السّيّد حيدر الآمليّ
الإمساك الأوّل هو إمساك اللّسان عن فضول الكلام وعن كلّ ما يخالف رضا الله تعالى وإرادتَه من الأوامر والنّواهي، فالله ُتعالى أمرَ السّيّدة مريم عليها السّلام، في صومِها، بالإمساك عن الكلام: ﴿..فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيّاً﴾ مريم:26.
ويُعلَم صدقُ هذا أيضاً من قوله تعالى: ﴿وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا * فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْنًا..﴾ مريم:25-26.
فَهذا أَمرٌ بالأكل والشّرب، وذاك أمرٌ بالسّكوت عن فضول الكلام، فعرفنا أنّ أعظم الصَّوم: السّكوتُ عن فضول الكلام، ولو لم يكن كذلك، ما قال النّبيّ صلَّى الله عليه وآله: «مَن صَمتَ نجا».
والحكمةُ في ذلك أنّ صمت الظّاهر من القول باللّسان سببٌ لنُطق الباطن والقولِ بالجَنان، ولهذا عندما سكتت مريم عليها السّلام عن القول باللّسان، نطقَ عيسى عليه السّلام في المَهد بالبيان، وأنّه خليفة الرّحمن، فافهم جدًّا فإنّه دقيق.
إمساك البصرُ
إمساكُ البصر: ويُراد به كفّه عن مشاهدة المحرّمات والمنهيّات مطلقاً، وعن المحلَّلات والمباحات إلَّا بقدر الضّرورة، لأنّ الورع والتّقوى ليسا في اجتناب المحرّمات والمنهيّات فقط، بل التّحرّز عن المباحات إلَّا بقدر الحاجة والضّرورة، وإلى هذا المعنى أشار الحقّ تعالى في قوله: ﴿قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ..﴾النّور:30 الآية، لأنّ غضَّ الأبصار لازمٌ لحفظ الفروج في الأغلب، فمَن لم يشاهد الشيءَ لم تطلبه نفسه، ولا يكون له مَيلٌ إليه، فغَضُّ الأبصار له دخلٌ عظيم في حفظ الفروج الّتي هي مادّة كلّ فساد وسببُ كلّ شرّ. قال سبحانه وتعالى: ﴿قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ﴾ المؤمنون:1، إلى قوله عزّ وجلّ ﴿..وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ..﴾ المؤمنون:5-6.
إمساكُ السّمع عن اللَّغو
وأمّا الإمساكُ الثّالث، فكَفُّه عن الاستماع إلى ما حرّم الله تعالى عليه، وعلى المكلَّفين مطلقاً، كالغِيبة للمسلم واستماع التّغنّي بالحرام، واستماع كلامِ أهل الضّلال، والفَسَقة من أهل البِدَع، ممّا يكون سببَ انحرافه عن طريق الحقّ، لقوله تعالى: ﴿وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آَيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ..﴾ الأنعام:68، ونحوها من الآيات.
مرجعُ كلّ حِسّ، هو الفؤاد
قال تعالى: ﴿..إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا﴾ الإسراء:36. فالفؤاد، وإن لم يكن داخلاً في الحسّ الظّاهر، لكن الكلّ يرجع، في الحقيقة، إليه، لأنّ الحواسّ [الجوارح] ليس لها شعورٌ بنفسها، بل هي آلاتٌ للمعبَّر عنه بـ «الفؤاد»، أو بـ «العقل»، أو بـ «الرّوح»، فإنّها الشّاعر بالحقيقة. لأنّ حاسّة البصر – على سبيل المثال - عاجزةٌ بنفسها عن معرفة أنّ الشّمسَ أكبر من الأرض بكذا مقدار، فإنّ من الكواكب ما يكون حجمَه أضعافَ الأرض، فتَراه الباصرةُ بقدر القرص أو التِّرس، وتتوهّم أنّه كذلك، وما ذلك إلّا لمحدويّة قوّة إدراكها.
الشيخ عبدالهادي الفضلي
السيد محمد باقر الصدر
الأستاذ عبد الوهاب حسين
السيد محمد باقر الحكيم
السيد محمد حسين الطهراني
السيد محمد حسين الطبطبائي
عدنان الحاجي
محمود حيدر
الشيخ فوزي آل سيف
الشيخ حسين مظاهري
عبد الوهّاب أبو زيد
الشيخ علي الجشي
حسين حسن آل جامع
ناجي حرابة
فريد عبد الله النمر
جاسم بن محمد بن عساكر
أحمد الماجد
عبدالله طاهر المعيبد
ياسر آل غريب
زهراء الشوكان
مقدّمات البحث
تأبين الشّيخ الحبيل للكاتب الشّيخ عباس البريهي
حاجتنا إلى النظام الإسلامي خاصّة
القرآن يأسر القلب والعقل
الشيخ عبدالكريم الحبيل: القلب السليم في القرآن الكريم (3)
تقييم العلمانية في العالم الإسلامي
ضرورة الإمامة
دلالة آية «وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسانِ مِنْ طِينٍ»
العلاقة الجدلية بين التدين والفهم
الأجر الأخروي: غاية المجتمع