قراءة في كتاب

(مَسارّ الشيعة في مختصر تواريخ الشريعة) للشيخ المفيد

 

المؤلّف: الشيخ المفيد، محمّد بن محمّد بن النعمان العُكْبَريّ البغداديّ ( ت: 413 هجرية )
المحقّق: الشيخ مهدي نجف
الناشر: «المؤتمر العالمي لألفيّة الشيخ المفيد»، 1413 هجرية
(مسارّ الشيعة في مختصر تواريخ الشريعة) للشيخ السعيد أبي عبد الله، محمّد بن محمّد بن النعمان المفيد، المتوفّى سنة 413 هجرية، وعبّر عنه النجاشيّ بـ(التواريخ الشرعية)، وهو رسالة مختصرة حول الأيام المباركة والأعياد الدينية، ومواليد المعصومين عليهم السلام ووفيّاتهم، والأعمال الواردة في تلك الأيام عن طريق الأئمّة الهداة المهديّين. وعلى نسَقه (توضيح المقاصد) للشيخ البهائي العاملي، و(تقويم الشيعة) لعبد الحسين النيسابوري المعاصر.
احتوت الحضارة الإسلاميّة عِدّة مناسبات أشاد بذكرها القرآن الكريم بعنوان: «أيّام معلومات»، أو «أيام الله»، وعيّنها أحياناً بالاسم، كـ«يوم بدر»، و«يوم حُنَين».وقد قرّر الشارع الكريم للمناسبات المتنوّعة وظائفَ خاصّة، متناسبةً وطبيعةَ كلّ واحدةٍ منها.. ومِن هنا، فإنّ على المؤمنين أن يعرفوا تلك المناسبات والأيّام بتواريخها وأعمالها؛ لأنّ معرفة هذا الباب - كما يقول الشيخ المفيد في مقدّمة الكتاب: «مِن حِلْية أصل الإيمان، وممّا يقبح إغفالُه بأهل الفضل والإيمان».

ومنهج الشيخ المفيد في تأليف (مسارّ الشيعة) أنّه:
أوّلاً: بنى على الاختصار في ذكر المناسبات وشرح الوقائع.
ثانياً: رتّب الكتاب على ترتيب الأشهُر العربية، مبتدئاً بشهر رمضان على أنّه أوّل أشهُر السنة.
ثالثاً: ذكر تحت عنوان كلّ مناسبة ما ورد فيها من أعمال - واجبة أو مستحبّة - حسب ما وردت به روايات أهل البيت وآثارهم عليهم السلام.
كما يمتاز هذا الكتاب بأنه من الكتب القليلة التي دوّنها الشيخ المفيد بقلمه، بخلاف أكثر آثاره التي كانت أماليَ ألقاها على تلامذته؛ لذا يمكن الاعتماد على نسخته المحقّقة، والتوثّق من عباراته على أنّها منه رحمه الله.

مقدّمة المؤلّف
يقول الشيخ المفيد في مقدّمته على الكتاب ما ملخّصه: «.. وقفتُ على الحاجة إلى مختصرٍ في تاريخ أيّام مَسارّ الشيعة وأعمالها، ولم يَزل الصالحون من هذه الجماعة على مرور الأوقات يراعون هذه التواريخ؛ لإقامة العبادات فيها، والقرب بالطاعات، واستعمال ما يلزم العمل به في الأيّام المذكورات، وإقامة حدود الدين في فَرق ما بين أوقات المَسارّ والأحزان.. فإذا انتهيتُ في كلّ فصلٍ منه إلى ذكر الأعمال، شرحتُ منها ما كان القول مفيداً له على الإيجاز، وبيّنتُ عن كلّ عملٍ أعرَبَ الخبرُ عنه بالشرح والتفصيل، وأجملتُ منه أكثرَ القول.. وأُقدّم فيما أُرتّبه من ذكر الشهور شهرَ رمضان؛ لتقدّمه في مُحكَم القرآن، ولِما فيه من العبادات والمقرّبات، ولكونه عند آل الرسول عليه وعليهم السلام أوّلَ الشهور في ملّة الإسلام..».

فقرات وإشارات من الكتاب
شرع الشيخ المفيد رضوان الله عليه بشهر رمضان، آخِذاً بما رُوي عن الإمام الصادق عليه السلام: «شهرُ رمضانَ رأسُ السَّنة»، فكتب:
«شهر رمضان: هذا الشهر سيّد الشهور على الأثر المنقول عن سيّد المرسلين صلّى الله عليه وآله، وهو ربيع المؤمنين بالخبر الظاهر عن العترة الصادقين عليهم السلام...».
ثمّ شرع الشيخ المفيد بعرض الأعمال المستحبّة فضلاً عن الواجبة، يشفعها بذكر مناسبات الشهر، مع تعليقاتٍ: تاريخيّةٍ وعقائديةٍ وعبادية، منها قوله:
«.. وفي يوم النصف منه سنة ثلاث من الهجرة كان مولد سيّدنا أبي محمّد الحسن بن عليّ بن أبي طالب عليهم السلام.. وفي ليلة سبعة عشر منه كانت ليلة بدر، وهي ليلة الفُرقان، ليلة مسرّةٍ لأهل الإسلام.. وفي ليلة إحدى وعشرين منه كان الإسراء برسول الله صلّى الله عليه وآله، وفيها رُفع عيسى ابن مريم عليهما السلام، وفيها قُبِض موسى بن عمران عليه السلام، وفي مِثلها قُبِض وصيُّه يُوشَع بن نون عليه السلام، وفيها كانت شهادةُ أمير المؤمنين عليه السلام سنة 40 من الهجرة، وهي الليلة التي تتجدّد فيها أحزان آل محمّد عليهم السلام وأشياعهم..».
حتّى إذا بلغ الشيخ المفيد شهر محرّم الحرام كتب تحت عنوانه: «هو شهرٌ حرام، كانت الجاهلية تُعظّمه وثبت ذلك في الإسلام.. (إلى أن قال):
وفي اليوم العاشر منه مقتلُ سيّدنا أبي عبد الله الحسين عليه السلام من سنة 61 من الهجرة، وهو يومٌ تتجدّد فيه أحزان آل محمّدٍ عليهم السلام وشيعتهم، وقد جاءت الرواية عن الصادقين عليهم السلام باجتناب الملاذّ، وإقامة سُنن المصائب، والإمساك عن الطعام والشراب إلى أن تزول الشمس.. ويُستحبّ فيه زيارة المشاهد، والإكثار فيها من الصلاة على محمّدٍ وآله، والابتهال إلى الله تعالى باللعنة على أعدائهم..». ثمّ ذكر فضل زيارة الإمام الحسين عليه السلام فيه.

إلى أن ينتهي الشيخ المفيد في كتابه بشهر شعبان، فيقول معرّفاً: «هو شهرٌ شريف، عظيمُ البركات.. في اليوم الثالث منه مولد الحسين عليه السلام. وفي ليلة النصف منه سنة 254 من الهجرة كان مولد سيّدنا صاحب الزمان صلوات الله عليه وعلى آبائه الطاهرين.. وفي هذه الليلة تكون زيارة سيّدنا أبي عبد الله الحسين بن عليّ عليه السلام».
ثمّ آخر ما كتبه الشيخ المفيد، هو: «.. واتّفق الفراغ من تسويد هذه الأوراق بعون الله وحُسن توفيقه سادسَ عشر ربيع الأوّل سنة تسعٍ وثمانين وثلاثمائة، على يد العبد الفقير إلى الله الغنيّ: محمّد بن محمّد بن النعمان أصلح اللهُ حالَه».

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد

مواقيت الصلاة