فجر الجمعة

الشيخ الحبيل: الخرافة لا هدف لها سوى تضليل المجتمع

تحدث سماحة الشيخ عبد الكريم الحبيل إمام جمعة مسجد العباس بالربيعة عن الخرافة وأصلها وتأثيرها على ضوء القرآن الكريم.

وقال الشيخ الحبيل في خطبته التي حملت عنوان "موقف القرآن من الخرافة": "نلاحظ جميعا في الآونة الأخيرة كيف انتشرت في المجتمعات الاسلامية مظاهر كثيرة من الأهواء والضلالات والخرافات بأشكال متعددة وألوان مختلفة وسبب ذلك هو سيطرة الجاهلية المعاصرة التي استولت على العالم بأسره"، وأضاف: "كان العالم حين بعثة رسول الله، تستولي عليه الجاهلية، جاهلية ما قبل الاسلام، وفي زماننا هذا رجعت الجاهلية لكن بأشكال أخرى واليوم هناك الكثير من الأفكار والبدع والضلالات تنشر بين الناس وشملت المجتمعات الشيعية".


وأوضح سماحته أن تعريف الخرافة اللغوي بأنها ما يجتنى من الفواكه في فصل الخريف، وأيضا ما يجتنى في الفواكه في سائر أيام السنة، و يستخدم أيضا لمن أصابه الخرف وضعف الذاكرة على كبر السن، أما تعريفها الاصطلاحي بأنها الحديث المستملح المكذوب الذي لا أصل له ولا وجود ولا يتحمله العقل السليم.

وأشار إمام جمعة مسجد العباس إلى أن موضوع الخرافة قديم وفيه جدل كثير ولها وجود إنساني، وأوضح أن الله سبحانه وتعالى جعل للإنسان خيالا وقدرة على التأمل والتفكر في ملكوت السماوات والأرض.


وذكر أن الخرافة لا ترتبط بالأمور الحسية والعقلية، فهي ليست من صنع العقل ولا الحواس الخمس وإنما هي تأتي عن طريق الخيال، وتعد من ضمن قوى الإنسان وهي القوى المتخيلة والتي يسرح بها الانسان في العالم الواسع التخيلي الكبير، و "لولا العقل والحواس لصار الانسان يعيش في عالم من الخيال لايمكن أن يهتدي بعدها إلى سبيل".


وأبان الشيخ الحبيل أن القرآن الكريم لا يوجد فيه مصطلح الرافة إنما كلمة تشبه مفهومها، وأضاف أن المصطلح جاء بألفاظ متعددة ومنها "التطير"، و"الأساطير، و"الأباطيل"، و"زخرف القول"، "الغرور" وكلمات بمجموعها تشير إلى ذلك المفهوم الخرافي.


وأشار سماحته إلى آيات متعددة منها قوله تعالى: "وقالوا أساطير الأولين اكتتبها فهي تملى عليه بكرة وأصيلا" ، وأيضا قوله تعالى: "إنا تطيرنا بكم لإن لم تنتهوا لنرجمنكم"، مؤكدا على أن مصطلح الخرافة لم يأتي في القرآن وإنما المفهوم ، وما انتشر في المجتمعات الاسلام هو المفهوم حيث تغلغلت في نفوس الشباب.


وقال الشيخ الحبيل: "هناك فرق بين الأسطورة والخرافة، الأسطورة مأخوذة من التسطير ولها وجود واقعي ولكن تمت المبالغة فيها وتتحدث عن زمان معين بما يحول ذلك الزمان إلى شبه أسطوري أو شخصية من الشخصيات يتم المبالغة في صفاتها، إنما الخرافة تتحدث عن أشياء وأشخاص لا وجود لها ولا واقع لها"، وأضاف: "الأسطورة لها أهداف تربوية وأخلاقية وسياسية، وأما الخرافة لا هدف تربوي لها وتصب في مصالح أشخاص قد يكون الهدف منها تضليل المجتمع"، وتابع:"
قد ننسب لأهل البيت عليهم السلام أشياء غير متعقلة ويتم المبالغة في ذلك، كما يفعل بعض الوعاظ الذين لهم هدف أن يتعلقوا بأهل البيت".


وأفاد إمام جمعة مسجد العباس أن الخرافة اعتقادات قلبية ليست قائمة على نظام العلة والمعلول أو نظام عقلي، وأضاف: "عرفت الخرافة بتعاريف متعددة ومنها علمية وفلسفية، حيث عرفت بأنها الرهبة الغير المنطقية والاحتراس من أمر مجهول على أساس خوف بلا مبرر، وعرفت أيضا بأنها كل أمر لا يؤيده العقل ولا العلم ولا الدين ينعها الوهم والخيال ويخشى الناس تركه".

ولفت إلى أنه إذا جاء العلم كشف الحقائق للناس فيرفع تصور الجهل عنهم، الجهل أحيانا يسيطر على الانسان ويغيب عنه العلم، وأشار إلى حادثة موت إبراهيم ابن النبي محمد وكسوف الشمس التي اعتقد فيها الناس أن كسوف الشمس بسبب موت ابن النبي.


وذكر الشيخ الحبيل أن من أسباب انتشار الخرافة هي أن الإنسان بطبيعته قائم على أساس التأثير والتأثر، فالمجتمع حين تسود فيه قضايا الخرافات والجهالات والدجالون ينشرون الخرافة يصبح مجتمع خرافي، وتتحول تلك الخرافة إلى أمر معتقد أو عادة مسلمة وهي لا أصل لها، بالإضافة سبب اقتصادي حيث يعتاش الدجالون من الخرافات عبر نشرها في أوساط المجتمعات حتى أصبح لها قنوات تلفزوني، بالإضافة إلى وجود عدم استقرار نفسي فتسيطر على الانسان أشياء تتعلق بالمغيبات ويفسر الأمور بأنها أمور غيبية كاعتقاد بعض الشباب بأن أنصار الامام الحجة عجل الله فرجه ليس من هذا الزمان بل هم أناس عاشوا في زمان سابق سيعاد احياؤهم مجددا وقت ظهور الامام وكأنه لا يوجد في زماننا هذا كرجال الله الذي قاوموا وهزموا قوى الاستكبار.


وفي القسم الثاني من خطبة الجمعة، أبن الشيخ الحبيل العالم السيد طاهر السلمان الذي توفي يوم الخميس ٦ ديسمبر ٢٠١٨، وقال: "كان رحمه الله عالما جليلا فقيها زاهدا اشتغل بدراسة العلم بالنجف الأشرف وتتلمذ على يد كبار العلماء ورجع إلى بلاده للتبليغ، كان من رجالات الحوزة العلمية في الاحساء واشتغل على دعم الحوزة العلمية".


وبمناسبة يوم التطوع العالمي، أكد سماحته على ضرورة تفعيل مثل هذه الأيام التي يخلدها العالم من أجل تكريم المتطوعين، وأضاف: "لاحظنا في زيارة الأربعين أولئك الناس الذين تطوعوا لخدمة زوار الإمام وخدمتهم وكيف مر موسم كبير لم يقم على دولة أو مؤسسات بل قام عليها متطوعون"

وقال الشيخ الحبيل: "نحن الآن في المتجمعات الاسلامية علينا أن نكثر ظاهرة المتطوعين ونكرمهم، حيث أن هناك من يذم المتطوعين ويتهمهم بالتقصير ببدل تكريمهم بل وينال منهم" ، دعا الى تكثير الفعاليات التطوعية والعمل على تشجيعها.

 

مواقيت الصلاة