الشيخ محمد حسن المظفّر
ما أكثر الغالي من نصائح الإمام الصادق، والثمينِ من وصاياه عليه السلام، فإنّه صلوات الله عليه لم يترك نهجاً للنُّصح إِلّا سلكَه، ولا باباً للإرشاد إِلا ولَجه، فتارةً يريد منّا نكون من أرباب الشكر والدعاء والتوكّل، فيقول:
«مَن أُعطِيَ ثلاثاً لم يُمنَع ثلاثاً، مَن أُعطِيَ الدُّعاءَ أُعطِيَ الإجابة، ومَن أُعطِيَ الشُّكرَ أُعطِيَ الزّيادةَ، ومَن أُعطِيَ التوكُّلَ أُعطِيَ الكفاية، ثمّ قال: أتلوتَ كتابَ اللهَ عزّ وجلّ: ﴿..وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ..﴾، وقال: ﴿..لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ..﴾، وقال: ﴿..ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ..﴾».
* وأخرى يُرشدنا إلى الأرفع من هذا منزلةً، فيقول:
«إذا أرادَ أحدُكُم ألّا يسألَ اللهَ شَيئاً إِلّا أعطاه، فليَيْأسْ مِن الناسِ كلِّهم، ولا يكونُ له رجاءٌ إِلّا عندَ اللهِ، فإذا علمَ اللهُ عزّ وجلّ ذلك مِن قلبِه، لمْ يسألِ اللهَ شيئاً إِلّا أعطاهُ».
* وطوراً يرغّبنا في الأخلاق الكريمة والصفات الفاضلة، فيشير إلى التواضع ويصف لنا بعض مواضعه، فيقول:
«مِن التواضعِ أنْ تَرضى مِن المجلسِ دونَ المجلس، وأنْ تُسلِّمَ على مَن تَلقى، وأنْ تتركَ المِراءَ وإِنْ كنتَ مُحِقّاً، ولا تحبّ أنْ تُحمدَ على التّقوى».
* ويذكر عدَّة خصال يزدان بها المرء ويسمو بها مرتقًى عليّاً، فيقول لأصحابه:
«اسمَعوا منّي كلاماً هو خيرٌ من الدُّهم الموقَّفَة [خيول شديدة السواد، في آذانها أو قوائمها نقاط وخطوط، والمعنى أنها صنفٌ من الخيل نادر]؛ لا يتكلّم أحدُكُم بِما لا يَعنيه، وليَدَعْ كثيراً من الكلامِ فيما يَعنيه، حتّى يجدَ لهُ مَوضِعاً، فرُبَّ مُتكلّمٍ في غيرِ مَوضِعِه جَنَى على نفسِه بِكلامِه، ولا يُمارِيَنّ أحدُكم سفيهاً ولا حليماً، فإنّ مَن مارَى حليماً أقصاهُ، ومَن مارى سَفيهاً أَرداه، واذكُروا أخاكُم إذا غابَ عنكُم بِأحسنِ ما تُحبُّون أنْ تُذكَروا به إذا غبتُم، واعمَلوا عملَ مَن يَعلم أنّه مُجازى بالإحسانِ مأخوذٌ بالإجرامِ».
* ويصف لنا حُسن الخُلق بما يدفعنا إلى المسارعة بالتخلّق به، فيقول:
«إذا خالطتَ الناسَ فإنْ استَطعتَ ألّا تخالطَ أحداً منهُم إِلّا كانت يدُك العليا عليه فافْعَل، فإنّ العبدَ يكونُ فيه بعضُ التّقصيرِ من العبادة ويكون له حُسنُ الخُلق، فَيُبْلِغُهُ اللهُ بخُلُقِه درجةَ الصّائمِ القائمِ».
* وما أكثر ما يحثّ به على التجمُّل بلباس الخُلق الحسن، وقرينة السخاء، ومن ذلك قوله:
«إِنّ الله ارتَضى لكُم الإسلامَ ديناً فأحْسِنُوا صُحبَتَه بالسَّخاءِ وحُسنِ الخُلُق».
* وأوصانا على لسان المفضّل بن عمر الجعفيّ بخصالٍ ستّ لا توزَن بقيمة، قال له:
«أوصيكَ بستّ خِصالٍ تُبلّغهنّ شيعتي.
قال: وما هي يا سيّدي؟
قال عليه السلام: أداءُ الأمانةِ إلى مَن ائتَمَنك، وأنْ تَرضى لِأخيكَ ما تَرضى لِنفسِكَ، واعلَم أنَّ لِلأُمورِ أواخرَ فاحذَرِ العواقِبَ، وأنّ للأُمور بَغتاتٍ فكُن على حذرٍ، وإِيّاكَ ومُرتقى جبلٍ سهلٍ إذا كان المُنحَدرُ وَعْراً، ولا تَعِدَنّ أخاك وعداً ليس في يدِكَ وَفاؤه».
* ونهانا عن خِصالٍ بارتكابها الضّعة والسقوط، فقال عليه السلام:
«لا تَمزَحْ فيَذهب نُورُك، ولا تَكذبْ فيذهب بهاؤك. وإِيّاك وخِصلتين: الضّجرَ والكَسلَ، فإنّك إِنْ ضَجِرتَ لم تَصبِر على حقٍّ، وإِنْ كَسِلتَ لم تؤدِّ حقّاً».
وقال عليه السلام:
«وكان المسيحُ عليه السلام يقول: مَن كَثُرَ همُّه سَقِمَ بدنُه، ومَن ساءَ خُلُقُه عذَّب نفسَه، ومَن كَثُر كلامُه كَثُر سَقَطُه، ومَن كَثُر كذبُه ذَهَبَ بَهاؤه، ومَن لاحى الرِّجالَ ذهبَت مُروَّتُه».
* وممّا أوصى به أصحابه قوله:
«تَزاوَروا، فإنَّ في زيارتِكم إِحياءً لِقلوبِكُم وذِكراً لأحاديثِنا، وأحاديثُنا تُعَطِّفُ بعضَكم على بعض، فإنْ أخذتُم بِها رشدتُم ونَجَوتُم، وإِنْ تَركتُموها ضللتُم وهلكتُم، فخُذوا بها وأنا بِنجاتِكم زَعيمٌ».
* وقال عليه السلام:
«اجعَلوا أمرَكُم هذا لله، ولا تَجعلوهُ للنّاسِ، فإنّه ما كانَ للهِ فهو لله، وما كانَ لِلناسِ فلا يَصعدُ إلى السماء، ولا تُخاصِموا بِدينِكُم الناسَ، فإنّ المُخاصَمةَ مَمْرَضَةٌ للقلب، إِنّ اللهَ عزَّ وجلَّ قال لنبيّه صلّى اللهُ عليه وآله وسلّم: ﴿إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ..﴾، وقال: ﴿..أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّىٰ يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ﴾، ذَرُوا الناسَ فإنَّ الناسَ قد أَخذوا عن الناسِ، وإِنّكم أَخذتُم عن رَسولِ الله صلّى الله عليه وآله وسلّم وعن عليٍّ عليهِ السّلام، ولا سواء، وإنِّي سمعتُ أبي يقول: إذا كتبَ اللهُ على عبدٍ أنْ يُدخِلَه في هذا الأمر كان أسرعَ إليه مِن الطّير إلى وَكْرِه».
* وقال عليه السلام وهو يريد من أصحابه التوطين والنظر إلى الأمر من بعيد:
«اصبروا على الدّنيا فإنّما هي ساعةٌ، فما مضى منه فلا تَجدْ لهُ ألماً ولا سروراً، وما لم يَجِئْ فلا تدري ما هو، وإِنّما هي ساعتُك التي أنتَ فيها، فاصبِر فيها على طاعةِ الله، واصبِر فيها عن معصيةِ الله».
* وقال عليه السلام:
«اجعَل قلبَك قريناً بَرّاً، وولداً واصلاً، واجعل عملَك والداً تتّبعه، واجعل نفسَك عدوّاً تُجاهِدُه، واجعَل مالَك عارِيةً تردُّها».
* وقال عليه السلام:
«إِنْ قدرتَ ألّا تُعرَفَ فَافعَلْ، ما عليكَ ألّا يُثنِي عليكَ النّاسُ، وما عليكَ أنْ تكونَ مَذموماً عندَ النّاسِ إذا كنتَ مَحمُوداً عند الله؟».
* وقال يحثُّ على الدعاء:
«الدُّعاءُ يردُّ القضاءَ ما أُبرم إبراماً، فأكثِر من الدُّعاءِ فإنّه مفتاحُ كلّ رحمةٍ، ونجاحُ كلّ حاجةٍ، ولا يُنالُ ما عندَ اللهِ عزّ وجلّ إِلّا بالدُّعاء، وإنّه ليسَ بابٌ يكثرُ قرعُه إِلّا ويوشكُ أن يُفتَحَ لِصاحبِه».
* وقال، وما أشرفها كلمة:
«لا تَطعنُوا في عيوبِ مَن أقبلَ إليكُم بمودَّتِه، ولا تُوقِفوه على سيّئةٍ يَخضعُ لها، فإنّها ليست من أخلاقِ رسولِ الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، ولا مِن أخلاقِ أوليائِه».
* وقال عليه السلام، وما أنفعها كلمة:
«أحسِنوا النّظرَ فيما لا يَسعُكُم جَهلُه، وانصحُوا لأنفسِكُم، وجاهِدوا في طلبِ ما لا عُذرَ لكُم في جهلِه، فإنّ لِدينِ الله أركاناً لا تَنفعُ مَن جَهِلَها شدَّةُ اجتهادِه في طلبِ ظاهرِ عبادتِه، ولا يضرُّ مَن عرَفَها، فدانَ بها، حُسْنُ اقتصادِه، ولا سبيلَ إلى أحدٍ إلى ذلكَ إِلّا بعَونٍ من اللهِ عزّ وجلّ».
الشيخ عبدالهادي الفضلي
السيد محمد باقر الصدر
الأستاذ عبد الوهاب حسين
السيد محمد باقر الحكيم
السيد محمد حسين الطهراني
السيد محمد حسين الطبطبائي
عدنان الحاجي
محمود حيدر
الشيخ فوزي آل سيف
الشيخ حسين مظاهري
عبد الوهّاب أبو زيد
الشيخ علي الجشي
حسين حسن آل جامع
ناجي حرابة
فريد عبد الله النمر
جاسم بن محمد بن عساكر
أحمد الماجد
عبدالله طاهر المعيبد
ياسر آل غريب
زهراء الشوكان
مقدّمات البحث
تأبين الشّيخ الحبيل للكاتب الشّيخ عباس البريهي
حاجتنا إلى النظام الإسلامي خاصّة
القرآن يأسر القلب والعقل
الشيخ عبدالكريم الحبيل: القلب السليم في القرآن الكريم (3)
تقييم العلمانية في العالم الإسلامي
ضرورة الإمامة
دلالة آية «وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسانِ مِنْ طِينٍ»
العلاقة الجدلية بين التدين والفهم
الأجر الأخروي: غاية المجتمع