مقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
الشيخ رضا الصغير
عن الكاتب :
طالب علوم دينية في حوزة قم المقدسة

الإمهال


الشيخ رضا الصغير ..

معلمنا كان يدخل كل يوم إلى القاعة مبتسماً، الطلاب لا يزالون في ضجة وصراخ، عدة دقائق تمر حتى يهدأ الجميع، الابتسامة لا تفارق محيّاه، وإن أساء البعض إليه.
صديقي سألني مرةً، هل الاستاذ متبلد المشاعر والإحساس؟! والله لو فعل لي فلان ما فعل بالأستاذ لما تركته، أثرت هذه الكلمات بداخلي، ولم أجد جواباً لذلك الاستفسار، وفي ذات يومٍ دخل الأستاذ إلينا فبادره التلميذ بنفس الفعل المستنكر.
 فلم يبتسم الأستاذ وظل ساكتًا دون حراك، فخيم الصمت على أجواء القاعة وحل الظلام، وفشى نوع من الخوف والوجل بين الزملاء، فبادره الطالب ذو الفعل المستنكر ما بالك يا أستاذ ؟!
فلم يجب المعلم على السؤال !
أحس الطالب أن الأستاذ استاء من تلك الأفعال، فقال هل أنت غاضب من فعلي؟! لكنك عودتني مع كل ذلك الابتسامة وطول البال !
وبعد صمتٍ نطق المعلم وقال :
اسمع يا بني ولا أخصك بالمقال، الأمر الحسن حسنٌ ولو قيل عنه ضلال، والأمر السيء يبقى سيئاً ولو قيل لك أحسنت الفعال.
لا تقل تعودت منك حسن الخصال، إذا لم تلتفت إلى ما تفعل، لا تستهن بقلوب الرجال، وضع نفسك موضع الآخر،  فإن قبلت أن يفعل بك كما تفعل، فلا تترد تلك هي علامة  الحسن بين العقلاء، وإن لم تقبل فراجع نفسك وتأمل، فهل ما أنت تطلبه يطلبه الآخر أم لا ؟
إن كان كذلك فتغاضيه عنك إما ترفعاً وعملًا بحسن ذاته، أو صبرًا عليك ليأتي يومٌ وترتقي كما ارتقى بأخلاقه.
بني!  لا تتعود الجفاء وتجاهل الأصدقاء، ولا تقل أنا هكذا، فقد خلقت عارياً من كل شيء، فكما ارتديت هذا اللباس البالي، يمكنك أن تشتري لباساً راقياً وترتديه.
والثمن موجود، لكن ابحث عنه في كنزك المدفون في أعماقك، انتبه بني من الآخرين إذا أمهلوك، فهناك من يمهل ولا يهمل!

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد

مواقيت الصلاة