لم تكن مباني فلسفة الدين وفرضيَّاتها بمنأى من مشاغل الوضعانيَّة على اختلاف تيَّاراتها الإلحاديَّة ومذاهبها الفلسفيَّة ونزعاتها الأيديولوجيَّة. لقد تلاقت هذه جميعًا على جملة قواعد: أبرزها، أنَّ الكون نشأ من تلقاء نفسه ومن دون الحاجة إلى صانع، وأنَّ الحياة ظهرت ذاتيًّا من المادَّة عن طريق قوانين الطبيعة
ذاك يفيد بضرورة تمييز المعرفة الفلسفيَّة المبنيَّة على مبادئ العقل، عن المعرفة الدينيَّة الآخذة بمسلَّمات الوحي. وهذا التمييز لا يرمي في الواقع، إلى الفصل والتفريق الموصل إلى القطيعة، وإنَّما يقصد التأليف بين معرفتين قامتا على تباين واختلاف في المنهج، إلَّا أنَّهما تختزنان مَيْلًا أصليًّا نحو التناغم والانسجام.
لم ترِد لفظة المبدأ في الأدب العرفانيِّ على نحو صريح؛ إلَّا أنَّنا سنلقاها مطويَّة في تأويليَّات العُرفاء لمَّا تحدَّثوا عن البعد المزدوج للموجودات. فالمبدأ معادل لتجلّي الواحد في العالم الكثير، وهو مصداق هذا التجلّي في الآن نفسه، أمَّا أصالته فمأخوذة من الواحد ومرعيَّة باعتنائه. وتلك مسألة لا يدركها العقل الحسير مهما دأب على اختبارها بالاستدلال
استنادًا إلى كونه معادلًا للأعيان الثابتة بما هي الوجود الكامن في مقام الألوهيَّة. فقد صحَّ القول أنَّ المبدأ لا يكون من بل إنَّ فعل كونه وإيجاده متَّصل بكمونه وقابليَّته للظهور حالما يجيئه الأمر الإلهيّ. على هذا الأساس لم يكن ابن عربي ليصرِّح بما وصف به هذا المخلوق، لولا أنَّه استشعر منزلته المؤسِّسة لعلم البدء. من أجل ذلك سيطلق على متعلِّق هذا العلم اسم الأعيان الثابتة.
يستهل الإلهيّون سَفَرهم لمعرفة المخلوق الأوَّل من خلال السعي لإثباته بالدليل العقليّ. ومؤدَّى قولهم في هذا المسعى أنَّ مقتضى القوانين العقليَّة تثبت وجود موجود في الخارج قائمٍ بنفسه غيرِ ذي وضع، ومشتملٍ بالفعل على جميع المعقولات، التي يمكن أن تخرج إلى الفعل، بحيث يستحيل عليه وعليها التغيُّر والاستحالة والتجديد والزوال، ويكون هو وهي بهذه الصِّفات أزلًا وأبدًا.
ماهيَّة المبدأ كما تُستقرأ في الإلهيَّات والعرفان النظريِّ، تستوي على نصاب معرفيٍّ يفارق ما ابتدأه الإغريق، فضلًا عن المتأخّرين من بعدهم. لقد اتَّخذ الكلام على الموجود الأول في الميتافيزيقا الوحيانيَّة مسالك شتَّى؛ إلَّا أنَّ جامعًا مشتركًا حول ماهيَّته ظلّ ينتظم دائرة واسعة من تلك المسالك.
يتَّخذ المبدأ من قانون العلِّيَّة سبيلًا لتدبير العالم. وطبقًا لقاعدة أنَّ:كلَّ معلول هو مركَّب في طبعه من جهتين: جهة بها يشابه الفاعل ويحاكيه، وجهة بها يباينه وينافيه. فإنَّ هذا المبدأ يكون مطلقًا ونسبيًّا في آن. الكلام عن معلوليَّة المبدأ رغم فرادته وخصوصيَّة تركيبه، ينطبق على كلِّ فرد في عالم الكثرة.
منشأ المعضلة في ظاهراتيَّات الحداثة، يعود إلى الفهم الميتافيزيقيِّ لأوّل ظاهرةٍ وجوديَّة. أي إلى ظاهرة نشوء الكون الذي اتَّفقت الفينومينولوجيا اليونانيّة والحديثة معًا على أنّه هو الشَّيء الذي يظهر من تلقاء ذاته. وبالتالي، هو نفسه الشَّيء الممتنع ذاتًا عن المعرفة، والذي ينبغي تعليق الحكم عليه.
حسب أكسينوفان أنَّ ما هو إلهيٌّ لا يمكن إلَّا أن يكون واحدًا، ولا يمكن إلَّا أنَّ يوجد واحد هو أفضلها، لهذا رأى أنَّ الإله يجب تصوُّره على أنَّه واحد، وهذا الإله لا يشبه البشر الفانين، فهو كلَّه بصرٌ وكلَّه سمعٌ وكلَّه فكر. وهو الذي يحكم الأشياء جميعًا من دون مشقَّة.
لدى الكلام على حقَّانيَّة الموجود الأول – بما هو المبدأ الذي منه كانت وتبدَّت سائر الموجودات - ينبسطُ منفسحٌ مُفارقٌ لا تبقى فيه المكابدة الميتافيزيقيَّة على سيرتها الأولى. فلئن رأينا إلى هذا الموجود بوصفه مبدأً مؤسِّسًا لسلسلة الموجودات كلِّها، نكون رسمنا أفقًا للتعرُّف على مَشكلٍ أنطولوجيٍّ أفضى إلى اعتلالاتٍ تكوينيَّةٍ عميقةٍ ومديدة في عالم الميتافيزيقا.
ينطلق ملَّا صدرا في التأسيس لقواعد قراءة القرآن من أن الكتاب المنزَّل هو نسخة عن الوجود. فأصول القرآن وخطوطه ومسائله إنما هي أصول الوجود وخطوطه ومسائله، ولذلك وُصِفَ القرآن على لسان الحق تعالى بـ «الحكيم والمحفوظ والمبين» وغيرها من أسماء المجد وأسماء الجمال. ومن هنا كان تفسير القرآن من وجهة نظر ملا صدار تفسيراً للوجود. وكانت مفاتيحه مفاتيح للوجود.
فهم الكلام الإلهي وفق التأويلية الصدرائية ليس مجرد مرتبة مدرجة ضمن الهندسة المعرفية لمراتب الحكمة المتعالية. إنه، بحسبها، كل المراتب بوصف كونه حاضراً فيها، محيطاً بها عميق الإحاطة. وهو في الآن نفسه مفيضاً عليها الوجود والعلم والتسديد. وإلى هذا فإنه لا يغادر أي منها إلا لكي ينشيء لها ظلاً وجودياً في القرآن. فالقرآن يتسع للمراتب الوجودية كلها. وضمن هذه الدّالة فهو جامع الوجود
تعقّل الدّنيا قبل تعقّل الدّين
الشيخ علي رضا بناهيان
معنى (مال) في القرآن الكريم
الشيخ حسن المصطفوي
القرآنُ مجموعٌ في عهد النبيِّ (ص)
الشيخ محمد صنقور
ما بعد فلسفة الدين…ميتافيزيقا بَعدية (2)
محمود حيدر
الحِلم سجيّةُ أولياء الله وزينتهم
الشيخ محمد مصباح يزدي
كيف تفهم أدمغتنا أفعال الآخرين وتصرفاتهم؟
عدنان الحاجي
(لَوْلَا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ)
الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
التّوحيد والمحبّة
السيد عبد الحسين دستغيب
من هي السيدة فاطمة عليها السلام؟
الشيخ شفيق جرادي
كيف يخاف النبي موسى عليه السلام من اهتزاز العصا؟!
السيد جعفر مرتضى
السيدة الزهراء: حزن بامتداد النّبوّات
حسين حسن آل جامع
اطمئنان
حبيب المعاتيق
أيقونة في ذرى العرش
فريد عبد الله النمر
سأحمل للإنسان لهفته
عبدالله طاهر المعيبد
خارطةُ الحَنين
ناجي حرابة
هدهدة الأمّ في أذن الزّلزال
أحمد الرويعي
وقف الزّمان
حسين آل سهوان
سجود القيد في محراب العشق
أسمهان آل تراب
رَجْعٌ على جدار القصر
أحمد الماجد
خذني
علي النمر
تعقّل الدّنيا قبل تعقّل الدّين
معنى (مال) في القرآن الكريم
القرآنُ مجموعٌ في عهد النبيِّ (ص)
ما بعد فلسفة الدين…ميتافيزيقا بَعدية (2)
الحِلم سجيّةُ أولياء الله وزينتهم
(رحلة برفقة قلم) جديد الكاتب عبدالعزيز آل زايد
كيف تفهم أدمغتنا أفعال الآخرين وتصرفاتهم؟
(مداد في ظلال خراسان.. سيرة الشيخ إبراهيم بن مهدي آل عرفات القديحي القطيفي) جديد الشّيخ عبدالغني العرفات
الشباب والرجوع إلى الدين
غزو مكة