الشيخ محمّد تقي مصباح اليزدي ..
في ضوء الرؤية الإسلامية إلى حقيقة الإنسان وأَبعاده الوجودية، والهدف من خَلقه، وكماله النهائي، وكيفية سيره نحو ذلك الكمال، يمكن أن نضع الأمور الاثني عشر التالية نصب أَعيُننا باعتبارها أسساً للتعليم والتربية الإسلامية، سميّناها بـ«الأصول العملية للتعليم والتربية»، وهي كالآتي:
1) التقييم الصحيح للمتطلّبات المادية والمعنوية: ينبغي أن يكون مضمون التعليم والتربية وسلوك المربّي شاملاً، بحيث يصبح ناظراً ومدركاً لأصالة البُعد الروحي والمعنوي للإنسان، وينظر دوماً إلى المتطلّبات المادية كأداة ووسيلة (وليس كهدف).
2) تحفيز مشاعر الكرامة والاعتزاز بالنفس: لا بدّ - عند تعليم الإنسان - من تحفيز مشاعر الكرامة والعزّة لديه، ولا بدّ من إفهامه بأنَّ اقتراف الأعمال الرذيلة بمثابة تدنيس لجوهر إنسانيّته، وأنّ الانقياد لأهواء النفس يعني استعباد وإذلال عقله وروحه الملكوتية. وعلى صعيد آخر، نظراً إلى أن أعضاء بدنه وقواه النفسية كلّها أمانة إلهية عنده - كما هو حال النِّعم الخارجية - فلا بدّ أن يكون التعامل معها واستخدامها بشكلٍ يُرضي صاحبها الحقيقي وهو الله تعالى، لكي لا تكون هناك خيانة في هذه الأمانة.
3) محاربة الغفلة: بما أنّ الإنسان يقف على الدوام عند مفترق طريقين يقودها أحدهما نحو غاية الرقيّ بلا نهاية، وينتهي به الآخر نحو غاية الانحطاط بلا نهاية، فلا بدّ أن يتركّز التعليم على تبيين خطورة موقفه لكي لا يغترّ بالتكريم الإلهي الابتدائي وبالنِّعم الدنيوية. ولا يظن - كما يظنّ بعض القائلين بأصالة الإنسان - بأنّ هذا مدعاة لفَخره الأبديّ، وعليه أن لا يقضي حياته بالغفلة والبطالة.
4) إحياء ذكر الله: بما أن الهدف من خلق الإنسان هو الوصول إلى القُرب الإلهيّ، فمن الواجب إحياء ذكر الله تعالى في قلب المتعلّم لكي تتوفّر له السكينة النفسية، ولكي يجعله كالبوصلة لتعيين وتصحيح مسيره، وأن يضفي على أعماله قيمة أيضاً من خلال إعطائها دافعاً إلهياً.
5) استبدال اللامتناهي بالمتناهي: نظراً إلى أن الدنيا مقدّمة للآخرة، فلا بدّ من استخلاص نتيجتين مهمَّتين من ذلك: الأولى عدم إعطاء أولوية أو أصالة لملذّات الدنيا وآلامها؛ لكي لا تبهره طيّباتها ولا تُرهبه آلامُها.
والثانية: أن يُدرك القيمة الحقيقية لساعات ولحظات عمره، إذ يمكنه نيل السعادة الأبدية عن طريق قضائها في أعمال تُرضي الله، ويمكنه إنفاقها في الرذائل؛ فينتهي به الحال إلى الشقاء الأبدي. وهذا يعني أنّ قيمة لحظة واحدة من العمر لا تُقاس بأرطال من الذهب والجواهر.
6) محاربة التطفّل: بما أن الكمال والسعادة الأبدية للإنسان لا تتحقّق الاّ بعمله الاختياري، وحتى الشفاعة أيضاً لا بدّ أن ينالها بالعمل الصالح، إذاً، فلا بد من استنهاض نزعة الاندفاع الذاتي والمبادرة الذاتية واستقلال الشخصية لديه، وتقوية روح الشعور بالمسؤولية والالتزام فيه، ومحاربة ما فيه من روح الاتكالية والتطفّل والاعتماد على الآخرين.
7) الاهتمام بالحرية في الأعمال والممارسات: انطلاقاً من أهمية «حرية الاختيار» في حركة الإنسان التكاملية، فلا بدّ من إعطاء المتعلّم حرية العمل والممارسة، وعدم صياغته بشكل حلقة فاقدة للإرادة، مع السعي إلى أن لا تتّصف التعاليم والإيحاءات بطابع الضغط والإكراه. وفي الحالات التي تقتضي فيها مصلحة المتعلّم تدخّل المعَلِّم والمربّي، ينبغي الحرص على أن لا يكون هذا التدخّل مباشراً بحيث لا يشعر المتعلِّم بضغط أو تقييد، وأن يكون مقروناً بالاستدلال المنطقي جهدَ الإمكان، ولا يتعدّى حدود الإرشاد والتوجيه.
8) رعاية مبدأ التدرّج: على المعَلِّم والمربّي أن يأخذ بنظر الاعتبار على الدوام مقتضيات السنّ والعوامل الطبيعية والاجتماعية، ويسعى لكي يتدرّج المتعلّم خطوةً بعد خطوة بهدوءٍ وتأنٍّ، وأن لا يتوقّع منه طفرات سريعة ومفاجئة.
9) المرونة والاعتدال: نظراً إلى وجود جوانب كثيرة من التفاوت على الصعيد الفردي والجماعي، فلا بدّ من جعل المرونة اللازمة والمعقولة نصب العين؛ سواءً عند وضع المناهج أو عند تطبيقها، مع اجتناب الإصرار على تطبيق مناهج وبرامج جافّة وذات وتيرة واحدة وبشكل متساوٍ على جميع المتعلّمين.
10) ترجيح الأهمّ: يجب على واضعي الخطط والمناهج أن يركّزوا من بين الدروس على ما له تأثير أكبر في السعادة الأبدية (كالعقائد والأخلاق الإسلامية) وتدريسها بشكل يجعلها محبوبة ومرغوبة أكثر في النفس، وأن يحرصوا على أن يكونوا هم أنفسهم نماذج صالحة يقتدي بها المتعلّمون.
11) العلوم الطبيعية والاجتماعية: يتعيّن على من يضطلعون بمهمة التخطيط والبرمجة أن يدرجوا المناهج العامّة والتخصّصية (الطبيعية والرياضية والاجتماعية) بدقّة كافية في المناهج الدراسية. وتجدر الإشارة إلى أنه يجب في كلّ الحالات أن ينصبَّ التركيز والاهتمام على الغاية الأساسية وهي التقرّب إلى الله تعالى. ولا ينبغي تفويت أيّ فرصة في سبيل إحياء الدوافع الإلهية والقيم السامية، وكذلك محاربة الغفلة وهوى النفس. وبعبارة أخرى يجب جعل كلّ الأهداف مقدّمة للهدف النهائي.
12) تقوية الشعور بالمسؤولية إزاء المصالح الاجتماعية: إنّ وجود أنواع المسؤوليات الاجتماعية يتطلّب توجيه جهاز التعليم والتربية نحو الاهتمام بالمجتمع وحبّ الآخرين، وأن يتمّ التركيز على تقوية خصال التعاون والتضامن والإيثار والتضحية ونكران الذات وحب الخير للآخرين وحب العدالة، إلى جانب مكافحة صفات الأنانية وعدم المبالاة إزاء المصالح الاجتماعية مكافحة شديدة؛ لأجل تنشئة عناصر صالحة وفاعلة لبناء المجتمع المنشود، وقادرة على الاضطلاع بدورها في تحقيق الهدف الإلهيّ.
الشيخ عبدالهادي الفضلي
السيد محمد باقر الصدر
الأستاذ عبد الوهاب حسين
السيد محمد باقر الحكيم
السيد محمد حسين الطهراني
السيد محمد حسين الطبطبائي
عدنان الحاجي
محمود حيدر
الشيخ فوزي آل سيف
الشيخ حسين مظاهري
عبد الوهّاب أبو زيد
الشيخ علي الجشي
حسين حسن آل جامع
ناجي حرابة
فريد عبد الله النمر
جاسم بن محمد بن عساكر
أحمد الماجد
عبدالله طاهر المعيبد
ياسر آل غريب
زهراء الشوكان
الشيخ عبدالكريم الحبيل: القلب السليم في القرآن الكريم (4)
مقدّمات البحث
تأبين الشّيخ الحبيل للكاتب الشّيخ عباس البريهي
حاجتنا إلى النظام الإسلامي خاصّة
القرآن يأسر القلب والعقل
الشيخ عبدالكريم الحبيل: القلب السليم في القرآن الكريم (3)
تقييم العلمانية في العالم الإسلامي
ضرورة الإمامة
دلالة آية «وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسانِ مِنْ طِينٍ»
العلاقة الجدلية بين التدين والفهم