والخلاصة: أن إخبارات أهل الكتاب تلك قد غرست في ذهن العربي أن نبياً سوف يخرج من منطقته، مما سهل عليه قبول دعوته (صلى الله عليه وآله)، والإذعان للحق الذي جاء به؛ لأن الناس ـ باستثناء أصحاب المطامح والأهواء، والطواغيت منهم ـ لصفاء وسلامة طباعهم، وكونهم أقرب إلى الفطرة، وعدم تلوث فكرهم بالشبهات والفلسفات المعقدة كانوا يتقبلون الحق، ويذعنون له
فهذه الحالة الاجتماعية القاسية التي كانت تهيمن على الأمة، وذلك الضياع الذي يسيطر عليها قد هيأ الإنسان الجاهلي نفسياً لقبول الحق، والتفاعل معه، وجعله يتطلع للدعوة التي يجد فيها الحق والخير، ويعرف أنها تستطيع أن تخفف من شقائه وآلامه، وتنقذه من واقعه المزري والمهين ذاك.
إذن، فلا قوة قاهرة تستطيع أن تضرب الضربة الحاسمة، وتقضي على دعوته في مهدها؛ وذلك لأن المحيط الذي بدأ فيه دعوته، والحجاز عموماً، كانت تسيطر عليه الروح القبلية، ويطغى عليه التعصب القبلي، والقوى فيه متكافئة تقريباً، وكانت القبائل المتعددة كثيرة ـ فبطون قريش وحدها كانت عشرة أو تزيد ـ يرقب بعضها بعضاً، ويخشى بعضها بأس بعض.
ونجد في نص المعاهدة التي كتبها علي أمير المؤمنين «عليه السلام» فيما بين ربيعة، اليمن، ما يدل على أن العهد ملزم لكل الآخرين الذين ينتمي إليهم المباشرون لعقد العهد.. وذلك يقطع أي عذر، ويمنع من أي تعلل، أو محاولة خداع. وهذا مطلب عادل، وسليم، فإن كل الأمور التي تمس حياة المجتمعات، لا يمكن أن يعتمد فيها مبدأ موافقة كل فرد منها ولا سيما مع اختلاف المصالح، وتشتت الآراء
ومن هنا يتضح جلياً.. أن الخلود والمجد الحقيقي الخير المعطاء – لا يكون بالقوة الجسدية، كما لا يكون بجمال الوجه، وحسن التكوين، فإن ذلك وإن كان ربما يوجب مجداً وعظمة، ويعطي استمراراً، لكن هذا المجد والعظمة والبقاء متناه ومحدود قد وضع له نهاية منذ وضع له بداية، كان بدايته مع الجسد، فلا جرم أن تكون نهايته مع نهاية ذلك الجسد نفسه، وليتلاشى – من ثم – ويضمحل تبعاً لتلاشيه واضمحلاله.
والظاهر، بل الصريح من كلام حمزة (رحمه الله)، ولا سيما قوله الأخير: (وما يمنعني، وقد استبان لي منه: أنه رسول الله، والذي يقول حق) أنه لم يكن في إسلامه منطلقاً من عاطفته التي أثيرت وحسب، وإنما سبقت ذلك قناعة كاملة، كوّنها مما شاهده عن قرب من مواقف وسلوك، وسمعه من أقوال النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله).
إننا إنصافاً للحقيقة وللتاريخ نسجل: أن المواقف السلبية من القصاصين لمن عدا شيعة أهل البيت «عليهم السلام» قد جاءت متأخرة نسبياً عن موقف أتباع مدرسة أهل البيت «عليهم السلام»، الذين كانوا يسجلون إنكارهم وإدانتهم لهذا الاتجاه في صور ومستويات مختلفة. وقد تجد ذلك قد ورد على صورة نصائح ربما جاءت خافتة إلى حد ما، وذلك انسجاماً مع مقتضيات الواقع الذي كان يفرض قدراً من التحاشي عن الجهر بما يخالف سياسات الحكمrn
وبعد أن استقر الرأي على إعطاء دور رائد لأهل الكتاب في هذا المجال، فقد اتجه الحكام نحو استحداث طريقة جديدة، من شأنها أن تشغل الناس، وتملأ فراغهم، وتوجد حالة من الطمأنينة لديهم، مع ما تقدمه لهم من لذة موهومة، ولكنها محببة. مع الاطمئنان إلى أن هذه الطريقة لا تؤدي إلى إحراج الحكام في شيء، بطرح أي من الأمور الحساسة، التي لا يريدون التعرض لها، أو المساس بها.
ومعنى ذلك هو أن هناك أمورًا نتخيل أنها لا أهمية لها، ثم يتبين لنا أنها ترتبط بأمور خطيرة جدًّا، حتى على مستوى التكذيب بيوم القيامة. ومن جملة هذه الأمور ما ذكرته السورة المباركة من أن أوصاف وخصوصيات من يكذّب بالدين أنه لا يحض على طعام المسكين.. فكيف نفسر ذلك! وعلى وفق أي معيار يمكننا أن نفهمه و نتعقله؟!
الشيخ محمد صنقور
عدنان الحاجي
الشيخ جعفر السبحاني
الشيخ فوزي آل سيف
الشيخ عبد الله الجوادي الآملي
الشيخ محمد مصباح يزدي
حيدر حب الله
الشيخ علي رضا بناهيان
الشيخ محمد مهدي شمس الدين
السيد محمد حسين الطهراني
أحمد الرويعي
حسين حسن آل جامع
أحمد الماجد
فريد عبد الله النمر
علي النمر
حبيب المعاتيق
زهراء الشوكان
الشيخ علي الجشي
عبدالله طاهر المعيبد
شفيق معتوق العبادي
السلام على ابن سدرة المنتهى
هل هناك نوع من المياه المعبّأة أفضل من غيره؟
حقوق أهل البيت (عليهم السلام) في القرآن الكريم (3)
الملاّ أحمد الخميس في ذمّة الله تعالى
سفر الركب الحسيني من كربلاء الى كربلاء (2)
السيّدة زينب (ع) من أقوى عناصر كربلاء
طراوة الدّم في الصّفاح
آه لوجدك يا زينب
شعراء عائلة المؤمن: لأبكينَّك شعرًا
مقدار ما سُلبَ من نساء أهل البيت (ع)