علمٌ وفكر

التقويم الشمسي

 

سلمان الرمضان
حين التطرق لما نسميه التقويم الميلادي، وهو حقيقة التقويم الشمسي، مع العلم أن التقويم الشمسي متعدد، لكن حديثنا سيركز على ما سميناه التقويم الميلادي.
حسب المصادر التاريخية والتقاويم عبر العصور، كانت البداية مع التقويم الروماني، الذي ارتبط بتأسيس روما، حيث أخذوا ما يعرف بالتقويم الألباني الذي قيل أن سنته 304 أيام موزعة على عشرة أشهر تمتد من مارس وحتى ديسمبر وكان اسم شهر خامسها كونتيلس وسادسها سكستيليس، وكانت الأشهر الفردية 31 يومًا والزوجية 30 ، فلم تكن السنة لا شمسية ولا قمرية.


ولكن حاكم روما الثاني (نوما) هو من عدل في ذلك التقويم حيث جعل السنة 355 يومًا، وغيّر في أيام الأشهر حيث جعل الزوجية 29 يومًا، وقد زاد في السنة شهرين هما فبراير ويناير اللذان أصبحا الشهرين 11 و 12 على التوالي، وجعل يناير 28 يومًا، وتم إضافة كل سنتين شهر طوله 22 يومًا، وأخرى 23 يومًا وتكون الزيادة 45 يومًا كل أربع سنوات وهو ما يعادل سنويا 11.25 يومًا ليصبح طول السنة 366.25 يومًا بزيادة يوم عن السنة الشمسية الحقيقية، وهذا أدى لتغير مواعيد الفصول لاحقًا.
بتقلد (يوليوس) قيصر حكم روما سنة 63 ق. م.، كان هناك فرق واضح في مواعيد الفصول وبالتالي الأعياد، فطلب من الفلكي “سوسيغن” حلًّا لذلك فعمل على إيقاف العمل بالتقويم القمري المنسوب للتقويم الألباني، وعمل بالتقويم الشمسي على أن تكون السنة بطول 365 يومًا كل ثلاث سنوات والرابعة 366 يومًا، ولما كان فبراير هو الأخير في السنة فكان هو من أدخلت فيه الزيادة بحيث أصبح 29 يومًا في السنة الكبيسة.
وكانت المعضلة الحقيقية في وجود 90 يومًا هي من غيرت مواعيد الفصول، فتمت زيادة سنة 46 ق. م.، شهرين طولهما 67 يومًا بين نوفمبر وديسمبر، وشهر، ومع الشهر الذي كان يضاف ومدته 23 يومًا في كل أربع سنوات سابقًا، فكانت تلك السنة قد احتوت 15 شهرًا و أيامها 445 يومًا.


وفي السنة التالية 45 ق. م. نقلت بداية السنة من شهر مارس ليناير، مع جعل الأشهر الفردية 31 يومًا والزوجية 30  وفبراير 29 وفي الكبيسة 30 يومًا.
وعرف ذلك التقويم باليولياني وتم تغيير الشهر السابع والذي كان هو الخامس سابقًا من كونتيلس وسمي يوليو، ولاحقًا تم تغيير الثامن الذي كان سادسًا واسمه سكستيلس وسمي أغسطس بعد انتصار أغسطس قيصر في الحرب 31 ق. م. وجعلت أيامه 31 يومًا حيث عاد فبراير 28 يومًا و 29 في الكبيسة، وحتى لا تتوالى الأشهر 31 يومًا جعل كل من سبتمبر ونوفمبر 30 يومًا ونقل يومان هما لشهري أكتوبر وديسمبر.
ولأن السنة الشمسية تقل عن 365.25 يومًا، أي ما يزيد عن 11 دقيقة، فهذا الفرق يصبح يومًا خلال 128 سنة، و 10 أيام بعد 1280 سنة، وهذا ما أدى لتكرار المشاكل في تغيير مواعيد الفصول والأعياد الكنسية.
وقد ظل العمل بذلك التقويم حتى أواخر القرن السادس عشر، وما زالت بعض كنائس الشرق تعمل به، وهو ما يعرف بالتقويم الشرقي كقولهم نيسان شرقي.


حين جاء البابا غريغور الثالث عشر كان الاعتدال الربيعي يقع في 11 مارس وقد سبقت ذلك محاولات إصلاح لم تتم، وقد اعتمد البابا على راهب عرف في الرياضيات والفلك ويدعى “كلافيوس”، والذي قرر حذف 10 أيام من شهر أكتوبر 1582 م، وعاد بذلك الاعتدال الربيعي في 21 مارس، وعالج الفرق السنوي الذي هو أقل من ربع يوم سنويًّا أو  .0078 يومًا سنويًّا بين السنة الشمسية الحقيقية والسنة اليوليانية، والذي يصل 3 أيام كل 400 سنة، فقرر اعتبار سنوات القرون التي تقسم على 400 بباقي (بسيطة) ومثالها سنة 1500 التي هي كبيسة في التقويم اليولياني بقسمتها على 4، لكنها بسيطة في الغريغوري بقسمتها على 400 وناتج ذلك  3.75 فيما تكون سنة القرن 21 وهي سنة 2000 كبيسة في التقويمين.


هذا العمل قلص الفارق لكنه لم يلغه، فأصبحت السنة التقويمية  365.5242 يومًا مقابل  365.2242 يومًا للسنة الحقيقية والفارق 36 ثانية، ويصل يومًا واحدًا في 3300 سنة وعلاج ذلك بإنقاص يوم لتكون سنة 4000 بسيطة وليست كبيسة كما هي القاعدة، وعرف هذا التقويم بالغريغوري وبينه وبين اليولياني فرق حاليًّا 13 يومًا بسبب اختلاف قاعدة الكبس، وعملت به الكنائس الغربية فعرف بالتقويم الغربي رغم أن كثيرًا من الدول لم تعمل به إلا متأخرة وبعضها بدايات القرن العشرين.
وفي الزمن الحالي فكلا التقويمين اليولياني والغريغوري يؤرخان بالتقويم الميلادي منذ سنة 532 م، اعتمادًا على روايات ولادة السيد المسيح عليه السلام، وتقرر أن يكون ذلك في 25 ديسمبر سنة 754 رومانية، وكان الأول من يناير فيها هو بداية التاريخ الميلادي، مع العلم أن ميلاد السيد المسيح سبق ذلك على أكثر الأقوال بأربع سنوات، فالتعبير بـ (قبل) و (بعد) الميلاد لا يشير لدقة في الموضوع.

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد

مواقيت الصلاة