علمٌ وفكر

اقتصادي من جامعة ييل يحقق في تكلفة وقيمة التعليم العالي


المترجم : أبو طه / عدنان أحمد الحاجي

أثناء دراسته الجامعية في جامعة ييل، أخذ الخبير الاقتصادي جوزيف التونجي دورة تمهيدية في الاقتصاد الكلي ماكروايكونوميكس macroeconomics الذي كان يدرسه جيمس توبين، أستاذ  الاقتصاد.
تولى توبين، الحاصل على جائزة نوبل في الاقتصاد عام ١٩٨١، أحد أقسام المناقشة للدورة - وهي وظيفة عادة ما تكون مخصصة لمساعدي التدريس من طلاب الدراسات العليا.  
"كان دوره أول شيء في الفترة الصباحية، لذلك لم يكن قد أخذ مجموعة عشوائية من الطلاب"، قال ألتونجي، أستاذ دويت توماس كويلير للاقتصاد في جامعة ييل. ورث ألتنجي مكاناً في جزء الدورة التابع لتوبين التونجي Altonji  الذي حصل على شهادة البكالريوس في سنة ١٩٧٥. استفاد من الفرص الأكاديمية التي توفرها له جامعة ييل Yale، الأمر الذي أثار شغفه بالاقتصاد. (لقد وصل إلى الحرم الجامعي ظنًّا منه أنه سيتخصص  في التاريخ). لقد عمل كمساعد لباحثيين اثنين من أعضاء هيئة التدريس البارزيين، هنري واليتش وميرتون جوزيف بيك، في قسم الاقتصاد. كتب مشروع التخرج حول تنظيم نقل البضائع الأرضي، والذي أشرف عليه الاقتصادي جون بيك.

قال التونجي عن مشروعه للتخرج: "كانت لي تجربة رائعة معه". "لقد كان مشروعًا فوضويًّا كبيرًا بالكاد تمكنت من إنجازه، لكنني تعلمت قدرًا كبيرًا منه".
لقد أقنعه التدريب الصيفي في واشنطن العاصمة، حيث كان  يدرس إصلاح نظام الرعاية الاجتماعية، بمتابعة دراسة  الدكتوراه في الاقتصاد، كما قال.
التونجي، الذي انضم إلى هيئة التدريس في جامعة ييل في عام ٢٠٠٢، متخصص في اقتصاديات العمل والاقتصاد القياسي econometrics التطبيقي - استخدام الأساليب الرياضية والإحصائية في دراسة البيانات والمسائل الاقتصادية. وقد خصص جزءًا من أبحاثه لتحليل كيف تؤثر الخيارات التي يتخذها الناس في المدرسة على خياراتهم في وقت لاحق من الحياة.
لطالما كان التعليم موضوع اهتمام لقوة الاقتصاد القياسي الذي يخلق قيمة اقتصادية لشركة أو دولة - كان رائدا الاقتصاد القياسي الاقتصاديان جاري بيكر وجاكوب مينسير.
"شعرت أنه لم يكن هناك ما يكفي من الدراسات قيمة تخصصات مختلفة من التعليم"، كما قال التونجي.
في أواخر الثمانينيات وأوائل التسعينيات من القرن الماضي، بدأ ألتونجي في دراسة قيمة المواد الدراسية في المرحلة الثانوية المختلفة.
وقال: "لقد حققت بعض التقدم، ولكن في النهاية، كانت قيمة هذا العمل في جذب الانتباه إلى المسألة".
بدأ التونجي في استكشاف حالة عدم اليقين التي ترافق القرارات التي يتخذها الناس بشأن تعليمهم. على سبيل المثال، يمكن أن تحدد المواد التعليمية التي يختارها طلاب الكلية في السنة الأولى مسارهم الدراسي بالكامل، وتوجههم إلى مجال أو آخر، وتؤثر على خياراتهم المهنية.
فقد كتب ورقة في عام ١٩٩٣ وضعت إطارًا نظريًّا لمراعاة عدم اليقين هذا، وقدمت تحليلاً تجريبيًّا يقيس قيمة البدء في مرحلة الجامعة والعوامل التي يعتمد عليها، مثل كفاءة الفرد، أو خلفية العائلة، أو المناهج الدراسية في المرحلة الثانوية.

على مدى السنوات العديدة الماضية، ركز عمله البحثي على قيمة تخصصات الجامعة والدراسات العليا. في العام الماضي، أكمل دراسة مع  سيذ زيمرمان Seth Zimmerman.  هو أستاذ مساعد في الاقتصاد في جامعة شيكاغو، مستكشفين التكاليف والعائدات الصافية لمختلف التخصصات الجامعية. حصل الباحثان على بيانات من نظام الجامعات العامة بفلوريدا على تقديرات التكاليف الخاصة لمواد دراسية معينة بالإضافة إلى بيانات الدرجات الخاصة بالطلاب. باستخدام هذه البيانات، قاموا بتسعيرة تكلفة كل طالب لمدة أربع سنوات ووزن المصاريف مقابل مداخيل الطلاب على مدار ١٠ سنوات بعد التخرج.
ووجد الباحثان أن الهندسة كانت التخصص الأكثر تكلفةً، حيث بلغت تكلفتها  ٦٢٢٧٩ دولار أمريكي لكل متخرج، على الرغم من أن التخصصات  الهندسية تحقق أعلى مداخيلها في بداية مسيرتها المهنية.  تخصص الأعمال (يكلف ٣١٤٨٢ دولار) وتخصص علوم الكمبيوتر (يكلف  ٢٣٦٣ دولارًا) هما تخصصان منخفضا التكلفة نسبيًّا وينتجان خريجين ذوي دخل مرتفع، ويقدمان أفضل عائد على أساس كلفة الدولار الواحد. ووفقًا للدراسة، الفنون البصرية (تكلف ٤٢٧١٠ دولار) والهندسة المعمارية (تكلف ٧٦٨٦٤ دولار) وهما باهظا التكلفة إلى حد ما، وينتجان خريجين ذوي دخل منخفض نسبياً. (يبلغ متوسط التكلفة ٣٩١٤٨دولار لكل خريج).
وقال التونج إن التكاليف التعليمية تمثل الكثير من الاختلافات بين التخصصات. تتطلب الهندسة وجود أعضاء هيئة تدريس من ذوي رواتب عالية ومُختبرات أو فصول بنسبة منخفضة بين المعلمين والطلاب. وبالمثل، يتطلب الفن والهندسة المعمارية عملًا في الاستوديو وتوجيهًا وثيقًا بين الطلاب وأعضاء هيئة التدريس مما يؤدي إلى ارتفاع التكاليف.
واستشهد بثلاثة عوامل يجب على المسؤولين النظر فيها عند اتخاذ قرار توسيع مجالات الدراسة.

أولاً، يجب أن يأخذوا بعين الاعتبار تأثيرات رئيسية على مداخيل الخريجين. وقال "هذا له آثار على الحكومة التي تحصل على جزء من أرباحنا من خلال الضرائب".
ثانيًا، يجب أن يأخذوا بعين الاعتبار القيمة الاجتماعية للحقل. "نحن بحاجة إلى أخصائيين اجتماعيين ومدرسين وفنانين"، كما قال. نحن بحاجة إلى متخصصين في مجال العلوم ومهندسين أيضًا. يحتاج مديرو الجامعات إلى إيجاد التوازن الصحيح".
ثالثًا، يجب أن يفكروا في تكلفة كل تخصص، على حد قوله.
يمكن أن توجه هذه النتائج المديرين الذين يقومون بموازنة ما إذا كانوا يغيرون الرسوم الدراسية لبعض الحقول بناء على تكاليف التعليم، على سبيل المثال، فرض رسوم على التخصصات الهندسية أكثر من التخصصات الإنجليزية.
وقال "كان هناك بعض التحرك للقيام بذلك، لكنه يثير مخاوف مهمة". "يمكن أن تؤدي زيادة الرسوم الدراسية للهندسة وحقول العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات الأخرى إلى خلق حاجز إضافي أمام الناس، بما في ذلك النساء والأقليات العرقية، الذين يعانون بالفعل من نقص التمثيل في هذه المجالات. عليك أن تكون حذرًا جدًّا".
أحد مشاريعه الجارية يبحث في  قيمة الدراسات العليا.
"ما هي قيمة شهادة ماجستير أعمال M.B.A؟" كما قال. "نحن نعلم أن الأشخاص الذين يحملون شهادات M.B.A.s يكسبون الكثير، ولكن ما هو التأثير الفعلي للحصول على M.B.A."
تمكن من الوصول إلى بيانات مؤسسة العلوم الوطنية التي سمحت له بتتبع الأشخاص قبل وبعد حصولهم على درجة متقدمة، ومراقبة تأثيرها على مداخيلهم. كما يبحث في كيف تتعلّق مهن الناس بقراراتهم حول الدراسات العليا.

وقال إن هذا العمل قاده إلى تقدير أهمية التفضيلات الشخصية في اختيار ما يجب دراسته (التخصص فيه).
"الناس تستجيب للحوافز المالية"، على حد قوله. "الاقتصاد هو دائمًا من بين التخصصات الأكثر شعبية في جامعة ييل. أحب الاقتصاد، ويمكنني أن أرى بسهولة أن العديد من الطلاب الجامعيين قد يكونون كذلك، لكنني أعتقد أن الكثيرين مهتمون بمهن الأعمال - ويرجع ذلك جزئيًّا إلى أن مدخولها أفضل. لا يهم المال، لكن المال بعيد عن أن يكون هو العامل الوحيد، أو حتى العامل الحاسم، في تحديد ما يدرسه (ما يتخصص فيه) الناس".
تشمل اهتمامات ألتونجي البحثية الأخرى أسئلة تتعلق بالهجرة والعرق والجنس في سوق العمل، وتحديد الأجور، وإمدادات (العرض) العمالة، والروابط الاقتصادية بين أفراد العائلة.
وقال: "لدى اقتصاديو العمل مهمة مركزية: توزيع الأجور، والعرض والطلب على العمالة، وعدم المساواة، والاتجاهات في عدم المساواة". "نحن مهتمون بشكل عام بالسلوك البشري ورأس المال البشري بمعناه الواسع. المجال يتوسع باستمرار. اليوم، يعمل اقتصاديو العمل مع علماء سايكلوجيا الأطفال في النظر إلى نمو الطفل حتى في التأثيرات السابقة للولادة وأساليب الوالدية (التربية)".
انتخب العام الماضي التتونجي Altonji رئيساً لجمعية اقتصاديي العمل، وهي جمعية مهنية تضم ما يقرب من ٨٠٠ عضو تعزز مجال اقتصاديات العمل. وقال إنه سيكون رسميًّا في هذا  المنصب في يوليو القادم، ولكن حصة الأسد من العمل المصاحب لهذا المنصب  حدثت خلال العام الماضي حينما  قام بتنظيم المؤتمر السنوي للجمعية، الذي سيعقد في تورونتو  في هذا الشهر .

المصدر:
https://news.yale.edu/2018/04/20/yale-economist-examines-cost-and-value-higher-ed

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد

مواقيت الصلاة