الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
يقول تعالى: وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونا ([1]).
إن أول صفة ل: "عباد الرحمن" هو نفي الكبر والغرور والتعالي، الذي يبدو في جميع أعمال الإنسان حتى في طريقة المشي، لأن الملكات الأخلاقية تظهر نفسها في حنايا أعمال وأقوال وحركات الإنسان بحيث أن من الممكن تشخيص قسم مهم من أخلاقه - بدقة - من أسلوب مشيته.
نعم، إنهم متواضعون، والتواضع مفتاح الإيمان، في حين يعتبر الغرور والكبر مفتاح الكفر. لقد رأينا بأم أعيننا في الحياة اليومية، وقرأنا مرارًا في آيات القرآن أيضًا، أن المتكبرين المغرورين لم يكونوا مستعدين حتى ليصغوا إلى كلام القادة الإلهيين، كانوا يتلقون الحقائق بالسخرية، ولم تكن رؤيتهم أبعد من أطراف أنوفهم، ترى أيمكن أن يجتمع الإيمان في هذه الحال مع الكبر؟!
نعم، هؤلاء المؤمنون، عباد ربهم الرحمن، والعلامة الأولى لعبوديتهم هو التواضع... التواضع الذي نفذ في جميع ذرات وجودهم، فهو ظاهر حتى في مشيتهم. فإذا رأينا أن إحدى أهم القواعد التي يأمر الله بها نبيه هي ولا تمش في الأرض مرحًا، إنك لن تخرق الأرض ولن تبلغ الجبال طولا([2]) فلنفس هذا السبب أيضًا، وهو أن التواضع روح الإيمان.
حقًّا إذا كان للإنسان أدنى معرفة بنفسه وبعالم الوجود، فسيعلم كم هو ضئيل حيال هذا العالم الكبير، حتى وإن كانت رقبته كالجبال، فإن أعلى جبال الأرض أمام عظمة الأرض أقل من تعرجات قشر (النارنج) بالنسبة إليها، تلكم الأرض التي هي نفسها لا شئ بالنسبة إلى الأفلاك العظيمة.
ترى أليست هذه الحالة من الكبر والغرور، دليلًا على الجهل المطلق!؟ نقرأ في حديث رائع عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، أنه كان يعبر أحد الأزقة يومًا ما، فرأى جماعة من الناس مجتمعين، فسألهم عن سبب ذلك فقالوا: مجنون شغل الناس بأعمال جنونية مضحكة، فقال: رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): أتريدون أن أخبركم من هو المجنون حقًّا، فسكتوا وأنصتوا بكل وجودهم فقال (صلى الله عليه وآله وسلم): "المتبختر في مشيه، الناظر في عطفيه، المحرك جنبيه بمنكبيه، الذي لا يرجى خيره ولا يؤمن شره، فذلك المجنون، وهذا مبتلى!".
الصفة الثانية ل " عباد الرحمن " الحلم والصبر، كما يقول القرآن في مواصلته هذه الآية وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلامًا. السلام الذي هو علامة اللامبالاة المقترنة بالعظمة، وليس الناشئ عن الضعف.
ـــــــــــــــــــــــــــ
([1]) "هون" مصدر، وهو بمعنى الناعم والهادي المتواضع، واستعمال المصدر في معنى اسم الفاعل هنا للتوكيد، يعني أنهم في ما هم عليه كأنهم عين الهدوء والتواضع.
([2]) سورة الإسراء، الآية 37
الشيخ حسين مظاهري
الشيخ عبدالهادي الفضلي
الشيخ فوزي آل سيف
الشيخ محمد صنقور
السيد محمد باقر الصدر
الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
الشيخ محمد هادي معرفة
السيد محمد حسين الطبطبائي
عدنان الحاجي
الشيخ جعفر السبحاني
الشيخ علي الجشي
حسين حسن آل جامع
عبد الوهّاب أبو زيد
ناجي حرابة
فريد عبد الله النمر
جاسم بن محمد بن عساكر
أحمد الماجد
عبدالله طاهر المعيبد
ياسر آل غريب
زهراء الشوكان
الإسلام وميول الإنسان
شروط البحث
الزهراء للإمام عليّ: اشتملت شملة الجنين (1)
التمثيل بالمحقَّرات في القرآن
الشّيخ صالح آل إبراهيم: ميثاقنا الزّوجي
اليهود أشدّ الناس عداوةً للذين آمنوا
المادة على ضوء الفيزياء
المعرض الفنّيّ التّشكيليّ (أبيض وأسود) بنسخته الثّالثة
القرآن وجاذبيّته العامة
القرآن الكريم وأمراض الوراثة