من التاريخ

عاشوراء في نظر الآخرين

 

تركت واقعة كربلاء تأثيرًا بليغًا على أفكار بني الإنسان حتى غير المسلمين منهم. فعظمة الثورة وذروة التضحية، والصفات الأخرى التي يتحلى بها الحسين وأنصاره أدّت إلى عرض الكثير من الآراء حول هذه الثورة الملحمية، ويستلزم نقل جميع أقوالهم تأليف مؤلف ضخم عنهم، لا سيما وأن بعض الكتاب غير المسلمين دوّنوا كتباً عن هذه الواقعة.
نورد في ما يلي آراء عدد من الشخصيات المسلمة وغير المسلمة:
غاندي، زعيم الهند: لقد طالعت حياة الإمام الحسين، شهيد الإسلام الكبير، ودققت النظر في صفحات كربلاء واتضح لي أن الهند إذا أرادت إحراز النصر، فلا بد لها من اقتفاء سيرة الإمام الحسين.
محمد علي جناح، مؤسس دولة باكستان: لا تجد في العالم مثالاً للشجاعة كتضحية الإمام الحسين بنفسه وأعتقد أن على جميع المسلمين أن يحذوا حذو هذا الرجل القدوة الذي ضحّى بنفسه في أرض العراق. 
شارلز ديكنز، الكاتب الإنجليزي المعروف: إن كان الإمام الحسين قد حارب من أجل أهداف دنيوية، فإنني لا أدرك لماذا اصطحب معه النساء والصبية والأطفال؟ إذن فالعقل يحكم أنه ضحى فقط لأجل الإسلام.
توماس كارليل، الفيلسوف والمؤرخ الإنجليزي: أسمى درس نتعلمه من مأساة كربلاء هو أن الحسين وأنصاره كان لهم إيمان راسخ بالله، وقد أثبتوا بعملهم ذاك أن التفوق العددي لا أهمية له حين المواجهة بين الحقّ والباطل والذي أثار دهشتي هو انتصار الحسين رغم قلّة الفئة التي كانت معه.


إدوارد براون، المستشرق الإنجليزي:  وهل ثمة قلب لا يغشاه الحزن والألم حين يسمع حديثاً عن كربلاء؟ وحتّى غير المسلمين لا يسعهم إنكار طهارة الروح التي وقعت هذه المعركة في ظلّها.
فردريك جيمس:  نداء الإمام الحسين وأي بطل شهيد آخر هو أن في هذا العالم مبادئ ثابتة في العدالة والرحمة والمودّة لا تغيير لها، ويؤكد لنا أنه كلّما ظهر شخص للدفاع عن هذه الصفات ودعا الناس إلى التمسّك بها، كتب لهذه القيم والمبادئ الثبات والديمومة.
ل. م. بويد:  من طبيعة الإنسان أنه يحب الجرأة والشجاعة والإقدام وعلو الروح والهمّة والشهامة. وهذا ما يدفع الحرية والعدالة الاستسلام أمام قوى الظلم والفساد. وهنا تكمن مروءة وعظمة الإمام الحسين. وأنه لمن دواعي سروري أن أكون ممـن يثني من كل أعماقه على هذه التضحية الكبرى، على الرغم من مرور 1300 سنة على وقوعها.
واشنطن ايروينغ، المؤرخ الأمريكي الشهير: كان بميسور الإمام الحسين النجاة بنفسه عبر الاستسلام لإرادة يزيد، إلاّ أنّ رسالة القائد الذي كان سبباً لانبثاق الثورات في الإسلام لم تكن تسمح له الاعتراف بيزيد خليفة، بل وطّن نفسه لتحمّل كل الضغوط والمآسي لأجل إنقاذ الإسلام من مخالب بني أُميّة. 


توماس ماساريك:  على الرغم من أن القساوسة لدينا يؤثرون على مشاعر الناس عبر ذكر مصائب المسيح. إلاّ أنك لا تجد لدى أتباع المسيح ذلك الحماس والانفعال الذي تجده لدى أتباع الحسين عليه السلام. ويبدو أن سبب ذلك يعود إلى أن مصائب المسيح إزاء مصائب الحسين عليه السلام لا تمثل إلاّ قشّة أمام طود عظيم.
موريس دوكابري:  يقال في مجالس العزاء أن الحسين ضحى بنفسه لصيانة شرف وأعراض الناس، ولحفظ حرمة الإسلام، ولم يرضخ لتسلط ونزوات يزيد. إذن تعالوا نتخذه لنا قدوة، لنتخلص من نير الاستعمار، وأن نفضل الموت الكريم على الحياة الذليلة.
المستشرق الألماني ماربين:  قدّم الحسين للعالم درساً في التضحية والفداء من خلال التضحية بأعز الناس لديه ومن خلال إثبات مظلوميته وأحقيّته، وأدخل الإسلام والمسلمين إلى سجل التاريخ ورفع صيتهما. لقد أثبت هذا الجندي الباسل في العالم الإسلامي لجميع البشر أن الظلم والجور لا دوام له. وأنّ صرح الظلم مهما بدا راسخاً وهائلاً في الظاهر إلاّ أنّه لا يعدو أن يكون أمام الحقّ والحقيقة إلاّ كريشة في مهب الريح.
بنت الشاطئ:  أفسدت زينب أخت الحسين عليه السلام على ابن زياد والأمويين نشوة النصر وأفرغت قطرات من السم في كأس انتصارهم. وكان لزينب بطلة كربلاء دور المحفّز في جميع الأحداث السياسية التي أعقبت عاشوراء مثل قيام المختار، وعبدالله بن الزبير وسقوط الدولة الأموية وتأسيس الدولة العباسية وانتشار المذهب الشيعي.
لياقة علي خان، أول رئيس وزراء باكستاني:  لهذا اليوم من محرم مغزىً عميقاً لدى المسلمين في جميع أرجاء العالم، ففي مثل هذا اليوم وقعت واحدة أكثر الحوادث أُسىً وحزنًا في تاريخ الإسلام. وكانت شهادة الإمام الحسين عليه السلام مع ما فيها من الحزن مؤشر ظفر نهائي للروح الإسلامية الحقيقية، لأنها كانت بمثابة التسليم الكامل للإرادة الإلهية. ونتعلم منها وجوب عدم الخوف والانحراف عن طريق الحقّ والعدالة مهما كان حجم المشاكل والأخطار.
جورج جرداق، العالم والأديب المسيحي:  حينما جنّد يزيد الناس لقتل الحسين وإراقة الدماء، كانوا يقولون: كم تدفع لنا من المال؟ أما أنصار الحسين فكانوا يقولون لو أننا نقتل سبعين مرّة، فإننا على استعداد لأن نقاتل بين يديك ونقتل مرة أُخرى أيضاً.

 

عباس محمود العقاد، الكاتب والأديب المصري:  ثورة الحسين، واحدة من الثورات الفريدة في التاريخ لم يظهر نظير لها حتى الآن في مجال الدعوات الدينية أو الثورات السياسية. فلم تدم الدولة الأموية بعدها حتى بقدر عمر الإنسان الطبيعي، ولم يمضِ من تاريخ ثورة الحسين حتّى سقوطها أكثر من ستين سنة ونيّف.
أحمد محمود صبحي:  وإن كان الحسين بن علي عليه السلام قد هزم على الصعيد السياسي أو العسكري، إلاّ أن التاريخ لم يشهد قط هزيمة انتهت لصالح المهزومين مثل دم الحسين. فدم الحسين تبعته ثورة ابن الزبير، وخروج المختار، وغير ذلك من الثورات الأخرى إلى أن سقطت الدولة الأموية، وتحول صوت المطالبة بدم الحسين إلى نداء هزّ تلك العروش والحكومات.
انطوان بارا، مسيحي:  لو كان الحسين منا لنشرنا له في كل أرض راية، ولأقمنا له في كل أرض منبر، ولدعونا الناس إلى المسيحية باسم الحسين.
كيبون، المؤرخ الإنجليزي:  على الرغم من مرور مدّة مديدة على واقعة كربلاء، ومع أننا لا يجمعنا مع صاحب الواقعة وطن واحد، ومع ذلك فإن المشاق والمآسي التي وقعت على الحسين عليه السلام تثير مشاعر القارئ وإن كان من أقسى الناس قلباً، ويستشعر في ذاته نوعاً من التعاطف والانجذاب إلى هذه الشخصية.
نيكلسون، المستشرق المعروف:  كان بنوا أُميّة طغاة مستبدين، تجاهلوا أحكام الإسلام واستهانوا بالمسلمين، ولو درسنا التاريخ لوجدنا أن الدين قام ضد الطغيان والتسلّط، وأن الدولة الدينية قد واجهت النظم الإمبراطورية. وعلى هذا فالتاريخ يقضي بالإنصاف في أن دم الحسين عليه السلام في رقبة بني أُمية.
السير برسي سايكوس، المستشرق الإنجليزي: حقاً أن الشجاعة والبطولة التي أبدتها هذه الفئة القليلة، كانت على درجة بحيث دفعت كل من سمعها إلى إطرائها والثناء عليها لا إرادياً. هذه الفئة الشجاعة الشريفة جعلت لنفسها صيتاً عالياً وخالداً لا زوال له إلى الأبد.


تاملاس توندون، الهندوسي، والرئيس السابق للمؤتمر الوطني الهندي:  هذه التضحيات الكبرى من قبيل شهادة الإمام الحسين عليه السلام رفعت مستوى الفكر البشري، وخليق بهذه الذكرى أن تبقى إلى الأبد، وتذكر على الدوام.
محمد زغلول باشا، قال في تكية الإيرانيين في مصر:  لقد أدى الحسين عليه السلام بعمله هذا، واجبه الديني والسياسي، وأمثال مجالس العزاء تربّي لدى الناس روح المروءة، وتبعث في أنفسهم قوّة الإرادة في سبيل الحقّ والحقيقة.
عبدالرحمن الشرقاوي،الكاتب المصري:  الحسين شهيد طريق الدين والحريّة، ولا يجب أن يفتخر الشيعة وحدهم باسم الحسين عليه السلام، بل أن يفتخر جميع أحرار العالم بهذا الاسم الشريف.
طه حسين، العالم والأديب المصري: كان الحسين عليه السلام يتحرق شوقاً لاغتنام الفرصة واستئناف الجهاد والانطلاق من الموضع الذي كان أبوه يسير عليه، فقد أطلق الحرية بشأن معاوية وولاته، إلى حد جعل معاوية يتهدده. إلا أن الحسين ألزم أنصاره بالتمسك بالحق.
عبد الحميد جودة السحّار، الكاتب المصري: لم يكن بوسع الحسين أن يبايع ليزيد ويرضخ لحكمه، لأن مثل هذا العمل يعني تسويغ الفسق والفجور وتعزيز أركان الظلم والطغيان وإعانة الحكومة الباطلة. لم يكن الحسين راضياً على هذه الأعمال حتى وان سبي أهله وعياله وقتل هو وأنصاره.
العلامة الطنطاوي، العالم والفيلسوف المصري:  الملحمة الحسينية تبعث في الأحرار شوقاً للتضحية في سبيل الله، وتجعل استقبال الموت أفضل الأماني، حتى تجعلهم يتسابقون إلى منحر الشهادة.
العبيدي، مفتي الموصل:  فاجعة كربلاء في تاريخ البشرية نادرة كما أن صانعوها ندرة، فقد رأى الحسين بن علي عليه السلام من واجبه التمسك بسنّة الدفاع عن حق المظلوم ومصالح العامة استناداً إلى حكم الله في القرآن، وما جاء على لسان الرسول الكريم، ولم يتوان عن الإقدام عليه، فضحى بنفسه في ذلك المسلخ العظيم، وصار عند ربّه "سيد الشهداء"، وصار في تاريخ الأيام "قائداً للمصلحين"، ونال ما كان يتطلّع إليه، بل وحتى أكثر من ذلك.
 

الخلاصة:
نستخلص من مجموع الأقوال المنقولة أعلاه، النقاط التالية:
1- أن الإمام الحسين عليه السلام ثار للأسباب التالية: لأجل بقاء وعظمة الإسلام وحكومة القرآن، وما عليه من مسؤولية الإمامة، وللحفاظ على أعراض الناس وشرفهم، وللإصلاح في الأمة، وفي سبيل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولغرض الدفاع عن المظلومين والمصلحة العامة.
2- وُصفت ثورة الإمام الحسين عليه السلام بأنها قامت على أساس الأخلاق والمروءة، وغايتها المصلحة العامة، وكانت جهاداً للقضاء على الرذيلة ونشر الفضيلة.
3- تأثير الثورة: أدّت الثورة إلى إيقاظ الناس، وحولت التدين القشري والظاهري إلى إيمان حقيقي وعميق.
4- ماذا تعلّم الناس من هذه المدرسة؟ أن الدرس الذي تقدمه هذه المدرسة جذري وأبدي، وينمّ عن توجهاتها في الحرية والعدالة والمحبّة، وانتهاج الأسلوب الشريف عند مواجهة الخصم. وتعلم الناس كيفية الإباء عن الرضوخ للظلم ومجابهة المستعمر، وتحثّهم على التحلّي بالغيرة والشجاعة والتضحية، والصبر عند الشدائد والثبات على طريق الحق. وتثير في النفوس الحمية ضد الباطل وتعلّمهم حرمة الصمت إزاءه. وأثبتت أن الحقّ والفضيلة والعدل والإيمان قادر على دحر الظلم والكفر والمكر والطغيان، كما أن أصحاب الإمام المخلصين علّموا الناس أفضل دروس الإيمان بالله، ومهدوا الطريق أمام انتصار الشعوب، وأثبتوا أن النصر للمؤمنين رغم قلّة العدد والعدّة.
-----------------------------
* موسوعة عاشوراء /المؤلف الشيخ جواد محدثي

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد