " كلما تعلم الإنسان في الصغر كان أفضل لحصول الملكة في الخط لكن النحت يحتاج للوقت الذي  يصل فيه الشاب لعمر نستطيع أن نتركه يعمل بأدوات خطيرة وحادة ربما يكون ذلك حول عمر ال ٢٠".
وحول مشاريعه الحالية والمستقبلية يقول: "في الخط كتبت سورة يس وجزء عم وكان الهدف ببدء مشروع كتابة المصحف لكن لم أبدأ. إن شاء الله تتيسر الأمور وأبدأ في هذا المشروع . بالنسبة للنحت الآن المشاركات في المعارض وإن شاء الله نحصل على مشاريع منحوتات جمالية كبيرة لتزيين المدن ".

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد

مواقيت الصلاة