تحدّث سماحة الشيخ عبد الجليل البن سعد في خطبة له بعنوان: (التفوق العبادي المرفوض) في الأسرة والعمل والعبادة وسوى ذلك، وذلك في 19 جمادى الأول 1446 هـ في جامع الإمام الحسين (ع) بالحليلة بالأحساء.
قال تعالى: بسم الله الرحمن الرحيم
"أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام كمن آمن بالله واليوم الآخر وجاهد في سبيل الله؟ لا يستوون عند الله". صدق الله العلي العظيم.
تتناول هذه الآية موضوعًا حسّاسًا في حياة المؤمنين، وهو قضية خطاب التفوق. إحدى الآفات التي يتعرض لها المجتمع بصورة عامة، والمجتمع الإيماني بصورة خاصة، هي آفة التفوق.
خطاب التفوق في المجتمع:
خطاب التفوق يظهر في مختلف دوائر المجتمع:
في الأسرة: ربما تجد من يتحدث بطريقة تفوق على أفراد أسرته.
في القبيلة: قد تجد من يتغنى بخطاب التفوق على القبائل الأخرى.
في العمل أو المجتمع: نفس الشيء يظهر هذا الخطاب.
العبادة أيضًا واحدة من الدوائر التي قد يبرز فيها خطاب التفوق.
يحاول البعض انتزاع شهادة التفوق من لسان الآخرين، سواء في الالتزام الديني أو الشعائر، ليظهر أنه الأفضل.
الآية تعرض خطاب التفوق في العبادة:
هذه الآية المباركة عالجت هذه الحالة بوضوح:
"لا يستوون عند الله".
المجتمع الإيماني ابتُلي منذ القدم بمظاهر خطاب التفوق.
التوارث العائلي:
بعض العبادات أو السمات الإيمانية أصبحت تُورث داخل عائلات بعينها، وكأن الإيمان أصبح حكرًا على عائلة معينة.
على سبيل المثال:
إذا كانت المرجعية الدينية وراثية في بيت معين على مدى سنوات طويلة، فهذا ليس دليلًا على التفوق عند الله.
بل قد يكون علامة على غياب التنافس الحقيقي والجدارة.
بعض المراجع الأعلام (رزقهم الله التوفيق) كسروا هذا النمط.
رأينا أحد المراجع يلتفت إلى ولده قبل وفاته، ويقول له: "أنت أهل لها، ولكن دعها لغيرك".
لماذا؟ حتى لا يتوهم الناس أن الزعامة الدينية وراثة.
أشكال أخرى لخطاب التفوق:
الاحتكار المكاني:
مثال: عمارة المسجد الحرام أو غيره من المساجد.
أن يكون هناك احتكار لمكان معين بدلاً من أن تكون الخدمة متاحة للجميع.
الخدمة الجماعية في الأماكن المقدسة:
في الأماكن المقدسة، مثل المسجد الحرام أو المسجد النبوي أو العتبات المقدسة، نجد نموذجًا مميزًا للخدمة:
أشخاص من مختلف الجنسيات (هندي، بنغالي، سريلانكي...) يعملون معًا في زي موحد.
هذا النموذج يعكس أمانة العمل الجماعي بعيدًا عن خطاب التفوق.
التفاخر في الشعائر الحسينية:
بعض المواكب تسعى دائمًا لإظهار نفسها كالأفضل، بدلًا من تجديد الدماء أو فتح المجال للمشاركة.
هذا النوع من التفاخر مرفوض.
خطورة خطاب التفوق:
في العبادة أو الشعائر:
خطاب التفوق هو خطيئة ومرفوض.
القرآن الكريم ندَّد بهذا الخطاب، وبيَّن أن التفوق الحقيقي يكمن في:
الإيمان بالله.
اليوم الآخر.
الجهاد في سبيل الله.
قال تعالى:
"لا يستوون عند الله".
قال تعالى: بسم الله الرحمن الرحيم
"وألقيت عليك محبة مني".
وليست هذه صفة خاصة بنبي الله موسى (على نبينا وآله وعليه أفضل الصلاة والسلام)، إنما هي صفة تتسع لعموم الأنبياء. فما من نبي إلا وكان محبوبًا، بمعنى أن حب الله عز وجل يفيض عليه، ليلفت قلوب الآخرين ويجعله محبوبًا لدى الناس.
بل إن الأمر يتعدّى الأنبياء إلى عموم المؤمنين. فطبيعة المؤمن أن يكون محبوبًا عند الناس الأسوياء، محبوبًا عند الذين لا يعانون من الأزمات النفسية والعقد الكريهة. فطبيعته أن يجذب الآخرين، وأن يجعلهم منشدين إليه، يقابلونه بالمحبة وسمات المودة.
ولكن هذا لا يعني أن المحبة تتشكل من فراغ.
فهذا المؤمن، بل الأنبياء جميعهم، بل النبي موسى، بل نبينا صلى الله عليه وآله وسلم، حينما يكون محبوبًا، فهذا يعني أنه قد سلك خط المحبة. هذا يعني أنه كان واعيًا بمكسبات المحبة.
مكسبات المحبة:
هي أدوار في وجه منها، وفي وجه آخر أمور داخلية.
لذلك، من يريد أن يكون محبوبًا، يجب أن يؤمن على أشياء. هنالك أمور إذا أمنت عليها، ظفرت بمحبة الآخرين وفزت بمودة الناس.
المحبة والمودة ليست مجرد مشاعر يُقابلك بها الآخرون، بل هي التي تجعلهم يندفعون نحوك، يقتربون منك، ويضعون من جهدهم وقوتهم في خدمتك.
كيف؟
1. عنصر الفاعلية في المجتمع:
لا يليق بالمؤمن أن يعيش بدون أن يكون عضوًا فاعلًا ومتحركًا في مجتمعه.
من الضروري أن يشهد الآخرون على فاعليته.
العضو المشلول في المجتمع، كحال العضو المشلول في البدن، يسبب تشوهًا في الصورة الاجتماعية.
إذا كنت عنصرًا فاعلًا ومفيدًا، فإن المجتمع سيراك كذلك، ولن يستكثر عليك أن تكون مستفيدًا.
أما من يعيش حياته مستفيدًا فقط دون أن يُسجل له حالة إفادة أو عطاء، فإنه يثير استغراب الآخرين واستنكارهم.
مثال:
عندما يُدعى شخص إلى وليمة وهو معروف بعدم دعوة الآخرين أو مشاركتهم، تجد الناس يستكثرون حضوره، ليس لأنهم يستكثرون الكمية التي يأكلها، بل لأنهم يرونه دائمًا مستفيدًا دون أن يكون مفيدًا.
2. التصالح مع المجتمع:
من مكسبات المحبة التصالح مع أفراد المجتمع.
كيف يتحقق ذلك؟
الاتساع لأخطاء الآخرين.
الحلم الهادف الذي يجعل الإنسان يتغاضى عن الزلات، ويمنح الآخرين فرصة للإصلاح.
مثال:
إذا أخطأ شخص ما بحقك، فالتغاضي عنه والترفُّع عن الرد يُشعره بالحياء والندم، ويعطيه فرصة ليكون أفضل.
3. الإيجابية:
كن إيجابيًّا، أي لا تقتصر على النقد أو التحطيم، بل قدم الدعم والتشجيع، واعترف بجهود الآخرين وإنجازاتهم.
الإيجابي يُكسب محبته واحترامه لأنه ينصف الآخرين، مما يجعل ملاحظاته وانتقاداته لاحقًا مقبولة لديهم.
4. القوة الشخصية:
القوة هنا لا تعني القوة الجسدية فقط، بل القوة الروحية والنفسية.
الناس يحبون الشخص القوي، الذي يُظهر قوة روحية وعزيمة، حتى وإن كان ضعيفًا جسديًّا.
مثال:
عندما ترى شخصًا معاقًا لكنه يثابر لإكمال دراسته أو تحقيق هدف ما، تجد الناس يمتدحونه ويحبونه.
5. التعامل مع المشاكل:
الحياة لا تخلو من المشاكل، ولكن الشخص المحبوب هو من يعرض تجربته في حلها، ويُلهم الآخرين بقوته في مواجهتها، بدلاً من مجرد الشكوى.
أساس المحبة:
كل ما سبق ينبع من أساس واحد:
الصدق في الارتباط بالمبدأ الأعلى، وهو الله سبحانه وتعالى.
المحبة التي يمنحها الله لعباده هي أساس محبة الآخرين لهم، كما قال تعالى:
"وألقيت عليك محبة مني".
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على محمد وآله الطاهرين.
السيد محمد باقر الحكيم
السيد محمد حسين الطهراني
عدنان الحاجي
الأستاذ عبد الوهاب حسين
الشيخ عبدالهادي الفضلي
السيد محمد حسين الطبطبائي
السيد محمد باقر الصدر
الشيخ فوزي آل سيف
الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
الشيخ محمد هادي معرفة
عبد الوهّاب أبو زيد
الشيخ علي الجشي
حسين حسن آل جامع
ناجي حرابة
فريد عبد الله النمر
جاسم بن محمد بن عساكر
أحمد الماجد
عبدالله طاهر المعيبد
ياسر آل غريب
زهراء الشوكان
هل خلق آدم للجنّة أم للأرض؟
معنى (الدعاء الملحون)
اختلاف آراء الفلاسفة المادّيّين في حقيقة المادّة
كتاب الدّين والضّمير، تهافت وردّ
عوامل احتمال الإصابة بالسّكتة الدّماغيّة الحادّة
صراع الإسلام مع العلمانية
طريقة إعداد البحث
القانون والإيمان باللّه
المادة والحركة
فهم عالم المراهقة، محاضرة للعليوات في برّ سنابس