مقالات

قائمة (أحبّ) وقائمة (يجب)


الشيخ مرتضى علي الباشا

من أهم أسس النجاح والتفوق؛ التمييز بين الأمور، ووضع كل أمر في مكانه المناسب، مما يساهم في إعطائه مقدار ما يستحق من الاهتمام والوقت.
ونحن نركزّ على التفرقة بين قائمتين: القائمة الأولى: هي قائمة (أحبّ)، وفيها يذكر الإنسان الأمور التي يحبها ويهواها، سواءً كان تلك الأمور من الأمور الواجبة والضرورية أو لم تكن.
والقائمة الثانية: هي قائمة (يجب)، وفيها يذكر الإنسان الأمور التي من الضروري أن يقوم بها، وتعتبر من الواجبات الملقاة على عاتقه، سواءً كان يحبها أو لا. وربما كانت بعض الأمور مندرجة في القائمتين معًا، فتكون تلك الأعمال مثلاً واجبة وضرورية ومحبوبة ومرغوبًا في آنٍ واحد، فيقبل الإنسان عليها بعقله وقلبه وكل كيانه، وبالتالي يتقنها أكثر، وربما يبدع فيها. أما قائمة (أحبّ) فلا مانع من الاهتمام بها أيضًا، ما دامت رغبات وميولات مشروعة، وربما كان في ممارسة الإنسان هواياته ورغباته المشروعة الكثير من الفوائد والنتائج الطيبة المحمودة.
إذن أين تكمن المشكلة؟!! المشكلة تحدث عندما يأتي الإنسان إلى بعض الأمور التي يحبها، وهي ليست ضرورية ولا واجبة، فيقوم بعملية تلبيسها ثوب الوجوب والضرورة، وهو بذلك يخدع نفسه، ويملأ وقته بتلك المحبوبات الملبّسة ثوب الوجوب والضرورة، ويقنع نفسه بأنه يمضي وقته في الضروريات والواجبات.
مثلاً: ربما كان البعض يحب أن يشاهد مقاطع الفيديو المرسلة إليه، ولا بأس بذلك ما دامت تلك المشاهد مشروعة، لكن البعض يعطي هذا العمل صفة الوجوب والضرورة، وبالتالي فهو يعطيه شرعية الاستمرار واستغراق الكثير من الوقت، وذلك بحجة أن هذه الساعات التي يمضيها في المشاهدة إنما هي ساعات يقضيها في أداء واجب وأمر ضروري.
هذا النمط من التصرّف والخديعة للنفس تؤدي بطبيعة الحال إلى أن يكتفي الإنسان بهذه الضروريات المزيفة، ويتخلف عن القيام بالواجبات الحقيقة. من جهة أخرى: يمكن للإنسان أن يقوم بتحبيب الأعمال الواجبة والضرورية لنفسه، وذلك من خلال التركيز على فوائد وأهمية تلك الواجبات، والتركيز على الجانب الإيجابي الممتع فيها، والإيحاء إلى العقل الباطن من خلال تكرار الرسائل الإيجابية حولها.

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد

مواقيت الصلاة