
{نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ وَقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلاقُوهُ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنين}.[1]
يقدّم الزواج الكثير من المتع والفوائد والثمار الطيبة. أكثر الذين يُقدِمون على الزواج يبتغون من ورائه مختلف أشكال السعادة واللذة والسرور. المبالغة في توقّعاتنا من الزواج أمرٌ سيئ، والتقليل من رغباتنا منه لا يقل سوءًا.
الزواج ليس مجرّد اختبار أو مسؤوليّة والتزام. ففي ظلّ التّعاطي بواقعيّة ومسؤوليّة مع هذه المؤسّسة الرّفيعة يحصل الكثير من المُتع واللذائذ. وطلب مثل هذه الأمور هو شيء في محلّه. والسر كلّه يكمن في هذه المعادلة: بمقدار ما تقدّم لزواجك يمكن أن تجني أو أكثر.
والكلام هنا موجّه أساسًا لمن يعوّل عليه أو يُنتظر منه أن يقدّم. وفي مجتمعاتنا يكون الرجل في هذا الموقع عادةً. ويبدأ ذلك من المرحلة الأولى وهي التقدّم إلى الفتاة والخطوبة. فالرجل يتقدّم أوّلًا ومع التقدّم ينبغي أن يقدّم. وهكذا تقوم العلاقة على هذه التوقّعات. وحين يتراجع مستوى التقديم من الرجال تتراجع نتائج وفوائد الزواج تراجعًا ملحوظًا. ومع تراجع النتائج، يدخل الزواج في دوّامة الاضطراب والقلق. القلق العاطفي والقلق المادي؛ القلق الذي تعيشه الزوجة جراء تساؤلها عن مدى حبّ زوجها لها؛ وما ينعكس منه على مستوى التبادل الجنسي بكلّ أشكاله.
ظروف الحياة المختلفة ـ والتي قد تقسو على الرجل كثيرًا ـ ربما تمنعه من الاستمرار في عطائه وتقديماته المعتادة. لكن المصيبة ستبدأ حين ينسى الزوج تلك المعادلة، فيدخل هو هذه المرّة في مسلسل من التوقّعات الخاطئة. هنا قد يتصوّر أنّه أصبح في موقعٍ يحتاج معه إلى مبادرة من الزّوجة، وأنّه تعب من كثرة المبادرات أو من قيامه بدور المبتدئ دومًا.
نقول هنا أنّ هذا الرجل قد نسي عنصر سعادته الزوجية الأوّل؛ وعليه أن يتحمّل عاقبة هذا النسيان والإهمال. فلا ينبغي أن ينسى أنّ زواجه قد قام على أساس امتلاكه لعنصر المبادرة (والذي كان يشكّل له متعة خاصّة أيضًا)، لكن هذا لا يعني بالتأكيد أن تقوم الزوجة بمعاقبة زوجها جرّاء نسيانه هذا أو إهماله، لأنّها بدورها ستكون من الخاسرين.
ويكمن الحل الجوهريّ لمثل هذه المشكلة في انتقال الزوجين من هذه اللعبة الخفيّة إلى مرحلة المصارحة والمشاركة المتبادلة، إن أمكن.
أجل إنّ هذا الانتقال صعب ويحتاج إلى فنٍّ خاصّ، لكنّه عظيم النتائج. فما من عيب أو خلل في أن يقوم الزواج على المصارحة بالحاجات والرّغبات، وإن كان هذا الأمر مخالفًا للقاعدة الأولى التي قام عليها.
إن اعتادت زوجتك على مبادرتك لسنوات، فلا تتوقّع منها أن تنتقل إلى مصارحتك بما تريد وترغب، فضلًا عن أن تبادر بنفسها دفعةً واحدة، أو حتى في وقتٍ قصير نسبيًّا. وإذا كنتَ ترغب في مبادرتها لك ـ الأمر الذي يمكن أن يصبح حاجة أساسيّة للرجل بعد متوسّط العمر ـ فعليك أن تمهّد لذلك بذكاء وفطنة؛ وهو نوع من التقديم أيضًا.
لا تخرج كلفة المبادرات عن المسؤوليّات المتوقّعة، سواء من ناحية النفقة أو المعاملة الأخلاقية الإيمانية؛ وإن كانت بمعظمها تكاليف عاطفية لا تتطلّب منّا الكثير، مثل البشاشة والكلمة الطيبة وحسن التقدير. "إنَّ أَبْخَلَ النَّاسِ مَنْ بَخِلَ بِالسَّلَامِ"،[2] كما جاء في الحديث النبويّ. لكنّنا كبشر نسرع إلى استحضار الشحّ بطبيعتنا. وسرعان ما تصبح المبادرات الطبيعية المعتادة ذات كلفة عالية بالنسبة لنا. فنحسب للبدء بالقبلة أو العناق أو الكلمة الجميلة أو الزهرة اللطيفة ألف حساب.
ما الذي حدث حتى صارت مثل هذه الأمور ثقيلة على نفوسنا؟ وهل أنّ ذلك بسبب ما سيستتبعها من طلبات أخرى لا طاقة لنا بها؟
هل أنّ العناق سيستتبع مطالبةً بشاشة تلفزيونية ذات 42 إنشًا؟ وهل أنّ القبلة ستجرّنا إلى موقفٍ حميم لا قدرة لنا عليه وسط بحر غمومنا وهمومنا؟
قد يكون هناك تكاليف وأعباء إضافية عرفناها من تجارب الحياة. فنحن كبشر مبتلون بالطمع وقلّة القناعة. وما نتوقّعه من الزواج وفي الزواج غالبًا ما يخرج عن نطاق ما يمكن للزواج أن يقدّمه. وقد قيل أنّ المرأة قبل الزواج لا تريد شيئًا سوى الزوج، وحين تتزوّج تريد كلّ شيء.
هذه التوقّعات هي التي تضرب معادلة الزواج الناجح وتصيبه في الصميم، فيتحوّل من موقع لتبادل المنافع الجميلة إلى محل لمطالب كثيرة، يتبعها ملامات لا تنتهي وشعور بالغبن والحرمان يقضي على كل لذائذه المؤنسة.
وفي ظلّ هذه الجدلية المغرقة قد يكون المخرج لكلّ شيء في النظر إلى لذّة العطاء والتقديم بمعزل عن المسؤوليات والتوقّعات. وبالرغم من أنّ ما نفهمه من تعاليم الدين بأنّ الله تعالى لم يفرض على الزوجة المبادرة، لكنّه حسّن ذلك وجعله مناط أجر عظيم. كما جاء في أهمية الاستعداد والتهيّؤ والإقبال. فالإيثار والتفضّل من أكبر أسرار نجاح الحياة الزوجية، بل الحياة كلّها.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1]. سورة البقرة، الآية 223.
[2]. وسائل الشيعة،ج 12، ص 61.
معنى (ركض) في القرآن الكريم
الشيخ حسن المصطفوي
بين الإنسان والملائكة
السيد محمد حسين الطبطبائي
القيادة الحائرة بين القيم.. ما الذي ينبغي أن نقدّمه لتحقيق التقدّم؟
السيد عباس نور الدين
ما بعد فلسفة الدين…ميتافيزيقا بَعدية (3)
محمود حيدر
لماذا لا يستطيع مرضى الزهايمر التعرف إلى أفراد أسرهم وأصدقائهم؟
عدنان الحاجي
تعقّل الدّنيا قبل تعقّل الدّين
الشيخ علي رضا بناهيان
القرآنُ مجموعٌ في عهد النبيِّ (ص)
الشيخ محمد صنقور
الحِلم سجيّةُ أولياء الله وزينتهم
الشيخ محمد مصباح يزدي
(لَوْلَا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ)
الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
التّوحيد والمحبّة
السيد عبد الحسين دستغيب
السيدة الزهراء: حزن بامتداد النّبوّات
حسين حسن آل جامع
اطمئنان
حبيب المعاتيق
أيقونة في ذرى العرش
فريد عبد الله النمر
سأحمل للإنسان لهفته
عبدالله طاهر المعيبد
خارطةُ الحَنين
ناجي حرابة
هدهدة الأمّ في أذن الزّلزال
أحمد الرويعي
وقف الزّمان
حسين آل سهوان
سجود القيد في محراب العشق
أسمهان آل تراب
رَجْعٌ على جدار القصر
أحمد الماجد
خذني
علي النمر
دلالة التوقيت في الصلاة
معنى (ركض) في القرآن الكريم
بين الإنسان والملائكة
القيادة الحائرة بين القيم.. ما الذي ينبغي أن نقدّمه لتحقيق التقدّم؟
ما بعد فلسفة الدين…ميتافيزيقا بَعدية (3)
لماذا لا يستطيع مرضى الزهايمر التعرف إلى أفراد أسرهم وأصدقائهم؟
(حافر الزعفران) رواية جديدة للكاتب عبدالعزيز آل زايد
آل إبراهيم واليوسف ممثّلا البيت السّعيد في المنتدى الخليجيّ الخامس للسّياسات الأسريّة في الكويت
تعقّل الدّنيا قبل تعقّل الدّين
معنى (مال) في القرآن الكريم