هناك آيات تندّد بالعرب ممّن استسلموا ولم يسلموا إسلامًا صادقًا، أو أسلموا ثمّ ارتدّوا على أعقابهم، فأظهروا الإسلام وأبطنوا الكفر والنفاق. ولعلّ الأمر بعد وفاته صلّى اللّه عليه وآله كان أبين من حالتهم التعنّتيّة، حيث نبذوا وصايا الرسول صلّى اللّه عليه وآله خلف ظهورهم واتّبعوا أهواءهم، فهناك تنديد بأمثالهم أن سوف يأتي اللّه بقوم يكونون صادقين في إيمانهم فيغلبون العرب وتكون الدولة دائرة بيدهم، والعرب أذلّاء بين أيديهم، ولقد صدق عليهم القول وظهر وجه الحقّ.
وكذلك إخباره عن اعتذارات تذرّع بها المتخلّفون من الأعراب، منها عام الخروج إلى الحديبية سنة ستّ من الهجرة والمسير إلى عمرة القضاء، فاستنفر من حول المدينة جماعات، وتثاقل عنه آخرون. قال تعالى بشأنهم: (سَيَقُولُ لَكَ الْمُخَلَّفُونَ مِنَ الْأَعْرابِ شَغَلَتْنا أَمْوالُنا وَأَهْلُونا فَاسْتَغْفِرْ لَنا يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ ما لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ - إلى قوله - بَلْ ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَنْقَلِبَ الرَّسُولُ وَالْمُؤْمِنُونَ إِلى أَهْلِيهِمْ أَبَداً وَزُيِّنَ ذلِكَ فِي قُلُوبِكُمْ وَظَنَنْتُمْ ظَنَّ السَّوْءِ وَكُنْتُمْ قَوْماً بُوراً)
فلو لم يكن ذلك من علّام الغيوب - المحيط بالماضي والحال والمستقبل - لما صحّ ذلك في ما أخبر به. بل لما كان من عاقل البشر أن يضع مصير دعوته على شيء معيّن يحتمل خلافه. فلو كان آمن واحد من هؤلاء الثلاثة الذين دمغهم القرآن بالكفر والشقاق المخلّد ذكره في زمرة الأشقياء لانطفأت شعلة الإسلام وقامت الحجّة على القرآن ومن جاء به.
إنّ ورود أخبار الأمم الماضية والقرون الخالية بهذا التفصيل الدقيق في القرآن الكريم لدليل على كونه وحيًا من عند اللّه علّام الغيوب، وليس من عند البشر ذي العلم القصير، ولا سيّما من مثل محمّد صلّى اللّه عليه وآله الذي نشأ في بيئة لا تمكّنه الاطّلاع على مثل هذه الأمور على دقائقها وظرائفها، ممّا لا سبيل إلى العلم بها سوى التلقّي عن منبع أصيل ركين، إذ لم يكن في تلك البيئة من يعرف هذه الأنبياء على هذا الوجه الدقيق النزيه.
قال تعالى: (وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعاً) هذا الذي نقرأه عن رقدة أصحاب الكهف، كانت ثلاثمائة سنة كاملة حسب التقويم الشمسي، الذي كان عليه العالم المتحضّر، من عدا الأمّة العربية، حيث لم يكن لها علم بحركة الفلك الشمسي، وكان تقويمها قائمًا على دورة الفلك القمري، وهي تنقص عن دورة الشمس سنويًّا بأحد عشر يومًا وربع يوم تقريبًا
لا شكّ أنّ الإعجاز قائم - في الجملة - بهذا الجانب كسائر الجوانب، أمّا التحدّي فقد يقال باختصاصه بجانب البيان فحسب، إذ لم تكن إشارات القرآن العلمية معروفة عند نزوله لأحد من الناس، وإنّما أثبتها العلم بعد ذلك بعدّة قرون أو سيثبتها عبر الأيّام. فإن كان ذلك دليلاً على إعجازه في مجال قادم فإنه ليس دليلاً على وقوع التحدّي به في أول يومه.
وهناك أخبار وآراء عن العرش والكرسيّ، لا تعدو أوهامًا نسجتها أوتار الخيال: أخرج ابن جرير عن أبي موسى الأشعري، قال: الكرسيّ، موضع القدمين. وله أطيط كأطيط الرحل. وعن السدّي: السماوات في جوف الكرسيّ، والكرسيّ بين يدي العرش، وهو موضع قدميه. وعن الضحّاك: كرسيّه الّذي يوضع تحت العرش، الّذي يجعل الملوك عليه أقدامهم. وعن مسلم البطين: الكرسيّ موضع القدمين
ليس التقدير ممّا يختلف وإنّما يختلف العلم به، فالّذي يعلم تقدير الأمور ومجاريها أزلاً وفي اللوح المحفوظ هو اللّه وحده لا شريك له، وأمّا الذي يتنزّل به ويُطلع أولياءه عليه فهو في ليلةٍ مباركةٍ هي ليلة القدر من شهر رمضان من كلّ عام. يتنزّل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كلّ أمر، يتنزّلون بتقادير الأمور على الحجّة القائم مِن أوليائه؛ ليُطلعه على مجاري الأُمور عامّة ذلك
أمّا وفيه لفيف من آيات مغلقة أبوابها في وجه الخلق أجمعين حتّى الأئمة الأمناء على وحيه المطّهرين، فهذا ممّا يتنافى وحكمته تعالى أن يُدلي إلى الناس كتاباً فيه ـ من المتشابه ما لا يعلمه أحد من الأمّة ـ لا النبي الكريم ولا سائر علماء الأمة جميعاً ـ وإنّما هي لمجرّد أن تقع ألعوبة في يد المشعوذين الذين في قلوبهم زيغ، ولا رادّ لهم عن غيّهم الفظيع، ليصبحوا مطلقي السراح في إضلال الناس والإفساد في الأرض!!
السيد عباس نور الدين
السيد عبد الأعلى السبزواري
الشيخ محمد صنقور
الشيخ محمد مهدي شمس الدين
حيدر حب الله
الشيخ فوزي آل سيف
عدنان الحاجي
الشيخ محمد جواد مغنية
الشيخ جعفر السبحاني
السيد منير الخباز القطيفي
حسين حسن آل جامع
عبدالله طاهر المعيبد
الشيخ علي الجشي
حبيب المعاتيق
شفيق معتوق العبادي
جاسم بن محمد بن عساكر
رائد أنيس الجشي
ناجي حرابة
السيد رضا الهندي
عبد الوهّاب أبو زيد
البكاء على الحسين (ع) ودوره في إحياء الأمة (1)
خصائص الأخلاق في القرآن الكريم
أول شهيد في طريق نهضة الحسين (ع)
شهداء كربلاء من بني هاشم
كيف نستفيد من عاشوراء؟ (3)
يوميّات الإمام الحسين (ع) في كربلاء (3)
حكاية من مسلم
مسلم بن عقيل: السّفير الملهم
سبب تخلّف ابن الحنفية عن أخيه الحسين (عليه السلام)
في أي سنّ يستطيع الطفل ربط الأشياء بأسمائها حتى لو لم يسبق له رؤيتها؟