لقاءات

نسيم العبدالجبار: العالم مصاب بتخمة الاستخدام اليومي للصورة الفوتوغرافية

 

نسرين نجم ..

الصدفة دائمًا تغير الأقدار، فمن طالب بكالوريوس تربية في قسم اللغة العربية بجامعة الملك فيصل بالأحساء، إلى سكرتير نادي الفنون بالقطيف بين عامي ٢٠٠٦ - ٢٠٠٧ ، إلى المنسق العام وأمين سر جماعة التصوير الضوئي بالقطيف بين عامي ٢٠٠٥ -٢٠٠٧ ، فعضو في الاتحاد الدولي للتصوير (FAIP) واتحاد المصورين الدوليين ((GPU، ومن ثم حاصل على لقب فنان الفياب  Artist FAIP عام ٢٠١٤. إنه المصور الفوتوغرافي نسيم العبد الجبار، الذي يتحدث عن دخوله إلى عالم التصوير بالقول:

" دخلت عالم التصوير مصادفة ، كنت أهتم بالصورة بحكم عملي كمصمم  جرافيك، كان ذلك في ليلة رمضانية، عندما كنت في اجتماع عمل مع أحد الزبائن، وهو الفنان حسن رضوان، رئيس جماعة الخط العربي بالقطيف آنذاك لتسليمه تصميمًا، حيث كان اجتماعنا في مقر نادي الفنون تزامنًا مع أنشطة مقامة لجماعة التصوير، التقيت من خلالها بالصديق الفنان علي السمين، وكان يقدم ورشة في التصوير الضوئي، فقمت بالتسجيل والالتحاق بها في نفس اليوم، فكانت البداية الحقيقية لي في عالم التصوير عام ٢٠٠٤".

 أما عن مدى تأثير المكان والمحيط في تعزيز الموهبة فيقول العبد الجبار:" كان للمكان والبيئة الأثر الكبير، فلقد نشأت وترعرعت في دائرتين مهتمتين بالفن: الأولى دائرة منطقة القطيف، مدينتي التي تعشق الفن والجمال في شتى مجالاته، وبها العديد من المهتمين بذلك، والدائرة الثانية هي الأنشطة التطوعية والاجتماعية المرتبطة بمناسبات أهل البيت عليهم السلام، فكل المهارات التي لدي، كان الدافع الأول لتطويرها نابعا من شرف هذه الخدمة، وتقديم الأفضل لها من تصميم وتصوير وغيرها من المهارات المرتبطة بالفن والجمال، وهذه العوامل مساعدة لأي موهبة لأن تبدع إذا استغلها ووظفها بالشكل الجيد، ليحقق إبداعه المستقل لهذه الهوية والبيـئة، يقول محمود درويش “إن الهوية بنت الولادة لكنها إبداع صاحبها .. لا وراثة ماضٍ”..

 وبالانتقال للحديث عن العوالم الافتراضية ومدى مساعدتها في انتشار الصورة، يعتبر  العبدالجبار أن: "العوامل الافتراضية ساعدت بشكل فوضوي جميع حاملي الصورة بالانتشار، وبوصول نتاجهم لأكبر قدر ممكن للمشاهدين، دون رقيب أو وسيط كما في السابق، فبإمكان أي ممارس لهذه الهواية، إنشاء صفحته الخاصة وعرض نتاجه بكل سهولة ."

 هذه العبثية أو الفوضوية دفعتنا للسؤال  التالي: هل كل من يحمل آلة تصوير مصور؟، وماذا عن االشروط والمواصفات التي يجب أن تتوفر في المصور؟ يجيب العبدالجبار: "إذا ما أخذنا الموضوع من حيث المصطلح والكلمة، كل من يلتقط صورًا- حتى بكاميرا الجوال- ف-هو مصور دون استثناء، لكن الفرق بين التعامل مع هذه الهواية كفن راق، وبين الممارسة اليومية بالتقاط صور بشكل مستمر، وليس هناك شروط بالمعنى الحرفي للكلمة،  تفصل بين الاثنين، بقدر ما هناك صفات عامة يختص بها الفنان، وتميزه عن غيره كالمعرفة والدراسة الفنية والموهبة والإحساس العالي بالشكل الجمالي الدال في عالم الفن، في النهاية ليس المهم المسميّات بقدر ما ستقدم من إبداع في هذا العالم المزدحم والمصاب بالتخمة، من الاستخدام اليومي للصورة الفوتوغرافية .  في النهاية أقول كما قال محمود درويش “ لا أعرف نفسي كي لا أضيعها .."

وعند سؤالنا، إذا كان التصوير عنده مهنة، أم هواية قال: "الفرق الرئيس بين الهواية والمهنة شي بسيط، وهو الاعتماد عليها في دخلك اليومي، فمتى ما أصبح التصوير مصدر دخلك اليومي،  أصبح مهنة، بالنسبة لي، التصوير هواية، رغم وجود أعمال تجارية لي بين الفينة والأخرى، لكنني لا اعتمد عليها في حياتي المعيشية ".

وبالانتقال للحديث عن صور نسيم العبد الجبار،  وعن رحلاتها الفوتوغرافية للعام الجديد، تلك التي سيقصد فيها النوبة يقول: "هذه الرحلة فرصة رائعة بالنسبة لي لاستكشاف عالم رائع غير معروف بين المصورين في وطننا العربي،  فمنطقة النوبة، منطقة زاخرة ببساطة الناس، وغنية بالإنسان الحقيقي المحب للأرض، والذي خلق لإعمارها .. فعلى هذه الأرض ما يستحق الحياة."

 أما عمّا أضافه إلى صوره فيجيب:  "توجسي .. قلقي .. خوفي .. فرحي .. تأملي لكل ما هو حولي، لكنني لا أستطيع وصف ذلك، وقد لا أحس بهذه النكهة !! فأنا كاللاجئ في هذا العالم، يبحث عن الاستقرار الداخلي دون جدوى، قد يكون أصدق ما يصف هذه الحالة، هو الشاعر العراقي سركون بولص حين يقول :

“ اللاجئ المستغرق في سرد حكايته

لا يحس بالنار عندما تلسع أصابعه السيجارة

مستغرق في دهشة أن يكون هنا

بعد كل تلك الهناكات : المحطات والمرافئ

دوريات التفتيش ، الأوراق المزورة …

معلقٌ من سلسلة التفاصيل

مصيره المحبوك كالليف

في حلقاتها الضيقة.. ضيق البلاد التي

تكدست على صدرها الكوابيس . “

أما عن نوعية الصور التي تجذبه أكثر فيقول العبد الجبار: "من تخاطب قلبي وروحي، والتي تغرقني في الجمال "، وعن السر الكامن وراء تصويره للأبواب بشكل دائم يقول: "هي القصص والآلام التي لا نريد أن يراها الآخرين.  خيباتنا ودموعنا المخبأة خلف الجدران، والتي نخاف أن ترى فننهار. " ما وراء الحزن كما في صورة غير محمضة .. بأقل نفخة تنهار " سركون بولص "، التصوير هو بصيص أمل لشيء قابع خلف هذا الباب، مهمته أن يخبرك فقط وليس إيصالك، بل هي مهمتك كمشاهد ".

 الجدير بالذكر أن العبدالجبار يعمل على إنجاز كتاب له، لكنه يحتاج مزيدًا من الوقت للنشر،  كما ستكون له مشاركتان، الأولى في هذا الشهر، في معرض مصاحب لفعاليات مهرجان الشعر الثاني بجمعية الثقافة والفنون بالدمام، أما الثانية فهي في العام الجديد  ضمن فعاليات ٣٩ . ٢١  الفنية بمدينة جدة .".

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد

2016-12-20 07:02:41    فنان مميز

فنان مميز وذموح وفقه الله

2016-12-19 15:46:28    معين لا ينضب

الفنان الصديق الأخ الأستاذ نسيم .. فنان بمعنى الكلمة .. يحرص على ان يكون لعمله حكاية و هدف .. غنية بالقيم الإنسانية بجانب تميزها الفني مما ينتج في النهاية عملا متكاملاً ناجاً ... سعيد جداً أن جمعتني الأيام به و تشرّفت بصداقته .. دمت موفقاً أخي الغالي.

2016-12-19 14:03:14    نسيم فوتواغرفي مختلف عن غيره

بالفعل حوارك لا ضير فيه، الحوار رائع، والردود كانت أروع، خاصة وأن الصياغ لم يكن رتيبا كعادة الحوارات المتمثلة في س وج، فقط لا غير.

2016-12-19 11:13:07    نسيم

نسيم العبدالجبار واحد من الفنانين القله الواعين في مجال "(فن) الفوتوغراف" وليس التصوير فقط! لاتخلوا اعماله وكلماته المزج بين الأدب الفكري والحس الفني من مجالات مختلفة. شكرا

مواقيت الصلاة