علمٌ وفكر

معلومات الكاتب :

الاسم :
الشيخ عبدالهادي الفضلي
عن الكاتب :
الشيخ الدكتور عبدالهادي الفضلي، من مواليد العام 1935م بقرية (صبخة العرب) إحدى القرى القريبة من البصرة بالعراق، جمع بين الدراسة التقليدية الحوزوية والدراسة الأكاديمية، فنال البكالوريوس في اللغة العربية والعلوم الإسلامية ثم درجة الدكتوراه في اللغة العربية في النحو والصرف والعروض بتقدير امتياز مع مرتبة الشرف، له العديد من المؤلفات والمساهمات على الصعيدين الحوزوي والأكاديمي.rnتوفي في العام 2013 بعد صراع طويل مع المرض.

إثبات الذات الإلهية (1)


الشيخ عبدالهادي الفضلي
منهج الاستدلال:
نهج أكثر من مؤلف كلامي في استدلاله على إثبات الذات الإلهية أو إثبات وجود اللّه تعالى منهجين كلامياً وفلسفياً.
وتتلخص خطة الأول منهما في سلوكه طريقين، اعتمد في الأول منهما (مبدأ العلية)، واعتمد في الثاني (مبدأ القسمة).
ويتلخص الأول منهما في قيامه على خطوتين، هما:
- إثبات حدوث العالم أولاً.
- ثم إثبات وجود المحدث للعالم ثانياً.
وبتعبير آخر أخصر: استدلوا بوجود الآثار على وجود المؤثر.
وبعبارة علمية: استدلوا من وجود المعلول على وجود العلة.

أما الثاني فيقوم ايضاً على خطوتين هما:
- تقسيم الموجود إلى واجب لذاته وممكن لذاته، أولاً.
- ثم الاستدلال على حدوث الممكن، ثانياً.
ومن بعد تأتي النتيجة: أن للمكنات محدثاً، وهو المطلوب. 
أما الحكماء أو الفلاسفة الإلهيون فقد سلكوا طريق القسمة المشار إليه، إلا أن دليل الإثبات عندهم انصبّ على إثبات أن أحد القسمين واجب الوجود لذاته، وهو المطلوب.
دليل المتكلمين:
وخلاصة دليل المتكلمين الأول المعتمد على مبدأ العلية، هي:
- بدأوا دليلهم بتأليف قياس منطقي من الشكل الأول وهو:
كل جسم لا يخلو من الحوادث + وكل ما لا يخلو من الحوادث فهو حادث = كل جسم حادث.
- ثم قالوا: لا يتم الاستدلال بهذا القياس والاحتجاج بهذه الحجة إلا بعد إثبات أربع دعاوى اعتمدها القياس خطواته في الوصول إلى النتيجة، وهي:
أ - وجود الحوادث.
ب - حدوث الأجسام.
ح - كل جسم لا يخلو من الحوادث.
د - كل ما لا يخلو من الحوادث فهو حادث. 
- واستدلوا لإثبات القضية الأولى:
بأن الأكوان الأربعة (الحركة والسكون والاجتماع والافتراق) - التي نشاهدها ونحسها تعرض للأجسام - هي أمور ثبوتية لها واقع مشاهد ومحسوس.
وكما شاهدناها وأحسسنا بها تعرض للأجسام، كذلك نراها تتبدل وتتغير مع ثبوت الأجسام.

وهذا دليل على:
أ - أنها أمور موجودة، وهو المطلوب.
ب - أنها غير الأجسام.
ح - أنها لا يمكن أن توجد إلا في الأجسام.
- واستدلوا للقضية الثانية:
أن الأجسام تزول وتتبدل بعضها ببعض.
وهذا التغير دليل أنها محتاجة في وجودها إلى غيرها، وإلا لزم الدور أو التسلسل.
واحتياجها إلى غيرها دليل حدوثها.. وهو المطلوب. 

- واستدلوا للقضية الثالثة:
أن كل جسم يستحيل أن يكون لا في حيز، أي لا بد من أن يشغل حيزاً.
وكون الجسم في حيز، معناه أنه يستحيل أن يخلو من الحركة والسكون، لأنه إما أن يستمر في حيزه فهو في سكون أو ينتقل من حيزه إلى حيز آخر فهو في حركة.
كما يستحيل أن تخلو علاقته بالأجسام الأخرى من الاجتماع والافتراق، لأنه إذا لم يتخلل بين الجسمين جوهر فهما في اجتماع، وإذا تخلل بينهما جوهر فهما في افتراق.
وهذا يدل على أن الأجسام لا يمكن أن تخلو من الحوادث. وهو المطلوب.

واستدلوا للقضية الرابعة:
أن جميع الحوادث معدومة في الأزل.
ولأن الأجسام لا تخلو منها - كما تقدم - نقول: إن الشيء الذي لا يخلو منها لو كان موجوداً في الأزل لكان خالياً عنها لأنها غير موجودة في الأزل.
وهذا محال لاستلزامه اجتماع النقيضين، وهما وجود الحوادث في الجسم حسب الدليل، وعدم وجودها فيه حسب الفرض.
وهذا يدل على أن ما لا يخلو من الحوادث حادث.. وهو المطلوب. 
- وبعد ثبوت مفاد القضايا الأربع المذكورة تتم للقياس المذكور سلامة خطواته التي سلكها في الوصول إلى النتيجة.

وعليه تكون النتيجة صحيحة.
وهذا يعني أن ما سوى اللّه تعالى - وهو ما يعرف بالعالم - حادث.
- ثم يؤلف قياس آخر تكون مقدمته الصغرى النتيجة التي توصلنا إليها في الخطوة الأولى، وهو أن نقول:
العالم حادث + وكل حادث مفتقر إلى محدث = العالم مفتقر إلى محدث.

- واستدلوا لإثبات المقدمة الكبرى في هذا القياس بما يلي:
أن كل حادث - بما هو حادث - لا بد له من محدث. ومحدثه إما أن يكون حادثاً، وإما أن يكون قديماً.
فإن كان حادثاً لزم منه أن يكون له محدث أيضاً، فيقال فيه أيضاً إما أن يكون محدثه حادثاً وإما أن يكون قديماً. فإن كان حادثاً، واستمر هذا في جميع حلقات سلسلة العلل، تسلسلت هذه العلل الحوادث إلى لا نهاية وهو محال.
وإن كان قديماً - كما هو المتعين لبطلان حدوثه كما رأينا - ثبت المطلوب لأن القدم يستلزم الوجوب.
وهنا تأتي النتيجة الأخيرة، وهي:  أن للعالم موجداً.

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد

مواقيت الصلاة