علمٌ وفكر

مستجمع جميع العوالم الروحانيّة والحسيّة

 

صدر المتألهين الشيرازي 
الإنسان في سنخه قابلٌ جميع النشآت العقليّة والنفسيّة، مستجمعٌ العوالم الروحانيّة والحسيّة، له قابلية التلبّس والوصول إلى أيّ شيءٍ من الأنوار القيّوميّة، والأضواء اللاهوتيّة، وجامعية الاتّصاف بكلّ هيئة من الهيئات البدنيّة والملكات الناسوتيّة.
فإنْ ساعدته السعادة الأزلية وما باعدته الشقاوة الجبليّة، وصادفته أسباب الهداية والارتقاء إلى الدرجات، وما صادفته موجبات الشقاوة والانحطاط في الدركات فأثّرت فيه الدعوة بالآيات والتأديب، والتكليف بالطاعات والتهذيب، وقويت روحه بأغذيتها وأشربتها الروحانيّة وهي: الإيمان والعبادة والمعرفة والزهادة، وتحفّظت عن سمومها المُهلكة المُردية وهي: الكفر والجهالة والمعصية والضلالة واستعدّت لاقتباس أنوار التجلّي من سرادقات الجلال، واستفاضت أضواء القُدس من سُبُحات الجمال، صارتْ مشعشعةً بالأشعة الربّانية، مستضيئةً بالأضواء الرحمانيّة فانعكست على مملكة بدنه ومعكسر قواه الأنوار الواردة عليه عن مولاه، فصارت القوى له في جميع أوامره وزواجره طايعات، ولسلوك سبيل الحقّ مشيّعات، بل ما كانت له عايقات {فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ}
وإنْ عاقه عن ذلك ما عُجن في سِنخه من تزاحم صفاتٍ سبُعيّة، وتراكم دواعٍ شهويّة وغضبيّة، ما زجره عمّا يهمّه ويهواه، لغلبة صفات نفسه وهواه، وما صدّه عن مُشتهاه ومُناه، فاتّخذ إلهه هواه، فأضلّه وما هداه، فيداهُ قيّداه، وأبواهُ هوّداه.
فأولئك هم الأشقياء المردودون، المقيّدون بالسلاسل والأغلال، المحجوبون عن مشاهدة الأنوار، المشار إليهم في القرآن الهادي عن الضلال: {كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} وقد {وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ} نعوذ بالله من هذا النسيان، ونسأله التوبة والإقالة، إنّه وليّ الإحسان.

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد