من التاريخ

معلومات الكاتب :

الاسم :
الشيخ محمد مصباح يزدي
عن الكاتب :
فيلسوف إسلامي شيعي، عضو مجلس خبراء القيادةrn مؤسس مؤسسة الإمام الخميني للتعليم والبحث العلمي

مراتب محبّي أهل البيت عليهم السلام

 

الشيخ محمد تقي مصباح اليزدي
جاء في الخبر أنّ رجلاً دخل على أبي عبد الله الصادق فقال (عليه السلام) له: "ممّن الرجل؟"
أي: من أيّ طائفة من الناس أنت؟ فقال: من محبّيكم ومواليكم؟
فقال له الإمام (عليه السلام): "لا يحبّ اللهَ عبدٌ حتّى يتولاّه، ولا يتولاّه حتّى يوجِب له الجنّة"
فإنّ الذي يحبّنا يحبّ الله والذي يحبّ الله تعالى يقبل الله ولايتَه ويصير وليّه، وإذا قبل الله ولاية امرئ فسيدخله الجنّة لا محالة.
ثمّ قال له (عليه السلام): "من أيّ محبّينا أنت؟" أي: من أيّ طائفة من محبّينا؟ فلم يحر الرجل جواباً.
فبادر سدير الصيرفيّ، وكان من خواصّ أصحابه (عليه السلام) الإمامَ بالسؤال: "وكم محبّوكم يا ابن رسول الله؟"
أي: كم هي أصناف محبّيكم؟ فقال (عليه السلام): على ثلاث طبقات:
1 "طبقةٌ أحبّونا في العلانية ولم يحبّونا في السرّ" فهم يظهرون لنا المحبّة لكنّهم لا يحبّوننا في الباطن، إنّهم يلهجون باسمنا في الظاهر، أمّا فكرهم وسلوكهم ومنهاجهم فمنهاج الطواغيت.
"أحبّونا في العلانية وساروا بسيرة الملوك، فألسنتهم معنا وسيوفهم علينا" ولعلّ الإمام (عليه السلام) قد قصد بهذا المقطع بني العبّاس الذين كانوا يظهرون محبّة أهل البيت (عليهم السلام) أمام بني أميّة لكنّهم لم يقلّوا عن الأخيرين في تجاسرهم على أهل البيت (عليه السلام) وما أنزلوه فيهم من المصائب.
2 "وطبقة يحبّوننا في السرّ ولم يحبّونا في العلانية" لأنّ الظروف لم تسمح لإظهار محبّتهم لنا، فهم يسايرون الناس في الظاهر لكنّهم يُكنّون لنا في أعماق قلوبهم الحبّ.
"ولعمري‏ لئن كانوا أحبّونا في السرّ دون العلانية، فهم الصوّامون بالنهار، القوّامون بالليل، ترى أثر الرهبانيّة في وجوههم، أهلُ سلمٍ وانقياد" فهم ينصاعون لنا دون نقاش.
3 أمّا الطبقة الثالثة: "وطبقةٌ يحبّوننا في السرّ والعلانية، هم النمط الأعلى، شربوا من العذب الفرات وعلموا تأويل الكتاب، وفصل الخطاب، وسبب الأسباب، فَهُمْ النمط الأعلى، الفقر والفاقة وأنواع البلاء أسرع إليهم من ركض الخيل، مسّتهُم البأساء والضرّاء وزُلزلوا وفُتنوا، فمن بين مجروح ومذبوح، متفرّقين في كلّ بلاد قاصية، بهم يشفي الله السقيم، ويُغني العديم، وبهم تُنصَرون، وبهم تُمطَرون، وبهم تُرزَقون، وهم الأقلّون عدداً، الأعظمون عند الله قدراً وخطراً".
وهنا قال الرجل: فأنا من محبّيكم في السرّ والعلانية. قال جعفر (عليه السلام): "إنّ لمحبّينا في السرّ والعلانية علامات يُعرفون... خلالٌ أوّلها أنّهم عرفوا التوحيد حقّ معرفته، وأحكموا علم توحيده والإيمان بعد ذلك بما هو وما صفته، ثمّ علموا حدود الإيمان وحقائقه وشروطه وتأويله".
وعملوا بها، فصاروا من محبّينا الخُلَّص بعد اجتيازهم هذه المراحل.

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد

مواقيت الصلاة