
المشكيني
الوكول في اللغة : ترك الأمر إلى الغير وتفويضه إليه ، يقال : وكل الأمر إلى زيد : سلمه إليه وفوضه ، وتوكل لزيد قبل الوكالة له ، وتولى أمره وتوكل له وعليه : عجز من الأمر واعتمد عليه.
قال في لسان العرب : والمتوكل على الله : الذي يعلم أن الله كافل رزقه وأمره فيركن إليه وحده ولا يتوكل على غيره.
والمراد به باصطلاح الشرع : هو الاعتماد على الله تعلى في جميع الأمور والاتكال على إرادته والاعتقاد بأنه مسبب الأسباب والمتسلط عليها ، وبإرادته تتم الأسباب وتؤثر لا بمعنى الاستغناء بذلك عن طلب الحوائج وترك إعداد مقدماتها وحسبان بطلان السببية ، بل بمعنى : عدم الانقطاع إلى الأسباب الظاهرية وتوجه النفس إلى إرادة الله التي هي وراء كل سبب وفوق كل سلطان.
ومقتضى توكل المؤمن على ربه عدم ركونه في رزقه على الأسباب ، وتوجه باطنه وسكون قلبه إلى ربه عند الاشتغال بكل سبب ، وسهولة إقدامه على ما أمر الله به من بذل المال والنفس فيجود بالإعطاء ويطمئن بالخلف ، ويخوض الغمرات ولا يبالي أوقع على الموت أم وقع الموت عليه.
ثم إن الظاهر أن مورد التوكل والتفويض عند الإقدام إلى الأمور التي على العبد وينبغي صدوره منه : كتحصيل العلم والحرث والزرع والزواج للولد وعلاج المرض ونحوها ، ومورد الرضا والتسليم الآتيين حال حدوث الأمور الراجعة إلى فعل الله تعالى : كالحوادث الكونية والأمراض وغيرها. فإذا أقدم المؤمن على أمر هام فعليه أن يتوكل ويفوض ، وإذا قضى النظام الأتم على خلاف مناه فعليه أن يرضى ويسلم هذا ، ولكنه قد يستعمل كل من العناوين في موضع الآخر.
وقد ورد في الكتاب الكريم : أن {وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ } [آل عمران : 122] ، {وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ} [يوسف : 67] ، وأنه {فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ} [آل عمران : 159] ، وأنه {وَكَفَى بِاللَّهِ وَلِيًّا وَكَفَى بِاللَّهِ نَصِيرًا} [النساء : 45] ، و {وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا} [النساء : 81] وأن المؤمن يقول : {إِنَّ وَلِيِّيَ اللَّهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتَابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ} [الأعراف : 196] ، وأن الله قال لنبيه (صلى الله عليه وآله): {وَإِنْ يُرِيدُوا أَنْ يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللَّهُ} [الأنفال : 62] ، وأن النبي موسى (عليه السلام) قال : { يَا قَوْمِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُسْلِمِينَ * فَقَالُوا عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنَا} [يونس : 84، 85] ، وأن {وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ} [هود : 123] ، وأنه {وَمَا لَنَا أَلَّا نَتَوَكَّلَ عَلَى اللَّهِ وَقَدْ هَدَانَا سُبُلَنَا} [إبراهيم: 12] ، وأن ما {وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَمْلِكُ لَهُمْ رِزْقًا مِنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ شَيْئًا وَلَا يَسْتَطِيعُونَ} [النحل: 73] ، وأنهم { فَلَا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ وَلَا تَحْوِيلًا} [الإسراء: 56] ، وأنه : {وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ} [الحج : 78] ، وأن {بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلَا يُجَارُ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} [المؤمنون: 88] ، و {قُلْ مَنْ ذَا الَّذِي يَعْصِمُكُمْ مِنَ اللَّهِ إِنْ أَرَادَ بِكُمْ سُوءًا أَوْ أَرَادَ بِكُمْ رَحْمَةً وَلَا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا} [الأحزاب: 17] ، و {أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ} [الزمر : 36] ، وأن مؤمن آل فرعون قال : {وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ * فَوَقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا} [غافر: 44، 45] ، وأن {وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} [الطلاق: 3] .
وورد في النصوص : أن الغنى والعز يجولان ، فإذا ظفرا بموضع التوكل أوطنا (1) (وهذه استعارة تمثيلية لبيان أن غنى النفس والعز ملازمان للتوكل ، فالمتوكل مستغن قلباً وعملاً ، ولو كان به خصاصة فلا يذل نفسه بالسؤال والخضوع ويغنيه ربه ويعزه إذا رأى ذلك منه).
وأن من اعتصم بالله عصمه الله (2) ، وأن من درجات التوكل على الله أن تتوكل عليه في أمورك كلها ، فما فعل بك كنت عنه راضياً تعلم أنه لا يألوك خيراً وفضلاً (3) ، وأنه من أعطي التوكل أعطي الكفاية (4) ، وأنه : كن لما لا ترجوا أرجى منك لما ترجوا ، فإن موسى خرج يقتبس لأهله ناراً رجع نبياً وخرجت ملكة سبأ فأسلمت مع سليمان وخرج سحرة فرعون يطلبون العزة لفرعون فرجعوا مؤمنين (5) ، وثق بالله تكن مؤمناً (6) ، ومن وثق بالزمان صرع (7) وأن مما لا حيلة لإبليس فيه أن يعتصم العبد بالله عن نية صادقة ويتكل عليه في جميع أموره (8) ، وأنه أعقل راحلتك وتوكل عليه (9) ، وأن من أحب أن يكون أتقى الناس فليتوكل على الله(10).
__________________
1- الكافي : ج2 ، ص65 ـ وسائل الشيعة : ج11 ، ص166 ـ بحار الأنوار : ج71 ، ص143 و175 وج78 ، ص257.
2- الكافي : ج2 ، ص65 ـ بحار الأنوار : ج71 ، ص127.
3- الكافي : ج2 ، ص65 ـ وسائل الشيعة : ج11 ، ص166 ـ بحار الأنوار : ج71 ، ص129.
4- الكافي : ج2 ، ص65 ـ بحار الأنوار : ج71 ، ص129.
5- بحار الأنوار : ج71 ، ص134.
6- بحار الأنوار : ج71 ، ص135.
7- نفس المصدر السابق.
8- بحار الأنوار : ج71 ، ص136.
9- بحار الأنوار : ج71 ، ص138.
10- نفس المصدر السابق.
صفات الأيديولوجي؛ معاينة لرحلة الفاعل في ممارسة الأفكار (1)
محمود حيدر
معنى (عيش) في القرآن الكريم
الشيخ حسن المصطفوي
لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ
الفيض الكاشاني
التعلم القائم على اللعب: طرق مُثبتة لتعزيز نمو دماغ الطفل وتطوّر إدراكه وشحذ ذكائه
عدنان الحاجي
مناجاة الزاهدين: زهد أحباب الله (1)
الشيخ محمد مصباح يزدي
في رحاب بقية الله: العدالة المهدويّة ترسم المستقبل
الشيخ عبد الله الجوادي الآملي
بَلْ إِيَّاهُ تَدْعُونَ
الشيخ محمد جواد مغنية
في رحاب بقية الله: ليمكّننّ له الدين
الشيخ معين دقيق العاملي
النّفاق والتّظاهر
الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
حياتنا بين البخل والترف
الشيخ حسين مظاهري
الصّاعدون كثيرًا
حبيب المعاتيق
أم البنين .. رواية من وجع الطف
حسين حسن آل جامع
أيقونة في ذرى العرش
فريد عبد الله النمر
سأحمل للإنسان لهفته
عبدالله طاهر المعيبد
خارطةُ الحَنين
ناجي حرابة
هدهدة الأمّ في أذن الزّلزال
أحمد الرويعي
وقف الزّمان
حسين آل سهوان
سجود القيد في محراب العشق
أسمهان آل تراب
رَجْعٌ على جدار القصر
أحمد الماجد
خذني
علي النمر
أحمد آل سعيد: تعديل السلوك حياة
جمعيّة الجشّ الخيريّة تختتم حملتها للتّبرّع بالدّم
الصّاعدون كثيرًا
صفات الأيديولوجي؛ معاينة لرحلة الفاعل في ممارسة الأفكار (1)
معنى (عيش) في القرآن الكريم
لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ
التعلم القائم على اللعب: طرق مُثبتة لتعزيز نمو دماغ الطفل وتطوّر إدراكه وشحذ ذكائه
زكي السّالم: (ديوانك الشّعريّ بين النّطورة والدّندرة والطّنقرة)
أم البنين .. رواية من وجع الطف
مناجاة الزاهدين: زهد أحباب الله (1)