لقاءات

أحمد الرويعي: وجدت نفسي في الطفوف تحمل قلمًا


نسرين نجم ..

كانت النهضة الحسينية ولا تزال ملهمة للشعراء والأدباء والفنانين لما فيها من معان وعناصر وقيم مليئة بالعطاء والوفاء والفداء، وبالصور الإنسانية الفريدة والمجيدة... وعبر العصور كتبت أجمل القصائد وأروع الكتب عن هذه الملحمة البطولية، واستمرت حتى يومنا هذا بجذب الشعراء وخاصة الشباب منهم الذين رأوا في عاشوراء لوحة إبداعية للكتابة عنها بقصائد تعبّر عن ولائهم لها وعشقهم لقائدها الإمام الحسين (ع)..
عن الشعر الحسيني أجرينا هذا الحوار مع الشاعر الشاب أحمد الرويعي:


* لولا قضية الحسين لما كنت شاعرًا:
ربما تعطي الموهبة بعض الإشارات لصاحبها للالتفات إليها منذ الصغر، فيهتم بها وينميها، أو يهملها فتموت مع الوقت، إلا أن ما حصل مع الشاعر أحمد الرويعي هو إجادته لقراءة تلك الإشارات التي جعلته ينطلق فعليًا في عالم الشعر: "سأغضُّ النظر عن الإشارات التي مررت عليها في صغري وكأنها تدري بأني سأصبح شاعرًا، وسأبدأ ببدايتي الفعلية في عالم الشعر والتي كانت في أواخر عام ٢٠١٢م، كنت أكتب النثر، أكتب كل شعور يداهمني، وفي ذلك الوقت كنت محاطًا بأصدقائي الشعراء، وما شدّني للشعر هو وجود مساحة الابتكار اللا متناهية في هذا العالم، تحت ظروف القيد الموسيقي واللغوي..
وهذا شكّل لي تحديًا كبيرًا في بداياتي، وكنت لا أعرف ماذا يشتعل داخلي شغفًا ويجعلني أحاول أنا أكتب شعرًا مختلفًا عن ما هو موجود، فبدأت كتابة الشعر في مطلع ٢٠١٣ م وكأنني ولدت في ذلك الحين، التفاصيل بدت واضحة، وهوس العمق صار يأخذني بعيدًا عن نفسي لأكتب..!"..


وعن مدى ارتباط الشعر بالحزن، يرى الرويعي بأن الشعر مرتبط: "بشيء غيبي، ولكن لا أنكر أن الحزن وقود يشعل سراج المخيلة ويدخل بنا في كهف التفاصيل، أو يضيء عتمة العمق، للبحث عن السبب والعلة، يبحث عن المبرر فيربط علاقة بعلاقة ليفك عقدًا نفسية داخل وجود الإنسان البشري، نعم الحزن يستفز اللغة وإن كان للشعر رحم فالأحرى بأن تكون المعرفة والحكمة هي الرحم الأمثل".
وبما أننا نتحدث عن الآلام والأحزان سألناه، إلى أي حد فرضت ذكرى عاشوراء نفسها على كلماته وقصائده؟ فأجاب: "لأنني أكتبُ ما لا أعرفَه لأعرفه، استفزتني قضية الحسين عليه السلام، ومنها انطلقت كشاعر ولربما لولاها لما كنت شاعرًا، أمطرت على مخيلتي سهام الأسئلة وحددت حجمي التكويني في هذا الوجود، وجدت نفسي صغيرًا أمام مظهر قدرة لله فأحببت أن أتكامل في معرفتي كما قالت لي فطرتي البريئة، قد لا يكف الإنسان عن البحث عن ذاته، وأنا وجدتها هناك في الطفوف تحمل قلمًا في شكل سيف وورقة في شكل درع وتأخذ المحاجر محبرةً لها.. فتبدأ في شرح نفسها.. فترى علة بقائها تصلي عليه السيوف، وبهذا تعرف الفرق جيدًا بين النور والظلمة، هكذا فرضت عاشوراء عليَّ نفسها".


* الشعر ونقل الثقافة الحسينية:
يعتبر الشعر الحسيني إحدى الوسائل الإعلامية التي أظهرت حقيقة كربلاء وخلدت شخصياتها العظيمة، ولعبت دورًا مؤثرًا في استقطاب الناس للتعرف عليها أكثر، عن مدى تأثير الشعر الحسيني على الشباب يقول الرويعي: "المهمة التي يحملها الشعر في هذه الأيام هو أن لا يكف عن الاشتعال، أما من جهة أخرى فعلى الشباب أن يُقبل لهذه النار لتضيء له أو ليتدفأ بها من برد الظلمة!، قد يختلف الشعر من زمنٍ إلى زمن بأدواته وكيفياته، لكن هدفه هو نفسه.. ذات الشعر لا يجري عليها التغير أما القالب ينمو بنمو براعم الوقت، لن أقول استطاع، سأقول هو يستطيع ولكن هو يحتاج لقابليات، والتأثير سيفرض نفسه في وجود القابلية.."
ولإنه خصص قلمه للكتابة: "لأهل البيت عليهم السلام ومن يخدمهم" هذا الأمر يدفعه للمطالعة بشكل دائم ليعزز أكثر موهبته، فهو دائمًا يبحث عن الابتكار: "ربما أكون مهووسًا في ابتكار شيءٍ جديد على صعيد الفن، توازيًا مع ذلك أنا مهووس في البحث عن أدوات وكيفيات جديدة أصبّ فيها المعنى المتحرك داخلي، القراءة تطور ماهية الحلم، وتؤثثه، تمنحه لونًا مميزًا، وتفتح أفق الرؤيا الشاسع، ليكون جاهزًا أثناء خروج الروح من الجسد لحظة الكتابة!، الاكتفاء بالموهبة يعني أنك ستبقى أنت مهما كتبت، والقراءة هي الزورق الذي يحملك للحلم.. أو لذاتك!"..
وهو يرفض التصنيف ما بين الشعر القديم والحديث: "لا أحبّ أن أصنّف نفسي ضمن اتجاه معين، ولا أحب أن أقسم الشعر، سأترك ذلك للقارئ، نعم اللغة تنمو لأنها مخلوقة كأي مخلوق، وأنا مع نموها ولا أريد التوقف عن النمو أبدًا، فلذلك سأكون في جانب اكتساب أدوات جديدة لصنع شيء مختلف".
ويتميز أحمد الرويعي بتصالحه مع ذاته فهو يعترف: "أنا أكتب أفكاري، شعوري، وأحيانًا سلوكي، وكل هذه الأشياء هي من لوازم نفسي الإنسانية وشخصيتي.." وبأن طموحه لا يتوقف عند حد: "لا يُوجد سقف للعلو، لذلك أنا أمارس الصعود ورحلة الكمال صعبة جدًا إذا لم تكن مستعصية ومستحيلة".

عن رصيد أحمد الرويعي الشعري حتى الآن:" 70 ٪ من نتاجي الأدبي هو نتاج ولائي، والباقي هو وجداني وذاتي، قبل ٨ شهور صدر لي ديوان شعري بعنوان "نافذة تطل على العرش" وأنا أعمل على إنجاب أخ له، ربما هو مل من البقاء وحيدًا.."
أما بالنسبة لمشاريعه: "حاليًا، الكتابة.. وفي المستقبل سأقوم بتنفيذ بعض الخطط التي وضعتها لي عن طريقة عرض ما كتبته.."

ورأيتُهُ..
لمَّا تساقطَ حلمُهُ
يَبدو
كأنَّ اللهَ كانَ يضمُّهُ
طفلٌّ ..
تشدُّ قماطَهُ كفُّ القضاءِ
وجنبَهُ في المهدِ يغفو نَجْمُهُ
يبكي
وينظرُ للسماءِ،
"متى: سأُقتَلُ!؟"
هكذا كالموتِ يكبرُ همُّهُ
عيناهُ يدِلقُهَا الشرودُ
لتشربَ الألوانُ منها ما يُقطِّرُ كرْمُهُ
يندَكُّ في ضوءِ "التهجِّدِ"
كالغموضِ
فلا يُرى إلا انعكاسًا جسمُهُ
فزَّتْ قيامَتُهُ  
فصاحَ:
أنا الكفيلُ
إِليَ بالنهرِ الذي أنا خصمُهُ
ركِبَ المطهمَ
وانطوى في اللا مكانِ
كأنَّ من ركِبَ المطهمَ وهمُهُ!

إليَ يميلُ العقلُ والذاتُ تخشعُ
كأنَّ الذي في الرأسِ قلبٌ وأضلعُ
تطاردُني الأوهامُ
تعبثُ في الرؤى
فيبطئُ ظلي بينما النفسُ تسرُعُ
خياليَ قناصُ الحقيقةِ
فرَ منْ يديهِ ضميرٌ
وهو للغيبِ يُرفَعُ
إذا سقطَ المعنى
أقومُ بفكرتي
فـ تحتي ثعابينُ المشَاعرِ تَلسَعُ
لأنَ رداءَ الحزنِ
يلبسُني أرى
من الطفِ نفسي
فوق نفسي تُوزعُ
قطفتُ من اللاهوتِ ذاتي
فكنتُني
وقلتُ "بلى"
والروحُ في الجسمِ تُوضعُ
فمذْ كنتُ
كانَ الدمعُ حبلاً يمدُني
إلى اللهِ حيثُ الدمعُ جسمٌ مقطَعُ
أراهُ أمامَ الموتِ رباً
لطالما
عيونيَ من ثديِ المآتم ترضعُ
أسيرُ إليهِ حيثُ نفسي تسيرُ لي
فبيني وبين النفس
يشتدُ مصرعُ

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد

مواقيت الصلاة