الشيخ محمّد مهدي النراقي
اعلم أنّ الناس ينقسمون في صلاتهم:
* إلى غافلٍ يُتمّ صلاته ولا يحضر قلبه في لحظة.
* وإلى مَن يغفل في بعض صلاته ويحضر قلبه في بعض منها، وهذا تختلف حاله بحسب قلّة كلّ من الحضور والغفلة وكثرتهما، وزيادة أحدهما على الآخر، فله مراتب غير متناهية.
* وإلى مَن يتمّ صلاته ولا يغيب قلبه لحظة، بل يكون حاضر القلب في جميع صلاته وربما كان مستوعب الهمّ بها، بحيث لا يحسّ بما يجري بين يديه كما لم يحسّ مولانا أمير المؤمنين عليه السلام بإخراج النصل من رجله الشريفة. وبعضهم حضر الجماعة مدّة، ولم يعرف قطّ مَن على يمينه ويساره. وكان وجيب «إبراهيم الخليل» يُسمع على ميلَين. وكان جماعة تصفرّ وجوههم، وترتعد فرائصهم عند الصلاة.
وكلّ ذلك غير مُستبعَد، فإنّ أضعافه مشاهَدة في همّ الدنيا وخوف ملوك الدنيا، مع ضعفهم وعجزهم، وخساسة الحظوظ الحاصلة منهم. وحتى يدخل الرجل على ملكٍ أو وزير، ويحدّثه بمهمٍّ ويخرج، ولو سُئل عمّن كان على حواليه، وعن ثوب الملك، لكان غير قادر على الإخبار عنه، لاشتغال همّه به عن ثوبه وعن الحاضرين حوله: ﴿وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُوا..﴾ الأنعام:132.
فحظّ كلّ واحد من صلاته بقدر خوفه وخشوعه وتعظيمه. فإنّ موضع نظر الله القلوب، دون ظاهر الحركات. ولذا قال بعضهم: «يحشر الناس يوم القيامة على مثال هيئتهم في الصلاة، من الطمأنينة والهدوء، ومن وجود النعم واللذّة والبهجة بها»، فالمحفوظ حال القلب لا حال الشخص. ولذا قيل: «من صفات القلوب تصاغ الصور في دار الآخرة، ولا ينجو: ﴿إِلَّا مَنْ أَتَى اللهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ﴾».
هل صلاة الغافل مقبولة؟
إن قيل: المستفاد من الظواهر المذكورة، أنّ صلاة الغافل ليست مقبولة إلّا بقدر ما أقبل عليه منها، والفقهاء لم يشترطوا إلّا حضور القلب عند النيّة والتكبير، فكيف التوفيق؟
قلنا: فرق بين القبول والإجزاء، فإنّ المقبول من العبادة ما يقرّب العبد إلى الله ويترتّب عليه الثواب في الآخرة، والمُجزي منها ما يُسقط التكليف عن العبد، وإن لم يترتّب عليه ثواب ولم يقرّبه إلى الله. والناس مختلفون في تحمّل التكليف، فإنّ التكليف إنّما هو بقدر الوسع والطاقة، فلا يمكن أن يكلّف الجميع بإحضار القلب في جميع الصلاة، إذ لا يقدر على ذلك إلّا الأقلّون. وإذا لم يمكن اشتراط الاستيعاب للضرورة فلا مرد له إلا أن يشترط ما ينطبق عليه الاسم، ولو في اللحظة الواحدة، وأولى اللحظات به لحظة التكبير والتوجه، فاقتصر على التكليف بذلك.
ونحن - مع ذلك - نرجو ألّا يكون حال الغافل في جميع صلاته مثل حال التارك بالكلية، فإنه على الجملة أقدم على الفعل ظاهراً، وأحضر القلب لحظة، وكيف لا والذي صلّى مع الحدث ناسياً صلاته باطلة عند الله، ولكن له أجر ما بحسب فعله وعلى قدر قصوره وعذره؟
والحاصل: أنّ الإقبال والحضور هو روح الصلاة، وإنّ أقلّ ما يبقى به الروح الحضور عند التكبير، فالنقصان منه هلاك، وبقدر الزيادة عليه تنبسط الروح في أجزاء الصلاة، وكم من حيٍّ لا حراك فيه قريب من الميت، فصلاة الغافل في جميعها، إلّا عند التكبير، حيٌّ لا حراك فيه.
حيدر حب الله
عدنان الحاجي
الشيخ محمد مهدي شمس الدين
الشيخ فوزي آل سيف
الشيخ عبدالهادي الفضلي
السيد محمد باقر الصدر
الأستاذ عبد الوهاب حسين
السيد محمد باقر الحكيم
السيد محمد حسين الطهراني
السيد محمد حسين الطبطبائي
عبد الوهّاب أبو زيد
الشيخ علي الجشي
حسين حسن آل جامع
ناجي حرابة
فريد عبد الله النمر
جاسم بن محمد بن عساكر
أحمد الماجد
عبدالله طاهر المعيبد
ياسر آل غريب
زهراء الشوكان
فلسفة العمل ومبدأ التنمية المتواصلة
كيف يسمح الدّماغ بشعورين متناقضين؟
المعروف والمنكر والأكثريّة الصّامتة
الإسلام ونظريّة الأخلاق
رؤية المدرسة الإماميّة في جمع القرآن
الشيخ عبدالكريم الحبيل: أخلاق فاطمة الزهراء عليها السلام
الشيخ عبدالكريم الحبيل: القلب السليم في القرآن الكريم (5)
الشيخ عبدالكريم الحبيل: القلب السليم في القرآن الكريم (4)
مقدّمات البحث
تأبين الشّيخ الحبيل للكاتب الشّيخ عباس البريهي