من التاريخ

دوافع المأمون لعقده ولاية العهد للامام الرضا عليه السلام

الشيخ باقر شريف القرشي

لا بد لنا من وقفة قصيرة للنظر في الأسباب والدوافع التي دعت المأمون إلى عقده بولاية العهد للإمام الرضا (عليه السّلام) وهذه بعضها:

1- إنه لم يكن له مركز قوي في الدولة الإسلامية فقد كانت الأسرة العباسية تحتقره وذلك من جهة أمه (مراجل) التي كانت من خدم القصر مضافًا إلى صلته القوية بالفضل بن سهل وتوليته جميع أموره وهو فارسي الأصل وكذلك كان أخوه الأمين يبغضه ويبغي له الغوائل ويكيده من جهة منافسته له على السلطة، فأراد المأمون تدعيم مركزه وتقوية نفوذه والتغلب على الحاقدين عليه فعقد بولاية العهد لأعظم شخصية في العالم الإسلامي وهو الإمام علي بن موسى الرضا (عليه السّلام) فهو ابن الإمام الصادق الملهم الأول لقضايا الفكر، والعلم في الإسلام كما يدين بإمامته والولاء له شطر كبير من المسلمين فلذا بادر إلى تعيينه لهذا المنصب الخطر في الدولة الإسلامية.

2- وقبل أن يتسلم المأمون قيادة الدولة الإسلامية كان على علم بما يكنه المجتمع الإسلامي من الكراهية والبغض للأسرة العباسية وذلك لما اقترفوه من الظلم والاستبداد بأمور المسلمين وما صبّوه على السادة العلويين دعاة العدل الاجتماعي من أنواع الجور والطغيان حتى تمنى المسلمون عودة الحكم الأموي على ما فيه من قسوة وعذاب يقول الشاعر:

يا ليت جور بني مروان عاد لنا            وليت عدل بني العباس في النار

ويقول شاعر آخر:

ما احسب الجور ينقضي وعلى الـ                 أمّة وال من آل عباس‏

فأراد المأمون أن يفتح صفحة جديدة للمواطنين ويلقي الستار على سياسة آبائه فعين الإمام الرضا (عليه السّلام) الذي هو أمل الأمة الإسلامية لولاية العهد.

3- إن معظم جيش المأمون ضباطًا وجنودًا كانوا من الشيعة الذين يدينون بإمامة الامام الرضا (عليه السّلام) فأراد أن يكسب ودهم وإخلاصهم.

4- إن الثورة ضد الحكم العباسي قد اندلعت في معظم الأقاليم الإسلامية وكان شعار الثوار الذي رفعوه الدعوة إلى الرضا من آل محمد (صلّى اللّه عليه وآله) وقد استجاب الثوار لهذه البيعة التي عقدها للإمام وفي نفس الوقت فقد أضفى على الإمام لقب الرضا ليجلب بذلك المأمون عواطف الثوار وبالفعل فقد بايع الثوار المأمون واستراح من الخطر المحدق بدولته الذي كاد أن يلف لواءها ويطوي معالمها وكانت خطة المأمون وأنه من الطراز الأول في السلك الدبلوماسي فقد استطاع أن يتغلب على الأحداث المحيطة وينقذ حكومته من أعظم خطر محدق بها.

5- وفي بيعة المأمون للإمام الرضا (عليه السّلام) بولاية العهد فقد اكسب المأمون حكومته الشرعية وأنها ليست ظالمة كحكومة آبائه وعلى هذا فالخروج عليه غير مشروع ويجب على المسلمين مناهضة الثائرين عليه.

6- ومن المكاسب التي ظفر بها المأمون في هذه البيعة هو أنه تعرف على عناصر الشيعة وتعرف على هوياتهم ولم يعودوا يعملون في السر والخفاء فقد كانت خلاياهم سرية للغاية وبعد البيعة ظهر أمرهم وانكشفوا للسلطة.

7- ومن الأهداف التي كان ينشدها المأمون في هذه البيعة هو إظهار الامام (عليه السّلام) أنه ليس من الزاهدين في الدنيا وإنما كان من عشاقها في قبوله لهذه البيعة ولم تكن تخفى على الإمام جميع أهداف المأمون، فقد أبطلها وذلك بالشروط التي اشترطها على المأمون أن لا ينصب ولا يعزل ويكون بمنحى عن الحكم ...

هذه بعض الأهداف التي دعت المأمون إلى عقده ولاية العهد إلى الإمام الرضا (عليه السّلام)..

 

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد

مواقيت الصلاة