فجر الجمعة

نداء الجمعة | علي هو الإمام

 

سماحة الشيخ عبد الكريم الحبيل ..

أيها الأخوة الكرام في هذه الأيام السعيدة المباركة، أيام عيد الغدير الأغر، وأيام نزول سورة هل أتى، وأيام نزول آية الولاية حينما تصدق علي (ع) بخاتمه وهو راكع، وأيام المباهلة، كذلك حينما باهل رسول الله (ص) نصارى نجران بأهل بيته الطاهرين به وبعلي وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام، كما أن أيضا هذه الأيام تصادف ذكرى خلافة أمير المؤمنين (ع) الفعلية حينما آلت إليه الخلافة بعد مقتل الخليفة الثالث عثمان ابن عفان، كما أن أول هذه الشهر كان قران علي (ع) بالزهراء، فهذا الشهر كله لأمير المؤمنين والزهراء عليهما السلام، شهر مناسبات أهل البيت، شهر الغدير شهر ولاية أمير المؤمنين علي (ع) من مناسبة إلى مناسبة ومن ذكرى عظيمة إلى ذكرى أخرى أعظم، كلها تلك تكريما وتجليلا وتعظيما لمقام علي (ع) والأئمة من أبناءه الطاهرين صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين، أسأل الله أن يعيده علينا وعليكم هذه الأيام الميمونة السعيدة المباركة وعلى أبناء الأمة الإسلامية جمعاء ونحن في خير وعافية وعزة للإسلام والمسلمين.

علي هو الإمام هذا ما أريد أن نتحدث عنه، علي هو الإمام تلك قضية تحتاج إلى شيء من الوقفات والتدبر في ذلك الإعداد الإلهي الرباني الذي قام به رسول الله (ص) لإعداد علي (ع) لذلك المنصب الإلهي الكبير ولما تميز به علي (ع) كذلك والذي يتجلّى فيه أن عليا حقا هو الإمام وأنه لا يليق بعلي (ع) من المناصب إلا منصب الإمامة والإمامة الإلهية الإمامة التي هي من العليّ الأعلى من الله سبحانه وتعالى هناك نقطتان أريد أن أبينهما قبل الدخول في الموضوع، وعلى السريع وبجملتين قصيرتين النقطة الأولى يقولون أو يقول علماء الاجتماع وغيرهم بأن القائد الناجح هو الذي يستطيع أن يصنع قائدا من بعده أن القائد هو الذي يستطيع أن يصنع من بعده قيادة تتحمل المسؤولية وترعى تلك المسيرة وترعى ذلك المشروع أو تلك الرسالة التي جاء بها ومن أجلها، ولا شك أن رسول الله (ص) كما هو رسول هو إمام وهو قائد للبشرية جمعاء وقائد إلهي رباني وقد جاء بشريعة إلهية ربانية، وجاء بشريعة يراد منها أن تبقى إلى يوم القيامة، أن تكون خاتمة الرسالات، حلال محمد حلال إلى يوم القيامة وحرام محمد حرام إلى يوم القيامة يعني أن رسول الله (ص) جاء بشريعة إلهية ربانية يبنغي أن تبقى تلك الشريعة وذلك المشروع الإلهي الكبير من غير تحريف ولا تغيير ولا تبديل ولابد أن يكون على ذلك المشروع رائدا وحاميا وإماما وراعيا من بعده، وإلا ستضيع تلك الجهود الجبارة الكبرى، ولهذا كان لابد لرسول الله (ص) من أن يصنع قائدا عظيما وبإعداد إلهي رباني من بعده، النقطة الأخرى أن يكون ذلك الرائد والإمام والقائد من أهل البيت (ع)، وهذه القضية سبق وأن طرحتها لكم وقلت لكم أنها سنة من السنن الإلهية القرآنية التي جعلها الله سبحانه وتعالى سنة في أنبياءه ورسله، وبيّنها في القرآن الكريم، وسبق أن بيّنت لكم هذه القضية في إحدى أيام الجمعة هنا، وذكرت لكم وباستقراء للآيات القرآنية التي ركزت على هذه السنة الإلهية وعلى ذلك الإصطفاء، وأن الله حينما يصطفي رسولا يصطفي ذريته أهل بيته، وفي ماشاء الله من الآيات القرآنية التي ذكرت هذه القضية ونصت عليها نصا، وأذكر لكم بعضا من تلك الآيات أو مقطعا من سورة الأنعام، قال تعالى "وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ ۚ كُلًّا هَدَيْنَا ۚ وَنُوحًا هَدَيْنَا مِن قَبْلُ ۖ وَمِن ذُرِّيَّتِهِ" من ذرية من؟ من ذرية إبراهيم، "دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَىٰ وَهَارُونَ ۚ وَكَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ * وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَىٰ وَعِيسَىٰ وَإِلْيَاسَ ۖ كُلٌّ مِّنَ الصَّالِحِينَ * وَإِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطًا ۚ وَكُلًّا فَضَّلْنَا عَلَى الْعَالَمِينَ" 84-85-86، كلهم هؤلاء من ذرية إبراهيم، وأكبر من هذا "وَمِنْ آبَائِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَإِخْوَانِهِمْ ۖ وَاجْتَبَيْنَاهُمْ وَهَدَيْنَاهُمْ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ" 87، إلى أن يقول "أُولَٰئِكَ الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ" 89، إلى آخر الآيات، إذا هناك إصطفاء واجتباء للذرية ومن الذرية ومن الآباء ومن الذريات ومن الإخوان ومن آبائهم وذرياتهم وإخوانهم واجتبيناهم وهديناهم إلى صراط مستقيم فما بالك بأشرف الرسل وأشرف الخلق على الأطلاق وأشرف الآل آل المصطفى محمد (ص) يعني كل أولئك الأنبياء والرسل الله اصطفى ذراريهم واخوانهم وآبائهم وذرياتهم إلا محمد قال له أنت ما لك شي!

 

إذا هذان نقطتان أساسيتان صناعة القيادة والإصطفاء من أهل بيت النبوة وهذه سنة قرآنية جعلها الله في أهل بيت أنبياءه ورسله "رَحْمَتُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ ۚ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَّجِيدٌ" 73 - هود، رحمة وبركات من الله على أهل البيت على أهل بيت الرسول "أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَىٰ مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ" 54 - النساء، طيب ما هو إذن؟ إذا كان هناك إعداد ما هو ذلك الإعداد الإلهي والمحمدي لعلي (ع) ليكون هو الإمام من بعد رسول الله (ص) "وَاجْعَل لِّي وَزِيرًا مِّنْ أَهْلِي * هَارُونَ أَخِي" 29-30،طه، هنا ذلك الإعداد لعلي (ع) جاء ليمييز علي وليترك في كل حادثة جرس إنذار عظيم لنا نحن الأمة ينبهنا ذلك الجرس يدق دقا قويا جدا إنتبه توقف أنظر إقرأ، أول ذلك الجرس الكبير ولادة علي (ع) في جوف الكعبة، في يومها الأخير تأتي فاطمة بنت أسد وقد جاءها المخاض وجاءت تطوف بالبيت وهي وتدعو وتتوسل وإذا فجأة ينشق جدار البيت ويدفعها جبرائيل إلى جوف الكعبة لتلد عليا في جوف الكعبة، يقول عبد الباقي العمري الشاعر السني عبد الباقي العمري شاعرسني معروف يخاطب علي انت العلي الذي فوق العُلا رُفِعا ببطن مكة وسط البيت إذ وُضعا، ويقول الحميري وهو من شعراء القرن الثاني يعني أوائل القرن الثاني أيضا لأنه كان معاصرا للإمام الباقر والصادق عليهما السلام يقول الحميري ولدته في حرم الإله وأمنه والبيت حيث فناؤه والمسجد بيضاء طاهرة الثياب كريمة طابت وطاب وليدها والمولد في ليلة غابت نحوس نجومها وبدت مع القمر المنير الأسعد، يقول الألوسي وهو عالم من علماء السنة الكبار السيد محمود الألوسي وكون الأمير كرم الله وجهه ولد في البيت أمر مشهور في الدنيا وذكر في كتب الفريقين السنة والشيعة، أمر سارت به الركبان قضية تاريخية حقيقة الآن أصبحت حقيقة تاريخية جسدها المؤرخون والشعراء والأدباء ويعني مو رواية صحيحة تبحث عنها رواها فلان عن فلان حتى تأتي تشكك بهذه الرواية واحدة أو رواية آحاد هذه قضية سار بها الشعراء والكتاب والمؤرخون والأدباء، يقول السيد رضا الهندي وهو يجسد ذلك المعنى الكبير لما دعاك الله قدما لأن تولد في البيت فلبيته شكرته بين قريش بأن طهرت من أصنامهم بيته، الله دعاك لأن تولد في البيت فلبيت ذلك النداء فشكرت الله على تلك النعمة بأن طهرت بيته من الأصنام، علي مكسر الأصنام من عن الكعبة، هذه القضية ما تستوقفك؟ يعني هذه قضية ميلاد بهذه الكيفية ما تجعلك لماذا هذه الشخصية تولد في البيت؟ حدث غريب وقضية مثيرة للإنتباه وجرس كبير جدا، لماذا هذا من كل أبناء قريش يولد في اليبت؟ لماذا يجري له هذا الحدث العظيم، أنت عندما تسمع بأنه لما ولد رسول الله (ص) حدثت تلك الآيات الكبيرة عند ولادته ألا تستوقفك أنه مولد يولد فيحدث كذا وكذا وحتى حوادث كونية وحوادث أرضية وغيرها إذا هناك ميلاد لشخص عظيم ميلاد لشخص إلهي رباني ميلاده في جوف الكعبة يعني ميلاد لإنسان بإرادة السماء أن يولد في ذلك المنام وبالتالي هذا شخصية يراد منها الإعداد لمنصب إلهي رباني.

 

النقطة الأخرى صناعة وتربية علي على يد رسول الله، يذكر المؤرخون بأنه مر بمكة جذب، وماتت فيها الإبل والأغنام، وكان أبو طالب معيل عنده من الأولاد عشرة فاجتمع إخوة أبي طالب وأرادوا أن يخففوا عليه الإعالة، وخففوا على أبي طالب الإعالة، فأخذ كل واحد منهم واحدا من أولاد أبي طالب، وجاء رسول الله (ص) ليأخذ عليا، ويأخذ علي وهو فطيم، يعني صغير جدا، هذه يكون علي ليتربى على يد رسول الله ويتعلّم من رسول الله وينهل من فيض رسول الله ويغترف من علوم رسول الله (ص) إذا كانت مريم إبنة عمران الله سبحانه وتعالى يقول "وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا" "وَأَنْبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا" 37 آل عمران، وزكريا ليس رسول وإنما كان نبيا وتربت على يديه وبرعايته مريم، وهذا محمد ليس نبيا فحسب وإنما رسول وليس رسولا فحسب وإنما رسول من أولي العزم وليس رسول من أولي العزم فحسب وإنما أفضل رسل أولي العزم على الإطلاق بل أفضل الخلق على الإطلاق محمد (ص)، علي يتربى على يد تلك الشخصية العملاقة العظيمة، الله أدب محمد ومحمدا أدب عليا، وتعالوا إسمعوا علي ماذا يقول عن تلك التربية وذلك الإعداد، إسمعوا ماذا يقول علي، يقول ولقد علمتم موضعي من رسول الله (ص) بالقرابة القريبة والمنزلة الخصيصة، هناك منزلة خصيصة جدا، وضعني في حجره وأنا وليد، يعني بعدني فطيم صغير وليد، يضمني إلى صدره ويكنفني في فراشه، يعني أنام معه وعلى فراشه، ويمسني جسده، ويشمني عرفه، عرفه يعني طيبه، يعني أنا لصيق به جسدي بجسده، وأشمه ويشمني، أنام على فراشه معه يعني، وكان يمضغ الشيء ويلقمنيه، يمضغ الطعام ويلقمه عليا، وهو صغير، وما وجد لي كذبة في قول، ولا خطلة في فعل، وكنت أتبعه اتباع الفصيل أثر أمه يرفع لي في كل يوم من أخلاقه علما ويأمرني بالإقتداء به، هذه العلاقة وهذه التربية وهذه الرعاية الأولى وكل يوم علي يأخذ من أخلاق رسول الله علم ويأمره بالإقتداء به أليس ذلك إعداد؟ اعداد، هذا الإعداد عندما يقال القائد يصنع قائدا من بعده، ويعده لتحمل المسؤولية، هذا الإعداد، وإعداد إلهي ورباني من اليوم الأول منذ أن كان فطيما، ويقول هو عليه السلام لقد عبدت الله تعالى قبل أن يعبده أحد من هذه الأمة، كنت أسمع الصوت وأبصر الضوء سنين سبعا ورسول الله (ص) صامت ما أذن له في الإنذار والتبليغ، يسمع الصوت صوت الوحي، ويبصر الضوء نور جبرائيل والملائكة تتنزل على رسول الله ونور الوحي سنين سبعا، ورسول الله صامت ما أذن له في الإنذار والتبليغ، هذا علي هذه الشخصية هذا الإعداد الإلهي والرباني، أنت ما تستوقفك ليش؟ رسول الله يأخذ عليا منذ صغره ومنذ أن كان فطيما يرعاه ويربيه على يديه، ويعطيه في كل يوم ويرفع له في كل يوم علما وأخلاقا، ويسمع وحي السماء، هذه ما تستوقفك، هذا الإنسان يعد كل هذا الإعداد؟ حادثة الدار يوم الإنذار حينما أمر الله نبيه المصطفى بتبليغ عشيرته الأقربين "وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ" 214 -الشعراء، والحادثة كلكم سمعتموها مرارا وكرارا حينما جمع رسول الله (ص) أهل بيته وعشيرته الأقربين وصنع لهم مائدة ثم دعاهم إلى الإسلام وقال من ينصرني ويؤازرني على هذا الأمر ويكون أخي ووصي ووزيري وخليفتي من بعدي، فلم يقم منهم أحد إلا علي يقول أنا يارسول الله، وكم كان عمر علي؟ عمر علي لم يبلغ الحلم في تلك الفترة، لم يبلغ الحلم يعني غلام مميز في إصطلاحنا في هذا الزمان، يقوم ويقول أنا أنظر إلى تلك الثقة بالنفس والإعداد الذي أعده له رسول الله (ص) كيف غلام يتحمل تلك المسؤولية ويؤمن ذلك الإيمان الكبير ويقول أنا أهل لتحمل تلك المسؤولية، ثم يخاطبه رسول الله (ص) بعد ذلك أنت أخي ووصي ووزيري وخليفتي من بعدي، هذا ليس هذا جرس ما يستوقفك هذا؟ ما يخليك تقف عند هذه الحادثة؟ ما تدبر في الأمر؟ كل هذه الأمور ما هي إعداد؟ كل هذه الأمور ليست تهيئة؟ كل هذه الأمور ليست صناعة؟ يصنع على عين رسول الله، وهكذا رسول الله (ص) يبين مكانة علي ومنزلة علي وإعداد علي لذلك المنصب الإلهي الكبير الخطير في كل موقف وفي كل قضية سواء مبيته على فراش رسول الله (ص) تحميله إلى أماناته بعد أن هاجر إلى المدينة وحمّل عليا (ع) كل أماناته التي كانت لديه ليرجعها إلى أهلها، كذلك كل المواقف التي جرت في أيام المدينة المنّورة سواء مواقف علي (ع) في الحروب أو مواقف علي (ع) التي تنزلت فيها آيات الذكر منوهة بفضل علي، التصدق بالخاتم سورة هل أتى، حديث المنزلة غيرها من المواقف إلى أن جاءت حادثة الغدير وما أدراك ما حادثة الغدير، كل ذلك إعداد كل ذلك تهيئة، كل تلك التهيئة والإعداد والمواقف الكبرى هي لصناعة تلك الخلافة وذلك المنصب الإلهي الكبير، وأما مواقف علي (ع) إمامته التي تظهر من مواقفه وتظهر علو شأنه وعظمة منزلته وأنه إمام معصوم وأمين على الدين فمواقفه كبيرة جدا، سواء بعد وفاة رسول الله (ص) أو حينما آلت إليه الخلافة يكفينا ذلك الموقف بعدما جرى ما جرى على الخليفة الثاني طعنه أبو لؤلؤة المجوسي في المسجد بالخنجر وأمر بأن يجمع ستة من كبار أصحاب رسول الله (ص) وأمرهم أن يختاروا خليفة من بينهم لثلاثة أيام، وكانوا في اجتماعهم ذاك يتشاورون فقال عبد الرحمن ابن عوف مد يدك يا علي أبايعك على كتاب الله وسنة رسوله وسيرة الشيخين، وعلي يرفض ويقول له تبايعني على كتاب الله وسنة رسوله واجتهادي، بماذا؟ الدنيا ستأتيه والدنيا كل الدنيا مو دنيا مثلا دولة صغيرة على مستوى دول الخليج أو واحدة من الدول العربية، لا دولة كانت أقصاها أوروبا غربا وتخوم روسيا شرقا وممتدة إلى أفريقيا شمالا، دولة كبرى كلها رايحة بتصير تحت يد علي بن أبي طالب، الدنيا كلها تحت يد علي وإمرة علي، تلك الدولة العظمى بكل تلك المماليك والمدن والبحار والأنهار ستسلم في يديه مقابل كلمة واحدة ويرفض علي (ع) لئلا يجعل ما ليس إلهيا إلهيا ولئلا يضيف إلى الكتاب والسنة شيئا ليس في مستوى الكتاب والسنة، كتاب الله وسنة الرسول، ولو وافق علي على سيرة الشيخين لأصبحت سيرة الشيخين ككتاب الله بالمستوى كتاب الله وسنة الرسول وسيرة الشيخين على حد سواء الثلاثة، ويرفض علي يرفض لأنه إمام معصوم مفترض الطاعة، أمين وحجة على الخلق، ومستحفظ على كتاب الله وسنة رسوله، إمام المبادئ والقيم، وضحى من أجل المبادئ والقيم، أذكر لكم الموضوع هذا طويل جدا، ولكن أذكر لكم قصة لطيفة طريفة، يقال أنه في أيام الدولة القاجارية التي كانت قبل الدولة البهلوية، الدولة البهلوية أكثركم لحق عليها هي التي أسقطها الإمام الراحل قدس الله نفسه الزكية، قبل الدولة البهلوية كانت الدولة القاجارية، الدولة البهلوية دولة قصيرة ما حكم فيها غير إثنين، رضا خان وولده، في الدولة القاجارية امتدت لسنوات يعني بعد سقوط الدولة الصفوية وجاءت الدولة القاجارية واستمرت سنين طويلة كان رئيس الوزراء يقال له المستشار الأعظم أو الصدر الأعظم، كان أحد الخطاطين الكبار من خطاطي شيراز ضاق به الحال في شيراز، فقال ما لي إلا العاصمة أذهب إلى طهران العاصمة هناك ليستدر الرزق، ويحصل على رزق هناك من خلال خطه وكتابته، فذهب وكان إنسان مؤمن دين ملتزم، ومكث هناك، وجاءت في رأسه فكرة أن يكتب عهد أمير المؤمنين إلى مالك الأشتر بخط جميل جدا، ويهديه للصدر الأعظم المستشار الكبير، فكتبه بخط جميل وجلّده وذهب ودخل وشاف له واحد واسطة كذا يدخله على رئيس الوزراء الصدر الأعظم دخله عليه، فرأى المكان مزدحما، فكتب إليه أن لي لديك هدية، فقال له جيء بها فأعطاه إياه مكتوب عليه من الخارج عهد أمير المؤمنين علي (ع) لمالك الأشتر، فقال له إجلس لا تطلع، بعدما قبل هديته، جلس ورايح له من الصباح، جلس والمراجعين يدخلون ويطلعوا، جاء بيطلع قال له إجلس، هذا أوجس في نفسه خيفة، إنتهوا المراجعين صار الظهر وبعد الظهر إنتهوا المراجعين جى يستئذن قال له إجلس، جلس قام أخرج كل الجنود والكتّاب الذين معه والموظفين كلهم ويقول فخفت أكثر، جلس الآن ما في إلا هو معه فقط، فقال له لماذا جئتني بعهد علي إلى مالك الأشتر؟ قال له لأنك رئيس وزراء وتحكم بين الناس وهذا عهد أمير المؤمنين هذا نور تركه لنا علي وأنت أولى ممن يستفيد من هذا الضياء وهذا النور وهذا العهد، فأحببت أن أكتبه لك بخط جميل وأهديك إياه، قال له هذا علي عمل بعهده إلى مالك، ولما عمل بعهده إلى مالك ويش إستفاد علي؟ قتلوه وراحت دولته، فتريدني أن أعمل بعهد علي إلى مالك الأشتر! وتالي يقتلوني وتروح الدولة؟ تريدني أن أكون مثل علي؟ علي ماذا أصبح مصيره عندما عمل بهذه التعاليم؟ قتلوه وراح ملكه، وانتهت دولته، قال له ليش ما قلت هالكلام يوم الناس موجودين؟! وليش طلعت كل الجنود والكتاب اللي عندك وما قلت هذا الكلام فيما بينهم قلته بيني وبينك؟ قال لو قلته أمامهم لقتلوني، قال له إذا الآن أنتصر علي، علي استشهد وقتل من أجل المبادئ ومن أجل الحق وأعلم أن الناس في هذه المدينة الضخمة الكبيرة حينما لا يعتدون على بعضهم البعض ولا يسرقون ولا يتهجمون ولا ولا ولا يفعلون ما يفعلون ليس خوفا من سلطانك وإنما تقديس للمبادئ التي استشهد من أجلها علي، علي خلّد المبادئ والقيم، علي صنع في نفوس الناس الأمان وصنع في نفوسهم الحق، وصنع في نفوسهم الأخلاق، واستشهد من أجلها لتبقى القيم والمبادئ ويبقى علي (ع) إمام المبادئ والقيم مدى التاريخ، جعلنا الله وإياكم من المتمسكين بولاية علي (ع) وثبتنا وإياكم بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الاخرة وأسأل الله سبحانه وتعالى أن يرزقنا وإياكم شربة لا نظمأ بعدها أبدا من كف علي وحوض رسول الله يوم الورود إنه سميع مجيب.

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد

مواقيت الصلاة