مقالات

من جديد

 

ليلى علي حسين 
من جديد تعود لنا السيّدة زينب الكبرى عليها السّلام في ذكرى مولدها، تطلّ علينا كشمس في رابعة النّهار،  تدلّ على ذاتها بذاتها، وكنور ظاهر بنفسه مُظهر لغيره .

نور ظاهر بنفسه: فمن ذا الذي يجسر على إنكار فضل زينب وعلوّها وسموّها وتبوأها لأعلى ذُرى الكمال الإنّساني ؟! 

ومُظهر لغيره : فبزينب نستدلّ على المرأة الكاملة الفاضلة النّاجحة، والمعادلة بسيطة ولا تحتاج لتعقيد، فكلّما تمثّلت المرأة زينب وحاكتها في بعدها النّظري وفي صفاتها وأخلاقها وعبادتها وحشمتها وحجابها وعفتها كانت امرأة تسير في المسار الصّحيح  لبلوغ الكمال والنّجاح، وبالعكس كلّما ابتعدت المرأة عن زينب عليها السّلام كانت نموذجًا للسّوء وللانحطاط، إذًا بزينب تُبان المرأة الصالحة من غير الصالحة.

تتربّع السيّدة زينب على قمّتها في رُبى العلياء ينحدر عنها السّيلّ ولا يرقى إليها الطّير ، لم تترك ميدانًا من ميادين التّميز الإنسانيّ إلا وحفرت فيه اسمها لتكون من أوائله ، فإن قلت ميدان العلم كانت هي العالمة غير المعلّمة، وإن قلت ميدان الصّبر فهي جبل الصّبر  وأعجوبة الزّمان فيه، وإن قلت ميدان الشّجاعة فزينب بطلة كربلاء الخالدة، وإن قلت ميدان العفاف كانت مليكة العفاف وسيّدة الحشمة التي لم يُر شخصها، وإن قلت ميدان البلاغة والفصاحة كانت المتكلّمة التي تفرغ عن لسان أبيها سيّد البلغاء والمتكلّمين، وإذا ذُكرت العزّة ستذكر حتمًا زينب التي شمخت بعنفوان متعزّزة بعزّة الله وهي تدخل أسيرة في قبضة العدو لتخرج من شامه منتصرة تاركة إياه يغرق في وحل الهزيمة النكراء التي ألحقتها به، وميادين غيرها يصّعب استقصاؤها في هذه العجالة .

تعود زينب في ذكراها في وسط هذه الدّعوات التي تتجاذب المرأة المسّلمة لتجعلها تضيّع بوصلة التميّز والنجاح، فها هم دعاة تحرير المرأة يوهمونها بأنّ النجاح يكمن في التمرّد على قيم الإسلام واللهث وراء نماذج التميّز الموهوم ، نماذج تمّت صناعتها في الغرب لتُقدّم للمرأة المسّلمة كقدوات عليها أن تحاكيها وإلّا فاتها قطار التطوّر والنّجاح، وعليه يجب على المرأة المسلمة أن تتحلّى باليقظة والوعي، وأن تجيد استخدام أسلحتها لصدّ هجوم هذه الحرب النّاعمة التي تستهدفها، فما لم تكن المرأة واعية بالمستوى المطلوب فإنها ستسقط حتمًا ضحيّة سهلة في هذه الحرب الموجّهة ضدّها، وعندها ستكون واقعًا قد استبدلت الذي هو أدنى بالذي هو خير، فمن تترك زينب صاحبة الألق الإلهيّ لتلهث وراء النماذج السطحيّة الفارغة من المضمون والمحتوى والتي يضجّ بها الإعلام ووسائل التّواصل الاجتماعيّ تكون مثل التي أبت إلّا أن تغمض عينيها مختارة عن نور الشّمس، مفضّلة أن تعيش غارقة في الظلام !!

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد