مقالات

تحيّةُ الإسلام


الفيض الكاشاني ..

السَّلامُ عَلَيكُم، مُعرّفاً ومُنَكّراً [السلام عليكم، وسلامٌ عليكم] واختلفوا في الأصل منهما، ولكلٍّ وجه؛ والثاني أوجه، والأوّل هو الأصل وفيه سبعون حسنة، تسعٌ وستّون للمبتدئ، وواحدة للرادّ، وإفشاؤه مرغَّبٌ فيه غاية الترغيب. قال الإمام الصادق عليه السلام: «مِنَ التَّوَاضُعِ أَنْ تُسَلِّمَ عَلَى مَنْ لَقِيتَ»، يعني كائناً من كان، وقال عليه السلام: «البَخِيلُ مَنْ بَخِلَ بالسَّلامِ».
ويسقط في الحمّام، قيل: و(عند) قراءة القرآن، ومذاكرة العلم ونحوهما، دون المعاملة، والمساومة، لأنّ أغلب أحوال الناس ذلك، وينبغي إكماله، فيُضيف إليه: «ورحمةُ الله وبركاته»، وأن يقصد معه الملَكين إنْ كان واحداً، لأنّه إذا سلّم عليهما، ردّا السلام، ومَن سلّم عليه الملَك، فقد سَلِم من عذاب الله، كذا قال بعض العلماء. واستحبابُه على الكفاية، فلو سلّم واحدٌ من الجماعة، كفى ذلك لإقامة السنّة.
للرّدّ
وعَليكُمُ السَّلامُ، قال الله تعالى: ﴿وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا..﴾ النساء:86، والأحسن أن يزيد عليه: «ورحمةُ الله»، فإنْ قاله المسلِّم، زاد: «وبركاته»، وهي النهاية لاستجماعه أقسامَ المطالب؛ السلامة على المضارّ، وحصول المنافع وثباتها.
رُوي أنّ رجلاً قال لرسول الله صلّى الله عليه وآله: «السّلام عليك، فقال: وَعَلَيْكَ السّلامُ وَرَحْمَةُ اللهِ، وقال آخر: السّلام عليك ورحمة الله، فقال: وَعَلَيْكَ السّلامُ وَرَحْمَةُ اللهِ وبركاتُه، وقال آخر: السّلام عليك ورحمة الله وبركاته، فقال: وَعَلَيْكَ، فقال الرجل: نَقصتَني فأين ما قال الله؟ وتلا الآية، فقال صلَّى الله عليه وآله: إنّكَ لَمْ تَتْرُكْ لِي فَضْلاً، فَردَدْتُ عَلَيكَ مِثْلَهُ».
قيل: إنّ النكتة في ترتيب الابتداء والردّ، أنّ المبتدئ إذا قال: «السّلامُ عليكم»، كان الابتداء واقعاً بذِكر الله، فإذا قال المجيب: «وعليكم السّلام»، كان الاختتام واقعاً بذكر الله، وهذا يطابق قوله تعالى: ﴿هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآَخِرُ..﴾ الحديد:3، وأيضاً لمّا وقع الابتداء والاختتام بذكر الله، فإنّه يُرجى أن يكون ما وقع بينهما يصير مقبولاً ببركته، كما في قوله تعالى: ﴿وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ﴾ هود:114.
ولو كان المَسَلِّم ذمّياً اقتصر قوله: «وعليك»، كذا جرتِ السُّنّة، ووجوبُ الردّ على الكفاية، فلو ردَّ واحدٌ من الجماعة سقط عن الباقين.
عن الإمام الصادق عليه السّلام، قال: «إِذَا سَلَّمَ أَحَدُكُمْ فَلْيَجْهَرْ بِسَلَامِه، لَا يَقُولُ: سَلَّمْتُ فَلَمْ يَرُدُّوا عَلَيَّ، ولَعَلَّه يَكُونُ قَدْ سَلَّمَ ولَمْ يُسْمِعْهُمْ، فَإِذَا رَدَّ أَحَدُكُمْ فَلْيَجْهَرْ بِرَدِّه، ولَا يَقُولُ الْمُسَلِّمُ: سَلَّمْتُ فَلَمْ يَرُدُّوا عَلَيَّ، ثُمَّ قَالَ: كَانَ عَلِيٌّ عليهِ السَّلام، يَقُولُ: لَا تَغْضَبُوا ولَا تُغْضِبُوا، أَفْشُوا السَّلَامَ وأَطِيبُوا الْكَلَامَ وصَلُّوا بِاللَّيْلِ والنَّاسُ نِيَامٌ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ بِسَلَامٍ»، ثُمَّ تَلَا عليه السلام عَلَيْهِمْ قَوْلَ الله عَزَّ وجَلَّ: ﴿..السَّلامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ..﴾ الحشر:23.
وعنه عليه السلام: «مَنْ قَالَ (السَّلَامُ عَلَيْكُمْ) فَهِيَ عَشْرُ حَسَنَاتٍ، ومَنْ قَالَ (السَّلَامُ عَلَيْكُمْ ورَحْمَةُ اللهِ) فَهِيَ عِشْرُونَ حَسَنَةً، ومَنْ قَالَ (السَّلَامُ عَلَيْكُمْ ورَحْمَةُ الله وبَرَكَاتُه) فَهِيَ ثَلَاثُونَ حَسَنَةً».

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد