علمٌ وفكر

معلومات الكاتب :

الاسم :
الشيخ عبدالهادي الفضلي
عن الكاتب :
الشيخ الدكتور عبدالهادي الفضلي، من مواليد العام 1935م بقرية (صبخة العرب) إحدى القرى القريبة من البصرة بالعراق، جمع بين الدراسة التقليدية الحوزوية والدراسة الأكاديمية، فنال البكالوريوس في اللغة العربية والعلوم الإسلامية ثم درجة الدكتوراه في اللغة العربية في النحو والصرف والعروض بتقدير امتياز مع مرتبة الشرف، له العديد من المؤلفات والمساهمات على الصعيدين الحوزوي والأكاديمي.rnتوفي في العام 2013 بعد صراع طويل مع المرض.

الربا دراسة فقهية قانونية تاريخية مقارنة (5)


الشيخ عبدالهادي الفضلي

أنواع الربا
قال الشيخ سيد سابق في (فقه السنة 3 / 135): « و الربا قسمان :
1 ـ ربا النسيئة .
2 ـ ربا الفضل .
ـ ربا النسيئة : هو الزيادة المشروطة التي يأخذها الدائن من المدين نظير الأجل .
وهذا النوع محرم بالكتاب والسنة وإجماع الأئمة .

ـ ربا الفضل : وهو بيع النقود بالنقود أو الطعام بالطعام مع الزيادة . وهو محرّم بالسنة والإجماع لأنه ذريعة إلى ربا النسيئة.
وأطلق عليه اسم الربا تجوزاً، كما يطلق اسم المسبب على السبب، روى أبو سعيد الخدري: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: (لا تبيعوا الدرهم بالدرهمين، فإني أخاف عليكم الرماء) أي الربا، فنهى عن ربا الفضل لما يخشاه عليهم من ربا النسيئة » .
وفي كتاب (الفقه الإسلامي وأدلته) للدكتور الزحيلي 5 / 3699 : « و الربا المحرم في الإسلام نوعان :
أولهما: ربا النسيئة الذي لم تكن العرب في الجاهلية تعرف سواه .
وهو المأخوذ لأجل تأخير قضاء دين مستحق إلى أجل جديد، سواء أكان الدين ثمن بيع أم قرضاً .
وثانيهما: ربا البيوع في أصناف ستة هي: الذهب والفضة والحنطة والشعير والملح والتمر .
وهو المعروف بربا الفضل، وقد حرم سداً للذرائع أي منعاً من التوصل به إلى ربا النسيئة، بأن يبيع شخص ذهباً ـ مثلاً ـ إلى أجل، ثم يؤدي فضة بقدر زائد مشتمل على الربا » .
والملحوظ : أن هناك فرقاً بين الدكتور الزحيلي والشيخ سابق في مورد النسيئة حيث خصصه الدكتور الزحيلي بما يعرف الآن بجدولة الدين، بينما عممه الشيخ سابق إلى ما يشمل الجدولة والزيادة الأُولى المنصوص عليها في العقد .
هذا التنويع المذكور هو المذكور والمشهور في فقه السنة .
أما في فقه أصحابنا الإمامية فقد جاء في (تحرير الوسيلة) للسيد الخميني 1 / 493 : « وهو (يعني الربا) قسمان: معاملي وقرضي .
أما الأول (الربا المعاملي) فهو بيع أحد المثلين بالآخر مع زيادة عينية كبيع منٍّ من الحنطة بمنين أو بمنّ منها ودرهم، أو حكمية كمنّ منها نقداً بمنّ منها نسيئة » .

وشرطه أمران
1 ـ اتحاد الجنس عرفاً: بمعنى أن تكون المادة المتبادلة في معاملة الربا وهي الثمن والمثمن من نوع واحد، قال في المصدر المذكور: « فكل ما صدق عليه (عنوان) الحنطة أو الأرز أو التمر أو العنب بنظر العرف، وحكموا بالوحدة الجنسية فلا يجوز بيع بعضها ببعض بالتفاضل، وإن تخالفا في الصفات والخواص » .
2 ـ كون العوضين من المكيل والموزون: فلا ربا فيما يباع بالعدّ أو المشاهدة .
وفي إيضاح معنى النوع الثاني من الربا، وهو الربا القرضي، قال في المصدر المذكور ـ في موضوع القرض ص 601 ـ : « لا يجوز شرط الزيادة بأن يقرض مالاً على أن يؤدي المقترض أزيد مما اقترضه، سواء اشترطاه صريحاً أو أضمراه بحيث وقع القرض مبنياً عليه .
وهذا هو الربا القرضي المحرم الذي ورد التشديد عليه .
ولا فرق في الزيادة بين أن تكون عينية كعشرة دراهم باثني عشر، أو عملاً كخياطة ثوب له، أو منفعة أو انتفاعاً كالانتفاع بالعيون المرهونة عنده، أو صفة مثل أن يقرضه دراهم مكسورة على أن يؤديها صحيحة.
وكذا لا فرق بين أن يكون المال المقترض ربوياً بأن كان من المكيل والموزون وغيره بأن يكون معدوداً كالجوز والبيض » .
ومن التنبيه المفيد أن نشير إلى أن جل فقهائنا ذكروا القسم الأول من الربا (الربا المعاملي) في موضوع الربا، والقسم الثاني (الربا القرضي) في موضوع القرض ( الدين ) .
وتتلخص الفروق بين القسمين المذكورين بالتالي :
إن الربا المعاملي هو الذي يُوقع في المعاملة المالية التي تقوم على تبادل سلعة بأخرى شريطة أن تكونا متماثلتين من حيث النوعية، أي أنهما من جنس واحد، وأن تكونا مما يتم التبادل بينهما بالكيل أو الوزن حسب ما تعارف عليه الناس في مجتمع التبادل .
والمعاملة ـ هنا ـ قد تكون بيعاً، وهو موضع وفاق بينهم، وقد تكون معاوضة أخرى غير البيع، وهو موضع خلاف بينهم ـ كما سبق أن أشير اليه .
ـ إن الربا القرضي هو الذي يُوقع في معاملة القرض أو الدين فقط « مع اشتراط النفع بالعين أو الصفة من غير فرق فيه بين المكيل والموزون وغيرهما، فهو أعم موضوعاً من الأول » .

ونخلص من هذا إلى أن القسمين :
1 ـ يلتقيان في اشتراط الزيادة ( = الفائدة . المنفعة ) .
2 ـ ويختلفان في اشتراط التماثل في النوعية واعتبار كون العوضين مما يعامل به كيلاً أو وزناً في الأول فقط .
ويوجز الشيخ الحلي في (بحوث فقهية) ـ ص78 ط2 ـ الفروق بين القسمين بقوله : « قسم الفقهاء الربا إلى قسمين: ربا في المعاملة وربا في القرض .

واشترطوا في ربا المعاملة :
ـ اتحاد الجنس .
ـ وكون مورد المعاوضة من المكيل أو الموزون .
وأما ربا القرض فلم يشترطوا ذلك فيه، بل ذكروا أن كل قرض جَرَّ نفعاً فهو من الربا » .

الربا في الأوراق النقدية
ما ذكر في أعلاه هو المستفاد من النصوص الشرعية الواردة في المقام، وحيث لم تكن الأوراق النقدية موجودة آنذاك لم تذكر في النصوص .

ولأن هذا لا يعفي الفقهاء من بحثها قام أكثرهم ببحثها، ولكن داخل إطار النصوص الشرعية المنقولة، وليس على أساس من اعتبارها القانوني وانتهوا إلى النتيجة التالية :
ـ اتفقوا على أن الربا يتحقق فيها إذا كانت النقود الورقية موضوع معاملة قرض، وذلك لعدم قصر هذه المعاملة في النصوص الشرعية على ما يكال و يوزن، فهي تشمل المعدود أيضاً، ومنه الأوراق النقدية .
ـ لم يختلفوا في عدم تحققه إذا كانت النقود الورقية موضوع معاملة بيع أو موضوع معاوضة مالية أخرى على الخلاف المتقدم، وذلك لحصر النصوص الواردة في المقام تحقق الربا المعاملي في خصوص ما يكال ويوزن .

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد

مواقيت الصلاة