علمٌ وفكر

عندما يتعلق الأمر بأدمغتنا، لا يوجد شيء اسمه عادي


المترجم: أبو طه/ عدنان أحمد الحاجي ..

خلاصة: لا غضاضة في أن تكون غريبًا بعض الشيء. نظرًا لأننا نفكر في الاضطرابات النفسية على أنها كلّ متكامل متصل continuum، فقد نشعر بالقلق عندما لا تتطابق أساليبنا الخاصة للتفكير وتصرفاتنا مع مفهومنا المثالي للصحة. لكن بعض التباين يمكن أن يكون صحيًّاًبل قابلًا للتكيف، كما يقول الباحثون، على الرغم من أنه يمكن أن يعقد أيضًا المحاولات لتحديد علامات موحدة لعلم مسببات الأمراض - الباثلوجيا .
يقول أخصائي علم النفس الإكلينيكي والمؤلف الرئيسي أفرام هولمز من جامعة ييل: "أؤكد أنه لا يوجد وضع طبيعي ثابت". "هناك مستوى من التباين في كل سلوك من سلوكياتنا". التباين السليم هو المادة الخام التي يتغذى عليها الانتقاء الطبيعي، ولكن هناك الكثير من الأسباب التي قد تجعل التطور لا يصل إلى نسخة مثالية معزولة لسمة أو سلوك. "أي سلوك ليس سلبيًّا فقط أو إيجابيًّا فقط. هناك فوائد محتملة لكليهما (السلبي والإيجابي)، بحسب السياق الذي وُضعت أنت فيه". كما يقول افرام.
على سبيل المثال، البحث عن الإحساس الاندفاعي، وهو الرغبة في المخاطرة من أجل الحصول على ممارسات جديدة ومثيرة والتي لها جذور في تاريخنا التطوري كعلاّفين foragers.دائماً ما يُنظر إليه (يعود الضمير على الإحساس الاندفاعي) بشكل سلبي .
البحث عن الإحساس الزائد يرتبط بأشياء مثل استخدام المخدرات والإجرام  والسلوك الجنسي الخطير والإصابات الجسدية. ويقول: "لكن لو قلبته رأساً على عقب وبحثت عن نتائج إيجابية محتملة، فإن هؤلاء الأفراد قد يترعرعون أيضًا في بيئات معقدة وصاخبة، بحيث يكون من المناسب لهم أن يخاطروا ويبحثوا عن الإثارة". وغالبًا ما يكون لديهم دعم اجتماعي أكثر، ويكونون منفتحين أكثر، وأكثر ممارسة للرياضة.
وينطبق الشيء نفسه على القلق. يقول هولمز: "قد تكون معزولاً أكثر في الحالات الاجتماعية وقد تجد صعوبة أكبر في بناء صداقات". "ومع ذلك، فإن هذا القلق نفسه، لو فكرت فيه في وضعية مكان العمل، فهو ما يحفزك لتحضير محاضرة كبيرة. ولو  كنت في مدرسة، فهو نفس القلق الذي يحفزك لتدرس من أجل الامتحان". كما يشير أيضًا إلى أننا نمتلك قدرًا أكبر من السيطرة على السياقات التي نعيش فيها أكثر مما نظن، مما يعني أنه من الممكن جدًّا أن ينتهي بنا المطاف في بيئة تفضل الطريقة التي تعمل بها أدمغتنا..
ولكن لو كان الاختلاف في أي سمة معينة أمرًا طبيعيًّا، فإن ذلك يثير تساؤلات حول ما يميز السلوك المضطرب، والذي شدد عليه (الباحث) على أنه ظاهرة حقيقية إلى حد كبير. "قد يكون الأمر كذلك لو  كزت على نمط موروث ظاهري  phenotype  واحد، فلا يوجد خط محدد يفصل الصحة عن الأمراض، ويجب علينا التفكير في أنماط موروثه ظاهرية متعددة تزامنيًّا"، كما يقول.
هذا يجعل الأمر أكثر تعقيدًا لمحاولة العثور على علامات حيوية للأمراض النفسية، وهو ما عمل هولمز عليه طوال حياته المهنية. المقاربة المعتادة هو تقسيم الاضطراب إلى مكوناته والبحث عن علامة جينية أو عملية بيولوجية مرتبطة بجزء معين، ثم البحث عن تلك العلامة أو العملية في عموم المجموعة الكاملة لمعرفة ما إذا كان بإمكانها التنبؤ بالاضطراب. المشكلة، كما يقول، هي أن "نمط موروث ظاهري  phenotype وحيد في عزلة [عن البقية] لن يكون ضروريًّا أو كافيًا لإحداث مرض".
"ما نريد أن نحاول القيام به هو بناء مقاربات متعدد المتغيرات  multivariate يأخذ في الاعتبار في مجالات متعددة للسلوك البشري بشكل متزامن، لمعرفة ما إذا كنا نستطيع تعزيز قوتنا في التنبؤ بالمآلات النهائية للناس"، كما يقول. تم جمع مجموعات بيانات كبيرة ومفتوحة المصدر في السنوات الأخيرة والتي يمكن استخدامها في هذه الجهود، ولكن هولمز يشير إلى أن العمل سيحتاج بالتأكيد إلى التعاون بين المختبرات والمؤسسات المختلفة - وبعضها قيد التنفيذ بالفعل.
ما يعنيه هذا، على الرغم من ذلك، هو أنه ليس من الملائم أن نفكر في أنفسنا من حيث السمة الواحدة إما أن تكون جيدة أو سيئة، أو صحية أو غير صحية. يقول: "هذه قضية أوسع نطاقًا في مجتمعنا، لكننا نسعى جميعًا إلى بعض نماذج اصطناعية مطابقة للأصل، سواء أكانت مظهرًا جسديًّا أو شبابيًّا أو ذكاءً أو شخصية. ولكننا بحاجة إلى إدراك أهمية التباين، في أنفسنا وفي الناس من حولنا، لأنها تخدم غرضًا قابلًا للتكيف في حياتنا".
تم دعم هذا العمل من قبل المعهد الوطني للصحة العقلية.


المصدر:
https://www.sciencedaily.com/releases/2018/02/180220123129.htm

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد

مواقيت الصلاة