قرآنيات

مفاتيح أسرار القرآن الكريم (2)

 

السيد منير الخباز
المحور الثاني: وهو الحديث عن نظرية التأويل:
هناك بعض الباحثين من الشيعة الإماميه ابتكر نظرية سماها «نظرية لتأويل» وهذه النظرية تدرس في بعض المجاميع الشبابية، ما معنى نظرية التأويل؟! هذه النظرية تعتمد على عناصر العنصر الأول أن التأويل هو التفسير وليس شيء أخر لماذا؟! لأنه نحن من نراجع لفظ التأويل في القرآن الكريم نجد أن القرآن يطلق التأويل على التفسير مثلاً: عندما يتكلم القرآن عن النبي يوسف﴿إِذْ قَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ «4» قَالَ يَا بُنَيَّ لاَ تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ﴾ بعد ذلك قال في آية ثانية: ﴿فَلَمَّا دَخَلُواْ عَلَى يُوسُفَ آوَى إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ وَقَالَ ادْخُلُواْ مِصْرَ إِن شَاء اللَّهُ آمِنِينَ «99» ورَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّواْ لَهُ سُجَّدًا وَقَالَ يَا أَبَتِ هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِن قَبْلُ﴾ قال تأويل والحال بأنه تفسير يعني يوسف فسر الرؤية السابقة وسمى تفسيره لها تأويل هذا معنى التفسير هو التأويل.
مثلاً: في قضية الخضر مع موسى بن عمران موسى اصطحب الخضر﴿عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا «66» قَالَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا﴾مشي معه ﴿فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا رَكِبَا فِي السَّفِينَةِ خَرَقَهَا قَالَ أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا﴾ «مشي معه» ﴿فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا لَقِيَا غُلَامًا فَقَتَلَهُ قَالَ أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا نُكْرًا﴾ بعد ذلك بدأ الخضر يفسر الأفعال التي صدرت منه ﴿سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا «78» أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَهَا وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا «79» وَأَمَّا الْغُلَامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ.... إلى أخره﴾ الخضر سمى تفسيره لأفعاله ماذا؟! تأويل إذن هذا معناه أن التأويل هو التفسير وليس شيء آخر فلماذا نحن نقول أن التأويل يختص بالراسخين في العلم «لا» التأويل هو التفسير والتفسير عملية متاحة.


هذا العنصر الأول للنظرية غير صحيح، لماذا غير صحيح؟! لما بيانه الآن في المحور الأول أن التفسير غير التأويل، التأويل أما بيان بطون القرآن وهذا لا يتأتى إلا بالرواية الصحيحة وأما بيان غاية الآية قلنا التفسير شرح الصورة والتأويل شرح الآية وفرق بينهما بين شرح الصورة وشرح الغاية حتى في هذه الآيات التي أنا قرأتها لك كيف؟!
يعني الآن يوسف عندما رأى هذه الرؤية﴿إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ﴾هذه الرؤى رؤى المنام رموز ترى في علم الرؤى يعبرون عن الرؤية رمز الرؤى هذه كلها رمز ترمز إلى أشياء معينة ولذلك يسمون شرح الرؤية تأويل لأنه يفك رمز الرؤية وليس يشرح الرؤية هو يشرح الرمز مثلاً سجود الكواكب والشمس والقمر لمن؟! ليوسف هذه العلة الصورية واضحة كواكب وشمس وقمر يسجدون ليوسف هذه لا تحتاج إلى تفسير لأنه صورتها واضحة الذي تحتاج ماذا؟! تأويل يعني ما هي الغاية أن الله يري يوسف هذا المعنى ما الغاية؟! تأتي الآية الأخرى توضح لنا كانت الغاية من إراءة يوسف هذه الروية أن يبن الله له أن سيبلغ من الملك والعزة والعظمة أن يخضع له أبواه وأخوته فيوسف عندما قال هذا تأويل لم يقل تفسير، لماذا؟! لأن ما رآه كان بيان للغاية من تلك الرؤية التي أراه الله إياه تبارك وتعالى.
كذلك في الآية الثانية الخضر خرق السفينة لا يحتاج إلى تفسير هو خرق السفينة لا يحتاج إلى تفسير، تفسير ماذا؟! الخضر قتل الغلام لا يحتاج إلى تفسير يعني الصورة واضحة لا تحتاج إلى تفسير الذي يحتاج إلى شرح ماذا؟! الغاية، ما هي غايتك من خرق السفينة؟! ما هي غايتك من قتل الغلام؟! لذلك لما بين الخضر الغاية من أفعاله عبر عنه بأنه تأويل وليس تفسير، فهناك فرق بين التفسير والتأويل كما شرحنا في المحور الأول، إذن دعوه أن التأويل هو التفسير هذه الدعوة غير صحيحة.
العنصر الثاني من هذه النظرية: يقول بأن الله تبارك وتعالى جعل الكتاب مرجع لكل المسلمين قال تبارك وتعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا﴾ يقول ظاهر هذه الآية أن الكتاب هو المرجع يعني إذا اختلف المسلمون يرجعوا إلى الكتاب، كيف يرجعون إلى الكتاب؟! بأي طريقة؟!

 

يرجعون إلى الكتاب عبر عملية التأويل لأنه الله قال في ذيل الآية: ﴿ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا﴾يعني أن رجوع المسلمين إلى الكتاب عبر التأويل ومعنى الآية أن المسلمين يتمكنون من التأويل إذا لم يتمكن المسلمون من التأويل لما أمرهم الله بالرجوع إلى الكتاب عند اختلافهم عبر عملية التأويل هذا العنصر الثاني من النظرية هذا العنصر أيضاً غير صحيح لماذا؟!
صحيح الآية التي قرأناها ترشد إلى أن وظيفة المسلمين عند الاختلاف والتنازع الرجوع إلى الله وإلى الرسول يعني الرجوع إلى القرآن وإلى أحاديث النبي محمد   لكن لا دلالة في الآية على أن الرجوع عبر عملية التأويل أصلاً لا توجد فيها دلالة، لماذا؟! لأنه ما ذكرته الآية في الذليل﴿ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا﴾من باب المفاضلة، ما معنى من باب المفاضلة؟!
بمعنى أن الآية تقول أيها المسلمون إذا اختلفتم في أي حكم إذا اختلفتم في أي قانون بدل أن تطرحوا تأويلاتكم للأحكام بدل أن تطرحوا تخميناتكم للقانون أرجعوا إلى القرآن ﴿ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا﴾يعني الرجوع إلى القرآن خير من تأويلاتكم الأخذ بالقرآن خير من تأويلاتكم وتخرصاتكم لا أنها تقول بأن الرجوع إلى القرآن إنما يتم عبر عملية التأويل إنما يتم الرجوع إلى القرآن عبر عملية التدبر التي طرحناها في المحور الأول إلا وهو الأخذ بظواهر القرآن لا عبر عملية التأويل.

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد