قرآنيات

معلومات الكاتب :

الاسم :
الشيخ عبد الله الجوادي الآملي
عن الكاتب :
فيلسوف، مفسر وعالم دين إسلامي و مرجع شيعي، مؤسس مؤسسة الإسراء للبحوث في في مدينة قم الإيرانية

سنام القرآن في نظر صفوة البشر

وصفت سورة البقرة المباركة في كلام الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) وأهل بيته (عليهم السلام)، بصفات محمودة تنبئ عما تتمتّع به هذه السورة من منزلة عظيمة.

ففي الحديث النبوي الشريف، عبّر عن هذه السورة تارة بـــــ "سنام القرآن"؛ أي قمته العالية: «أنّ لكل شيء سناماً وسنام القرآن سورة البقرة»1، وتارة بـــــ "سيد القرآن"2 ، أو "فسطاط القرآن"؛ أي خيمة القرآن وسرادقه3. كما قال النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) : «أعطيت الطوال مكان التوراة، وأعطيت المئين مكان الإنجيل، وأعطيت المثاني مكان الزبور، وفضلت بالمفصل سبع وستين سورة»4. وفي موضع آخر عندما «سئل النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) : أيّ سور القرآن أفضل؟ قال: البقرة»5.

على الرغم من أن بعض سور القرآن الأخرى، كالحمد، عرفت بأنها أفضل سورة، إلّا أن هذا لا يتنافى مع أفضلية سورة البقرة؛ وذلك لأن أفضلية كلّ منهما ينظر إليها من زاوية، وأن الأفضلية في مثل هذه الموارد هي أفضلية نسبية، لا مطلقة ولا نفسية.

فأفضلية سورة الحمد، مثلاً، هي من باب انطوائها على عصارة معارف القرآن مع إيجازها واختصارها، ولهذا السبب فقد سميت بـــــ "أم الكتاب"6. وأفضلية سورة البقرة هى من باب جامعيّتها؛ فهذه السورة الموسعة، جامعة لأصول المعارف، والأخلاق، والحقوق، والأحكام الفقهية الجمّة، وهي من هذه الجهة تعدّ فريدة من نوعها من بين سور القرآن. من هنا، فقد أقام البعض، في صدر الإسلام، ثمانية أعوام من أجل تعلّمها7.

كانت لسورة البقرة عند النبي الكريم (صلى الله عليه وآله وسلم) عظمة فائقة، بحيث أنه أمّر على الجند أحدثهم سنّاً بسبب حفظه لها، فقد روي أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بعث بعثاً ثم تتبعهم يستقرئهم. فجاء إنسان منهم فقال: ماذا معك من القرآن؟ حتى أتى على أحدثهم سنّاً، فقال له: ماذا معك من القرآن؟ قال: كذا وكذا وسورة البقرة. فقال: اخرجوا وهذا عليكم أمير. قالوا: يا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): هو أحدثنا سنّاً. قال: معه سورة البقرة8. كما أن التأكيد الشديد من قبل أهل البيت (عليهم السلام) على تلاوة هذه السورة، يحكي عن عظمتها في نظر أصفياء الله هؤلاء.

تشتمل هذه السورة على آيات بارزة ونورانية، مثل آية الكرسي التي يعبّر عنها بـــــ "ذروة القرآن"؛ أي قمته الرفيعة، و"كنز العرش": «إن لكل شيء ذروة، وذروة القرآن آية الكرسي»9، و«أعطيت آية الكرسي من كنز تحت العرش، ولم يؤتها نبي كان قبلي»10، كما ورد تعبير «كنز العرش» بخصوص الآيات الأواخر من هذه السورة أيضاً: «أعطيت لك ولأمتك كنزاً من كنوز عرشي؛ فاتحة الكتاب، وخاتمة سورة البقرة»11 .

ــــــــــــــــــــــــــــ

1. مجمع البيان، ج 1- 2، ص 111.

2. تفسير أبي الفتوح "روض الجنان وروح الجنان في تفسير القرآن" (فارسي). ج 1، ص93: وتفسير منهج الصادقين (فارسي)، ج 1، ص 121

3. تفسير روض الجنان وروح الجنان، ج 1، ص 92.

4. تفسير العياشي، ج 1، ص25؛ والبرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص23 .

5. مجمع البيان، ج 1 - 2، ص 111، وتفسير نور الثقلين، ج 1، ح26.

6. تفسير تسنيم، ج1، ص 286.

7. روح المعاني، ج 1، ص163: والجامع لأحكام القرآن، مج 1. ج 1، ص148.

8. مجمع البيان، ج 1 - 2، حن 111 .

9. تفسير العياشي، ج 1، ص136: وبحار الأنوار، ج89. ص267.

10. الأمالي للطوسي، ص509؛ بحار لأنوار، ج89، ص 264.

11. معاني الأخبار، ص 51.

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد