من التاريخ

الولادة السعيدة للباقر واسمه وكناه

 

الشيخ عباس القمي
إنّه (عليه السلام) ولد يوم الاثنين في الثالث من صفر أو غرّة رجب سنة (57) هـ بالمدينة المنورة وكان (عليه السلام) حاضراً في وقعة الطف وعمره أربع سنين، أمّه الماجدة فاطمة بنت الإمام الحسن المجتبى (عليه السلام) وقيل لها أمّ عبد اللّه، فأصبح (عليه السلام) ابن الخيرتين وعلويًّا بين العلويين.
روي في دعوات الراوندي عن الإمام محمد الباقر (عليه السلام) أنّه قال: كانت أمي قاعدة عند جدار فتصدع الجدار وسمعنا هدة شديدة فقالت بيدها: لا وحقّ المصطفى ما أذن اللّه لك في السقوط، فبقى معلقًا حتى جازته، فتصدق عنها أبي (عليه السلام) بمائة دينار.
وذكرها الصادق (عليه السلام) يومًا فقال: كانت صدّيقة لم يدرك في آل الحسن (عليه السلام) امرأة مثلها .
وروي عن الإمام الصادق (عليه السلام) بأسانيد معتبرة أنّه قال: الأوصياء إذا حملت بهم أمهاتهم أصابها فترة شبه الغشية، فأقامت في ذلك يومها ذلك ثم ترى في منامها رجلاً يبشرها بغلام، عليم، حليم، فتفرح لذلك، ثم تنتبه من نومها فتسمع من جانبها الأيمن في جانب البيت صوتاً يقول : حملت بخير وتصيرين إلى خير وجئت بخير، أبشري بغلام حليم عليم وتجد خفّة في بدنها ثم لم تجد بعد ذلك امتناعًا من جنبيها وبطنها فإذا كان لتسع من شهرها سمعت في البيت حسًّا شديدًا فإذا كانت الليلة التي تلد فيها ظهر لها في البيت نور تراه لا يراه غيرها الّا أبوه، فإذا ولدته قاعدًا وتفتّحت له حتى يخرج متربّعًا يستدير بعد وقوعه إلى الأرض، فلا يخطئ القبلة حيث كانت بوجهه ثم يعطس ثلاثًا يشير بإصبعه بالتحميد ويقع‏ مسرورًا  مختونًا ورباعيتاه من فوق وأسفل وناباه وضاحكاه، ومن بين يديه مثل سبيكة الذهب نور ويقيم يومه وليلته تسيل يداه ذهبًا .
 اسمه الشريف محمد، وكنيته أبو جعفر، وألقابه الشريفة الباقر والشاكر والهادي، وأشهر ألقابه الباقر، وقد لقبه رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) به كما ورد في رواية سفينة عن جابر بن عبد اللّه انّه قال : قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) : يوشك أن تبقى حتى تلقى ولدًا لي من الحسين (عليه السلام) يقال له : محمد، يبقر علم الدين بقرًا فإذا لقيته فأقرأه منّي السلام‏ .
 وروى الشيخ الصدوق رحمه اللّه عن عمرو بن شمر قال: سألت جابر بن يزيد الجعفي فقلت له: ولم سمّي الباقر باقرًا ؟ قال: لأنّه بقر العلم بقرًا أي شقّه شقًّا وأظهره إظهارًا.
ولقد حدّثني جابر بن عبد اللّه الأنصاري أنّه سمع رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) يقول : يا جابر إنّك ستبقى حتى تلقى ولدي محمد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب المعروف في التوراة بباقر، فاذا لقيته فأقرأه منّي السلام، فلقيه جابر بن عبد اللّه الأنصاري في بعض سكك المدينة، فقال له: يا غلام من أنت؟ قال : أنا محمد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب.
 قال له جابر: يا بني أقبل فأقبل، ثم قال : أدبر فأدبر، فقال : شمائل رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) وربّ الكعبة، ثم قال : يا بنيّ رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) يقرئك السلام، فقال: على رسول اللّه السلام ما دامت السماوات والأرض وعليك يا جابر بما بلّغت السلام، فقال له جابر : يا باقر، يا باقر، أنت الباقر حقًّا أنت الذي تبقر العلم بقرًا.
ثم كان جابر يأتيه فيجلس بين يديه فيعلّمه، فربّما غلط جابر فيما يحدّث به عن رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) فيردّ عليه ويذكره، فيقبل ذلك منه ويرجع إلى قوله، وكان يقول : يا باقر، يا باقر، يا باقر، أشهد باللّه أنّك قد أوتيت الحكم صبيًّا .
وفي تذكرة سبط ابن الجوزي: إنمّا سمّي الباقر من كثرة سجوده، بقر السجود جبهته، أي فتحها ووسعها، وقيل لغزارة علمه‏.
وقال ابن حجر الهيثمي في الصواعق المحرقة مع كثرة عناده ونصبه : أبو جعفر محمد الباقر سمّى بذلك من بقر الأرض أي شقّها وأثار مخبأتها ومكامنها فلذلك هو أظهر من مخبئات كنوز المعارف وحقائق الأحكام واللطائف ما لا يخفى إلّا على منطمس البصيرة أو فاسد الطويّة والسريرة، ومن ثمّ قيل هو باقر العلم وجامعه وشاهر علمه ورافعه الخ .
و كان نقش خاتمه العزة للّه أو العزّة للّه جميعًا وعلى رواية أنّه كان يلبس خاتم جدّه الحسين (عليه السلام) وكان نقشه إنّ اللّه بالغ أمره ؛ وروي غير هذا أيضًا ولا منافاة بينها لإمكان تعدّد خواتيمه ولكل نقش مستقل.

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد