لقاءات

ملتقى ابن المقرب الأدبي: علامة فارقة في المشهد الثقافي


نظمية الدرويش ..

 إمارة أدبية، تزهر في الصحراء قصائد وتمطر حكايا، مواسمها ثقافية بامتياز، وأميرها من عبق أرضها الولّادة للشعراء والأدباء. ملتقى ابن مقرب الأدبي في الدمام، والتسمية القيمة تدل على نهج يستمد إلهامه من أمير في الشعر والأدب.
«علي بن المقرب العيوني الأحسائي»، هو أحد أمراء الأحساء، وتيمنًا بهذا الأديب الأمير سمي الملتقى باسمه، لإبقاء الحاضر مرتبطًا بالماضي الأصيل. فالملتقى الحديث نسبيًّا (تأسس عام 1430 ه / 2009 م) أريد له أن يشكل علامة فارقة في المشهد الثقافي ليس فقط الأحسائي بل في الجزيرة العربية ككل وهكذا كان!  


رضوان النمر: الأنشطة، البطاقة التعريفية لـــ"ابن مقرب"
"المجموعة رائدة في نشاطها" يقول السيد رضوان النمر معرّفًا بالملتقى الذي أصبحت أنشطته هي من تتكلم عنه. يكمل النمر تعريفه "إطار يضم كوكبة من الشعراء بدأت بنشاط ملفت لتوفير إطار يجمع الشعراء المتميزين لإبراز مواهبهم الرائعة". فمن خلال إقامة الأمسيات والمسابقات وإنتاج المطبوعات صان "ابن المقرب" المواهب الواعدة ووفّر الجو لصقلها وإبرازها لمواصلة طريق الإبداع. وقد نجح الإخوة في ذلك نجاحًا مميزًا يقول النمر مشيرًا إلى بروز النشاط الشعري في المنطقة من خلال نشاط هذه المجموعة/ ابن مقرب.


في كلمة وجهها السيد رضوان إلى "الأصدقاء" في الملتقى يقول الشاعر إنهم أهل لارتياد المشهد الشعري بجدارة، وما يقومون به من نشاط يدعو للفخر والاعتزاز. هذا وأكد أنه ستكون له ثمرة أكبر في المستقبل ما زالوا مواصلين بهذه الوتيرة الجادة.


باسم العيثان: الانطلاقة والإنجاز
الملتقى الذي يضم أكثر من أربع وخمسين شاعرًا وأديبًا، ابتدأ كطموح اجتمع عند عدد من الشعراء أولهم الشاعر باسم العيثان. "‏الهاجس الذي سبق فكرة ‏الإنشاء هو بشكل مبسط المحاولة على إجابة التساؤل الذي أنار في داخلي: كيف لي ولجميع الشعراء والأدباء في حاضرة الدمام أن ‏‏نلتقي؟! ‏أن نجتمع تحت مظلة تجمع أدبي يلم شتات هذه المجموعة من الشعراء والأدباء الأحسائيين في حاضرة الدمام؟" فكانت الإجابة؛ فكرة ملتقى ابن مقرب الأدبي.


فكرة تجمع للشعراء كانت موجودة بالفعل قبل إنشاء ملتقى ابن مقرب وكان يجمع شعراء الدمام أسبوعيًّا أو شهريًّا ولكن افتقاره للتنظيم والمنهجية أدى به إلى الانقطاع. من وحي هذا التجمع الذي يحتاجه مجتمع الأدباء وبأخذ العبرة من هذه التجربة وتطويرها إلى ما يشبه ‏مؤسسة تتعدد فيها اللجان والأنشطة . ‏بعد اللقاء الأول الذي ضم عددًا من شعراء الدمام منهم الشاعر علي البحراني (رئيس الملتقى الحالي) الشاعر زكي السالم )رئيس الملتقى السابق(، والسيد هاشم الشخص، وإبراهيم بو شفيع، وجاسم المشرف، وعبدالحميد الرمضان وغيرهم، وعلى عاتق هؤلاء يقول باسم العيثان قد لمّ شتات الشعراء والأدباء، من الدمام إلى منطقة الأحساء. أما التسمية فمن بين عدد من المقترحات التي كانت قد طرحت في الجلسة التأسيسية الثانية تم ترجيح اسم "ابن مقرب" لما يحمله من دلالة واضحة ‏على أدب المنطقة وتاريخها.
يبث العيثان كلمات الفخر والرضا عن هذا المشروع والتطور الذي حققه بعمر الأربع سنوات والذي تجلى بالتحدي والثبات ‏ونضوج الفكرة  على حد تعبيره، دون أن ينسى أهمية استقطاب أعضاء بارزين ‏من الشعراء والأدباء إلى الملتقى.  يعزو العيثان ذلك إلى منهجية عمل الملتقى.  يقول العيثان في هذا السياق: "إنجاز الملتقى يأتي في تحديد نظام ‏عام لأعمال الملتقى وأنشطته وشروط العضوية فيه ومميزاتها، كما ‏والمبادرة في تأسيس بعض البرامج الأدبية التي ساهمت بشكل كبير في تحريك الراكد ‏من مياه الأدب والشعر في المنطقة". يضيف العيثان: "بينما كانت الأربع سنين التالية لغاية نهاية هذا الموسم ‏تركزت في إظهار ملتقى أدبي أهلي يمتلك ‏من الحرفية في تقديم أنشطته الأدبية وبرامجها ما لا يمتلكه ‏غيره من الأندية ". ففي حين يفتخر باسم العيثان بمنجزات الملتقى في سنينه الأولى متطورًا من هاجس شخصي إلى مؤسسة يتطلع لها الكثيرون فإنه يتوقع للملتقى إنجازات أكبر وأنشطة أهم في القادم من السنين.


جاسم العساكر: الدور والتفرد
عن مكانة "ابن مقرب" في المشهد الأدبي يتحدث الشاعر جاسم العساكر والحديث عن ملتقى ابن المقرب الأدبي هو حديث ذو شجون بحسب الشاعر النشيط ذو المشاركات القيمة فيقول: "فما فتىء وما زال هذا المنتدى يحرج بعض القنوات الثقافية بما يقدمه طيلة العام من مناشط أدبية وثقافية وإثراء للحركة في المنطقة من إصدارات وفعاليات واستضافات وتوقيع عقود شراكات تعاونية بينه وبين الجهات الثقافية الأخرى، وتدشين إصدارات للمنتسبين إليه وبما يتيحه من مسابقات ليست حصرية على الداخل وإنما امتد إلى الوطن العربي في خطوة لتوسيع رقعته الجغرافية، ويساهم مساهمة سنوية في زيارات خارجية لملتقيات ومنتديات ذات شأن أدبي وثقافي".


يتحدث عساكر عمّا يميز الملتقى من انسجام بين أعضائه، وهو بذلك أزال كثيرًا من أحجار العثرة أمام ازدهار الحركة الثقافية. يضيف عساكر في هذا السياق: "إن القائمين على الملتقى وعوا أن صنع الثقافة لا يعني بناء صرح فخم وحشوه بأثاث فاخر، فليس ذلك ما ينتج الثقافة وحده، ووحده إنما ينتج الأحلام والأوهام، وإنما هم أنفسهم لهم لمستهم الفنية الساحرة في صنع الوعي وبث روح الأدب واستثمار المنتدى عبر تلبية طموح المشهد والخضوع التام لتلقي النقد والملاحظات والعمل على إصلاحها ومحاولة تقديم رؤية يسير المنتدى على ضوئها". وبهذا نرى أن الملتقى يتحمل دوره في إشراك المجتمع عبر ما يتلقاه وبكل أريحية من مقترحات وهذا ما جعله وبرغم عمره الصغير أن يكون في الصفوف الأمامية دائمًا وفي المدرجات الأمامية لمنتديات المنطقة وكذلك هذا ما جعله يستقطب جمهوره بثقة وثبات بحسب عساكر. يتطرق الشاعر غير المنتسب إلى الملتقى إلى أحد أهم أسباب إعجابه بهذا التجمع وهو ديمقراطيته التي تتمثل بانتخابات تقام كل أربع سنوات لرئاسة الملتقى وإعطاء فرصة لكل من يتسنم رئاسته من أجل تقديم ما لديه .


علي البحراني: العهد الجديد
يتكلم الرئيس المنتخب حديثًا لرئاسة الملتقى الشاعر علي البحراني عن أهمية الانتخابات في التطور الإيجابي للملتقى فيقول: "كان قرارنا في سَن الانتخابات قراراً مهماً حصدنا ثماره اليانعة خلال الأعوام الماضية، وسنحصد بإذن الله ثماره في هذه الدورة أعمالاً وبرامج تسهم في الحراك الثقافي العام". يضيف البحراني أحد أهم مؤسسي الملتقى والمؤثرين فيه منذ البدايات أن انتظام العمل في الملتقى وزخمه وتنوعه كان نتيجة هذا التنوع في تجدد الأفكار والتجديد في طرق تنفيذها نتيجة تداول رئاسته، ويقول: "فتداول القيادة ضمان عن التفرد والتكرار والثبات وضمان للعمل المختلف الخلاق والإبداع في تشكيل البرامج وتطويرها".


عن التطلعات المستقبلية تحدثنا مع الرئيس الجديد وأحد اللاعبين الأساسيين على الساحة الأدبية في الجزيرة العربية فيحدد البحراني الخطوط العريضة في رسم مستقبل الملتقى وهي:
- نتطلع في الملتقى إلى تفعيل الأدباء للقيام بواجبهم تجاه المجتمع من خلال ممارسة إبداعهم من خلال قنوات مختلفة يتواصل فيها الملقي والمتلقي في أجواء سليمة وجاذبة .
- نتطلع إلى تنويع قنوات الفعل الثقافي بالأمسيات والندوات والمسابقات والدورات واللقاءات والزيارات الأدبية والاستضافات ومن خلال التأليف والنقاشات والمحاضرات .
- نتطلع إلى السمو  بالتذوق ، والقدرة على التفاعل الإيجابي مع المنتج الأدبي ومحاورته فنياً وسلوكياً ، والانخراط في الحراك الأدبي بحيوية ومتعة وعطاء .
- نتطلع إلى إعداد جيل من الأدباء يدركون أهمية دورهم ويسعون بكل طاقاتهم وفنونهم وإبداعهم للنهوض به وتشكيل ذائقته الفنية والجمالية.
 ويختم البحراني تطلعاته :"نتطلع إلى الكثير ولذا نحتاج إلى عمل كثير"
 المنصب الجديد يحمل البحراني مسؤوليات كبيرة تجاه الملتقى والأعضاء والمجتمع بشكل عام والمجتمعين الأدبي والثقافي بشكل خاص. يضيف بالقول: "عزائي أنها تضحية من أجل مد جسد الأدب بدماء نقية تثير فيه الحركة والإبداع والتميز".

ويختم الرئيس علي البحراني بخير الأبيات الشعرية منشدًا:
"هو الماء تحي ميّتَ الأرض روحُه
وإن كان في مجراهُ تنمو الطحالبُ"

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد

مواقيت الصلاة