من التاريخ

قبسات من سيرة الإمام جعفر بن محمّد الصادق عليه السلام (1)


الشيخ إبراهيم الأميني

* وُلد الإِمام أبو عبد الله، جعفر بن محمّد الصادق عليهما السلام بالمدينة المنوّرة يوم الاثنين السابع عشر من شهر ربيع الأوّل سنة ثلاث وثمانين هجرية.
* والده: الإمام محمّد الباقر عليه السلام، وأُمّه فاطمة ابنة القاسم بن محمّد.
* لقبه: الصادق والفاضل والطاهر والقائم والكافل والمنجي والصابر. وكُنيته: أبو عبد الله وأبو موسی.
* تُوفّی «شهيداً» في اليوم الخامس والعشرين من شهر شوّال من سنة مائة وثمانية وأربعين من الهجرة، وله من العمر ثمان وستون سنة، ودُفن جسمه الشريف في مقبرة البقيع.
* أقام مع جدّه الإمام السجّاد عليه السلام اثنتي عشرة سنة، ومع أبيه الإمام الباقر عليه السلام تسع عشرة سنة، وكانت أيام إمامته أربعاً وثلاثين سنة.

عدّوا أخْذَهم عنه منقبةً شُرّفوا بها
كان الإمامُ جعفر الصادق عليه السلام أبرز شخصيات عصره على الإطلاق، وأكثرهم شهرةً من حيث العلم والفقه والحسَب والنّسَب والعبادة ومكارم الأخلاق، وقد شهد بذلك جمعٌ من العلماء.
* قال زيد بن عليّ: «في كلّ زمانٍ رجلٌ منّا أهل البيت يحتجُّ اللهُ به علی خلقه. وحجّةُ زماننا ابنُ أخي جعفر، لا يضلُّ مَن تبعه ولا يهتدي مَن خالفه».
* وقال اسماعيل بن عليّ بن عبد الله بن عبّاس: «دخلتُ علی أبي جعفر المنصور يوماً، وقد اخضلَّت لحيته بالدموع، فقال لي: ما علمتَ ما نزل بأهلك؟
قلت: وما ذلك؟
قال: فإنّ سيدهم وعالمهم وبقية الأخيار منهم تُوفّي.
فقلت: ومن هو؟
قال: جعفر بن محمّد....إنّ جعفراً كان ممّن قال الله فيه: ﴿ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا...﴾، وكان ممّن اصطفی اللهُ، وكان من السابقين إلی الخيرات»! (فاطر:32)
[يبكي المنصور الإمامَ الصادق عليه السلام، وهو الذي قتله. وقد جرى مثل ذلك مع غيره من خلفاء بني العباس؛ أبدوا الندامة بعد قتلهم أحداً من الأئمة عليهم السلام]
* ويقول أحمد بن حجر الهيتمي في (الصواعق المحرقة): «.. وخلّف محمّد الباقر عليه السلام ستّة أولاد أفضلهم وأكملهم جعفر الصادق ومن ثمّ كان خليفتَه ووصيه».
* وكتب محمّد بن طلحة الشافعي في (مطالب السؤول): «نقل عنه الحديث واستفاد منه العلمَ جماعةٌ من الأئمّة، وأعلامهم مثل: يحيی بن سعيد الأنصاري، وابن جريج، ومالك بن أنس، والثوريّ، وابنُ عيينة، وأبو حنيفة.. وغيرهم، وعدّوا أخذهم عنه منقبة شُرّفوا بها وفضيلة اكتسبوها».
* وفي (إرشاد) الشيخ المفيد، قال: «.. إنّ أصحاب الحديث قد جمعوا أسماء الرواة عنه من الثقات علی اختلافهم في الآراء والمقالات فكانوا أربعة آلاف رجل».

ليست الأمانات بالرّسوم
لقد تقرّر في محلّه أن لإثبات إمامة الأئمّة المعصومين الاثني عشر أدلةً متنوعهً‌ ومتعددةً تكفي لإثبات إمامة كلّ واحد من الأئمة وتُسمّى بالأدلة العامّة، وهناك أدلّة خاصّة تدلّ علی إمامة كلِّ واحد من الأَئمّة بخصوصه، وهي النصوص الصادرة من كلّ إمام سابق علی الإمام اللاحق، يصرّح فيها باسمه وشخصه. ولا حاجة إلی تكرار الأَدلّة العامّة، ولهذا نكتفي هنا بذكر عددٍ من الأدلّة الخاصّة.
* عن أبي نضرة، قال: «لما احتضر أبو جعفر محمّد بن عليّ الباقر عليه السلام عند الوفاة دعا بابنه الصادق عليه السلام ليعهد إليه عهداً. فقال له أخوه زيد بن عليّ: لو امتثلتَ في تمثال الحسن والحسين عليهما السلام رجوتُ أن لا تكون أتيتَ منكراً، فقال له: يا أبا الحسين، إن الأمانات ليست بالتمثال، ولا العهود بالرسوم، وإنما هي أمورٌ سابقةٌ عن حُجج الله عزّ وجلّ».
* وعن همام بن نافع، قال: «قال أبو جعفر (الباقر) عليه السلام لأصحابه يوماً: إذا افتقدتموني فاقتدوا بهذا؛ فهو الإمامُ والخليفة بعدي. وأشار إليّ أبي عبد الله الصادق عليه السلام».
* عن سَورة بن كليب، قال: «قال لي زيد بن عليّ: يا سَورة، كيف علمتم أنّ صاحبكم علی ما تذكرون؟
قال: فقلتُ: علی الخبير سقطتَ.
فقال: هات.
فقلت له: كنّا نأتي أخاك محمّد بن عليّ عليهما السلام نسأله، فيقول: (قال رسول الله صلّی الله عليه وآله وسلّم، وقال الله عزّ وجلّ في كتابه)، حتّی مضی أخوك فأتيناكم آلَ محمّد - وأنتَ في من أتينا - فتُخبرونا ببعضٍ ولا تُخبرونا بكلّ الذي نسألكم عنه، حتّی أتينا ابن أخيك جعفراً فقال لنا كما قال أبوه: (قال رسول الله صلّی الله عليه وآله وسلّم وقال تعالی).
فتبسّم وقال: أما والله لئنْ قلتَ هذا، فإنّ كُتبَ عليٍّ صلوات الله عليه عنده دوننا».

لا يحدّثكم أحدٌ بعدي بمثل حديثي
لقد ربّی الإمامُ جعفر الصادق عليه السلام تلامذة كثيرين وعلَّمهم آلاف الأحاديث في شتی المجالات والأصعدة. وروی عنه مالك والشافعي والحسن بن صالح، وأبو أيوب السجستاني، وعمر بن دينار وأحمد بن دينار وأحمد بن حنبل.

قال الإمام الصادق عليه السلام: «إنّي أعلمُ ما في السّماوات وما في الأَرض وما في الجنّة وما في النار، وما كان وما يكون إلى أن تقومَ الساعة. ثمّ سكت ثمّ قال: وعلمُه في كتاب الله، أنظرُ إليه هكذا، ثمّ بسط يديه وقال: إنّ الله يقول: ﴿.. وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ..﴾».  (النحل:89)
* وعن صالح بن الأَسود، قال: «سمعتُ جعفر بن محمّد عليه السلام يقول: سَلوني قبل أن تفقدوني، فانّه لا يحدّثكم أحدٌ بعدي بمثل حديثي».
* وكتب ابن أبي الحديد في (شرح نهج البلاغة): «أمّا أصحاب أبي حنيفة كأبي يوسف ومحمّد ... فأخذوا الفقه من أبي حنيفة. وأمّا الشافعيّ فقرأ علی محمّد بن الحسن فيرجع فقهُه إلی أبي حنيفة. وأمّا أحمد بن حنبل فقرأ علی الشافعيّ فيرجع فقهُه أيضاً إلی أبي حنيفة. وأبو حنيفة قرأ علی جعفر بن محمّد عليه السلام..».
* وفي (إثبات الوصية) للمسعودي، يقول: «رُوي أنّ جعفر بن محمّد عليه السلام كان يجلس للعامّة والخاصّة ويأتيه الناسُ من الأقطار يسألونه عن الحلال والحرام وعن تأويل القرآن وفصل الخطاب، فلا يخرج أحدٌ منهم إلّا راضياً بالجواب».

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد