من التاريخ

قُبِّحَ من طليعة قوم!


من مشاهد فتح مكّة المكرّمة في العشرين من شهر رمضان في السنة الثامنة من الهجرة، خروج أبي سفيان من مكّة يستطلع معسكر المسلمين على مشارفها في «مرّ الظّهران»، ومن ثمّ دخوله على رسول الله صلّى الله عليه وآله، وتلفّظه بالشهادتين، حقنَ بهما دمه.
ثمّ قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: «مَن دخلَ دارَ أبي سفيان فهو آمِن، ومَن أغلقَ عليه بابَه فهو آمِن، ومَن دخلَ المسجدَ فهو آمِن».
فلما ذهب لينصرف رأى من عظَمة جيش المسلمين ما أذهله، فقال للعبّاس بن عبد المطّلب: «ما لأحدٍ بهؤلاء قِبَلٌ ولا طاقة! واللهِ يا أبا الفضل، لقد أصبح مُلك ابنِ أخيك الغداةَ عظيماً».
فقال له العبّاس: «ويحك يا أبا سفيان، إنها النبوّة». قال: «فنعم إذن».
قال العبّاس: «النجاءَ إلى قومك»! أي أبلغ قريشاً ما شرَطه عليهم رسول الله صلّى الله عليه وآله ليأمنوا.
 فخرج أبو سفيان حتّى إذا جاءهم، صرخ بأعلى صوته: «يا معشرَ قريش، هذا محمّدٌ قد جاءكم في ما لا قِبَلَ لكم به، فمَن دخل دار أبي سفيان فهو آمِن».
فقامت إليه امرأته هند بنت عتبة فأخذت بشاربه فقالت: «اقتلوا الحميتَ الدَّسِم الأحمَس، قُبِّحَ من طليعة قوم». [الحَميت: وعاء السّمن. والدّسم الأحمس: السمين كثير اللّحم]
قال: «ويحكم، لا تغرّنّكم هذه من أنفسكم، فإنه قد جاءكم ما لا قِبَلَ لكم به، فمَن دخلَ دار أبي سفيان فهو آمن». قالوا: «قاتلك الله، وما تُغني عنا دارك؟».
قال: «ومَن أغلق عليه بابه فهو آمِن، ومَن دخل المسجدَ فهو آمن». فتفرّق الناسُ إلى دُورهم وإلى المسجد.

(انظر: الاكتفاء للكلاعي:1/503-504)

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد

مواقيت الصلاة