قرآنيات

معلومات الكاتب :

الاسم :
الشيخ محمد صنقور
عن الكاتب :
عالم دين بحراني ورئيس مركز الهدى للدراسات الإسلامية

مِن تصنيف سُوَر القرآن

 

الشيخ محمد صنقور
ماهي السور السبع الطوال؟ وما هي سور المئين والمثاني والمفصَّل ؟
 السبع الطوال:
المراد من السور السبع الطوال هي سورةُ البقرة ، وسورة آل عمران ، وسورة النساء وسورة المائدة، وسورة الأنعام ، وسورة الأعراف، فهذه سورٌ ستٌّ،  والسورةُ السابعة من الطوال قيل هي سورة يونُس ، وقيل هي سورة التوبة، وقيل هي مجموع التوبة والأنفال بناءً على اعتبارهما سورةً واحدة.
والأرجح والله أعلم أنَّ السورة السابعة هي سورة التوبة، فهي الأطول بالإضافة إلى سورة يونس من حيث عدد آياتها ومن حيث عدد كلماتها، فعدد آيات سورة يونس مائة وتسع آيات وعدد كلماتها قرابة 1833 كلمة ، وأما عددُ آيات سورة التوبة فهو مائة وتسع وعشرون آية، وعدد كلماتها هو 2398 فالمناسب نظراً لكون المنشأ لتسمية السبع بالطوال أنَّها الأطول بالإضافة إلى سائر السور المناسب لذلك هو اعتبار سورة التوبة هي السابعة من السور السبعِ الطوال.
وأمَّا دعوى أنَّ السورة السابعة هي التوبة والأنفال معاً فهي دعوى لا تصحُّ ظاهراً نظراً لكون كلٍّ منهما سورةً مستقلَّة كما هو الصحيح.
 

المئين من السُور:
وأمَّا المئين من السور فهي التي يصلُ عددُ آياتِها إلى مائة أو يزيد قليلاً أو ينقص قليلاً، وهي سبعُ سورٍ -كما قيل- أولُها سورة بني إسرائيل وهي سورةُ الإسراء وآخرها سورة المؤمنون، وقيل إنَّ المئين هي السور التي تقع بعد السبع الطوال ممَّا يصل عددُ آياتها مائة أو يزيد قليلاً.
 ما هي المثاني :
وأما المثاني فهي سورة الحمد "الفاتحة" فهي المقصودة من قوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ آَتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآَنَ الْعَظِيمَ﴾(1) كما ورد ذلك عن أهل البيت (ع) ففي الصحيح عن محمد بن مسلم قال: "سألتُ أباعبد الله (ع) عن السبع المثاني والقرآن العظيم أهي الفاتحة؟ قال: نعم، قلتُ: بسم الله الرحمن الرحيم من السبع؟ قال: نعم هي أفضلُهن"(2).
 وفي عيون أخبار الرضا (ع) للشيخ الصدوق بسنده عن يوسف بن محمد بن زياد وعليِّ بن محمد بن سيار عن أبويهما عن الحسن بن عليٍّ العسكري (ع) عن آبائه (عليهم السلام) قال: "قال أميرُ المؤمنين (ع): إنَّ بسم الله الرحمن الرحيم آيةٌ من فاتحة الكتاب، وهي سبع آياتٍ تمامُها ﴿بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾ سمعتُ رسول الله (ص) يقول: إنَّ الله عز وجل قال لي: يا محمد ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِّنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ﴾ فأفرد الامتنان على بفاتحة الكتاب وجعلها بإزاء القرآن العظيم وإنَّ فاتحة الكتاب أشرفُ ما في كنوز العرش.."(3).
وروى محمد بن مسعود العياشي في تفسيره عن أبي بكر الحضرمي قال: قال أبو عبد الله (ع): "إذا كانت لك حاجة، فاقرأ المثانيَ وسورةً أخرى، وصلِّ ركعتين وادع الله، قلتُ: أصلحك الله، وما المثاني؟ قال: فاتحة الكتاب: ﴿بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾"(4).
وفي تفسيره أيضاً عن يونس بن عبد الرحمن، عمَّن رفعه قال: "سألتُ أبا عبد الله (ع)، عن قوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِّنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ﴾ قال: "هي سورةُ الحمد، وهي سبعُ آياتٍ، منها بسم الله الرحمن الرحيم، وإنَّما سُميت المثاني لأنَّها تُثنَّى في الركعتين"(5).
وثمة عددٌ من الروايات الواردة عن أهل البيت (ع) مفادها أنَّ السبع المثاني هي فاتحة الكتاب، ويؤيِّد ذلك ما روته العامة عن الرسول الكريم (ص) وعن عليٍّ أمير المؤمنين (ع) أنَّ السبع المثاني هي سورة الفاتحة، فمن ذلك ما رواه البخاري في صحيحه عن أبي سعيد بن المعلَّى قال له النبيُّ (ص): "ألا أُعلِّمُك أعظم سورةٍ في القرآن قبل أنْ أخرج من المسجد، فذهب النبيُّ(ص) ليخرج فذكرتُه فقال: الحمد لله ربِّ العالمين هي السبع المثاني والقرآن العظيم الذي أُوتيتُه"(6).
ومن ذلك ما أورده جلالُ الدين السيوطي في الدر المنثور قال: "وأخرج الدارقطني والبيهقي في السُنن بسندٍ صحيح عن عبد خير قال سُئل عليٌّ (ع) عن السبع المثاني فقال: الحمد لله رب العالمين، فقيل له: إنَّما هي ستُّ آيات فقال: بسم الله الرحمن الرحيم آية"(7).
فالصحيح أنَّ المثاني هي سورة الفاتحة وسُمِّيت بذلك لأنَّها تُثنَّى في كلِّ صلاة أو لأنَّها نزلت على قلبِ رسول الله (ص) مرَّتين أو لأنَّها مقسومة بين الله تعالى وعبده، فهي في أول آياتها ثناءٌ على الله تعالى ، وهي في آخرها دعاءٌ من العبد لله تعالى، ولعلَّ مجموع ذلك وغيره مما ذُكر هو منشأ التسمية لها بالمثاني.
هذا ويُطلق عنوان المثاني أيضاً ويُراد منه آيات القرآن كلِّه كما وصفه بذلك القرآن الكريم في قوله تعالى: ﴿اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُّتَشَابِهًا مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ﴾(8) وذلك لأنَّ آيات القرآن يُفسِّر بعضُها بعضاً فكأنَّ الآيات ينثني وينعطف بعضها على بعض فيكون ذلك منتجاً لبيان المراد منها.
هذا وقد ادَّعى البعضُ أنَّ المثاني هي السورُ التي هي دون المِئين في الطول وفوق المفصَّل، وادَّعى البعضُ أنَّ المثاني هي التي تلي السبع الطوال في الطول فكأنَّ السبع الطوال هي المبادي والأوائل وما يليها في الطول هي المثاني أي هي ثوانٍ بالإضافة إلى السبع الطوال، وبناءً على الدعوى الأولى تكون المثاني ثوانياً بالإضافة إلى المِئين فالمئين أوائل وهي ثوانٍ لها. وكلا هذين القولين لا شاهد يُعتدُّ به عليهما.

سُوَرُ المُفصَّل:
وأما المفصَّل من السور فهي الواقعة بعد الحواميم من السور إلى آخر القرآن، وسُمِّيت كلُّ سورةٍ من هذه السور بالمفصَّل لقصرها ممَّا يقتضي الفصل بينها وبين السورة التي تليها بالبسملة.
هذا وقد اختُلف في مبدأ سور المفصَّل، فبناءً على أنَّها السور الواقعة بعد الحواميم يكون مبدأ سور المفصَّل هي سورة محمَّد(ص) وقيل إنَّ مبدأها سورة ﴿ق﴾ وقيل سورة الحجرات.
وذكروا أنَّ سُور المفصَّل تنقسم إلى طوال المفصل وأوساط المفصَّل وقصار المفصَّل، فطوالُ المفصَّل تبدأ بسورة محمد (ص) أو سورة ﴿ق﴾ أو سورة الحجرات حسب الاختلاف في مبدأ سُوَر المفصَّل، وتنتهي طوال المفصل عند سورة النبأ، ومنها تبدأ أوساط المفصَّل إلى سورة الضحى، وأمَّا قصار المفصل فمبدؤها سورة الضحى إلى سورة الناس. 

________________________________________
1- سورة الحجر الآية/87.
2- وسائل الشيعة ﴿آل البيت﴾ - الحر العاملي - ج 6 ص 57.
3- عيون أخبار الرضا ﴿عَ﴾ - الشيخ الصدوق - ج 2 ص 270.
4- بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج 82 ص 21.
5- بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج 82 ص 20.
6- صحيح البخاري - البخاري - ج 5 ص 222.
7- الدر المنثور - جلال الدين السيوطي - ج 1 ص 3.
8- سورة الزمر الآية/23.

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد