الشيخ مرتضى الباشا
قال الله تعالى (إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ).
السؤال الأول: ما الكلم الطيب؟
الجواب:
طيب الكلم هو ملاءمته لنفس سامعه ومتكلمه بحيث تنبسط منه وتستلذه وتستكمل به، وذلك إنما يكون بإفادته معنى حقًّا فيه سعادة النفس وفلاحها، والمراد به (الاعتقادات الحقّة التي يسعد الإنسان بالإذعان لها، وبناء عمله عليها). والمتيقن منها (كلمة التوحيد) التي يرجع إليها سائر الاعتقادات الحقة، وهي المشمولة لقوله تعالى (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ).
ويشمل الكلم الطيب ذكر الله تعالى بما هو أهله من التقديس والتسبيح والتهليل وغيره.
السؤال الثاني: ما معنى (صعود الكلم الطيب)؟
الجواب
هو القبول من صاحبه، والإثابة عليه، وكل ما يتقبله الله سبحانه من الطاعات يوصف بالرفع والصعود، لأنّ الملائكة يكتبون أعمال بني آدم، ويرفعونها إلى حيث شاء الله تعالى، وهذا كقوله (كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ).
وقيل: المعنى يصعد الكلم الطيب إلى السماء، وإلى حيث لا يملك الحكم سواه، فجعل (صعوده إلى سمائه) (صعودًا إليه تعالى)، كما يقال: ارتفع أمرهم إلى السلطان.
السؤال الثالث: (والعمل الصالح يرفعه) ما المقصود بالضمير (الهاء) في الآية؟
الجواب:
قيل فيه وجوه:
الوجه الأول: العمل الصالح يرفع الكلم الطيب إلى الله، فالهاء من (يرفعه) يعود إلى (الكلم).
الوجه الثاني: الكلم الطيب يرفع العمل الصالح، والمعنى إنّ العمل الصالح لا ينفع إلا إذا صدر عن التوحيد.
الوجه الثالث: العمل الصالح يرفعه الله لصاحبه، أي: يقبله.
السؤال الرابع: ما العلاقة بين (الكلم الطيب) و(العمل الصالح)؟
الجواب
إذا كان الاعتقاد صادقًا؛ صدّقه العمل ولم يكذبه، أي يصدر عنه العمل على طبقه، فالعمل من فروع العلم وآثاره التي لا تنفك عنه، وكلما تكرر العمل زاد الاعتقاد رسوخًا وجلاءً، وقَوِي في تأثيره، فالعمل الصالح وهو العمل الحري بالقبول الذي طبع عليه بذل العبودية والإخلاص لوجهه الكريم؛ يعين الاعتقاد الحق في ترتب أثره عليه، وهو الصعود إليه تعالى، وهو المعزي إليه بالرفع فالعمل الصالح يرفع الكلم الطيب.
والحاصل:
الاعتقاد الصحيح، يؤدي إلى العمل الصالح.
والعمل الصالح يقوّي ويرسخ الاعتقاد الصحيح.
فالعلاقة بينهما طردية تبادلية، يدعم كل منهما الآخر.
وأخيرًا:
بعض الروايات الواردة في الآية الكريمة:
1- عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله عزّ وجلّ: (إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ) ولايتنا أهل البيت - وأهوى بيده إلى صدره - فمن لم يتولنا لم يرفع الله له عملاً.
2- يحكى عن القطب الراوندي في لب اللباب: في قوله تعالى: (والعمل الصالح يرفعه) روي: (إنّ العمل الصالح، هو قول: (اللهم صل على محمد وآل محمد)، فمن كان له حاجة إلى الله، فليصل على محمد وآله، وليسأل حاجته، فالله أكرم من أن يسأل [العبد] عنه حاجتين، ويقضي إحداهما، ويمنع الأخرى).
3- عن أصبغ بن نباتة، قال: سأل ابن الكوا أمير المؤمنين (عليه السلام)، فقال: كم بين موضع قدمك إلى عرش ربك؟ قال: (ثكلتك أمك يا ابن الكوا، سل متعلمًا، ولا تسأل متعنتًا، من موضع قدمي إلى موضع عرش ربي، أن يقول قائل مخلصًا (لا إله إلا الله).
قال: يا أمير المؤمنين، فما ثواب من قال (لا اله إلا الله)؟
قال: (من قال (لا إله إلا الله) مخلصًا طمست ذنوبه، كما يطمس الحرف الأسود من الرق الأبيض، فإذا قال ثانية (لا إله إلا الله) مخلصًا، خرقت أبواب السماء وصفوف الملائكة، حتى تقول الملائكة بعضها لبعض: اخشعوا لعظمة الله، فإذا قال ثالثة مخلصًا (لا اله إلا الله) لم تنهنه دون العرش، فيقول الجليل: (اسكني، فوعزتي وجلالي، لأغفرن لقائلك بما كان فيه)، ثم تلا هذه الآية: (إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ) يعني إذا كان عمله خالصًا ارتفع قوله وكلامه).
الشيخ حسين مظاهري
الشيخ عبدالهادي الفضلي
الشيخ محمد هادي معرفة
السيد جعفر مرتضى
الشهيدة بنت الهدى
الشيخ محمد صنقور
السيد عباس نور الدين
عدنان الحاجي
حيدر حب الله
الشيخ شفيق جرادي
عبد الوهّاب أبو زيد
ناجي حرابة
حسين حسن آل جامع
فريد عبد الله النمر
الشيخ علي الجشي
جاسم بن محمد بن عساكر
أحمد الماجد
عبدالله طاهر المعيبد
ياسر آل غريب
زهراء الشوكان