علمٌ وفكر

معلومات الكاتب :

الاسم :
الشيخ جعفر السبحاني
عن الكاتب :
من مراجع الشيعة في ايران، مؤسس مؤسسة الإمام الصادق والمشرف عليها

صفة الذّات وصفة الفعل

قسّم المتكلمون صفاته سبحانه إلى صفة الذات وصفة الفعل، والأول ما يكفي في وصف الذات به، فرض نفس الذات فحسب، كالقدرة والحياة والعلم.

 

والثاني ما يتوقف توصيف الذات به على فرض الغير وراء الذات وهو فعله سبحانه.

 

فصفات الفعل هي المنتزعة من مقام الفعل، بمعنى أنَّ الذات توصف بهذه الصفات عند ملاحظتها مع الفعل، وذلك كالخلق والرزق ونظائرهما من الصفات الفعلية الزائدة على الذات بحكم انتزاعها من مقام الفعل.

 

ومعنى انتزاعها، أنّا إذ نلاحظ النّعم التي يتنعم بها الناس، وننسبها إلى الله سبحانه، نسميها رزقاً رزقه الله سبحانه، فهو رزّاق. ومثل ذلك الرحمة والمغفرة فهما يطلقان عليه على الوجه الذي بيّناه.

 

وهناك تعريف آخر لتمييز صفات الذّات عن الفعل وهو أنّ كل ما يجري على الذات على نَسَق واحد (الإثبات دائماً) فهو من صفات الذات. وأَمَّا ما يجري على الذات على الوجهين، بالسلب تارة وبالإيجاب أخرى، فهو من صفات الأفعال.

 

وعلى ضوء هذا الفرق فالعلم والقدرة والحياة لا تحمل عليه سبحانه إلا على وجه واحد و هو الإيجاب. ولكن الخلق والرزق والمغفرة والرحمة تحمل عليه بالإيجاب تارة والسّلب أخرى. فتقول خَلَقَ هذا ولم يخلق ذلك. غفر للمستغفر ولم يغفر للمصرّ على الذنب.

 

وباختصار، إن صفات الذات لا يصحّ لصاحبها الاتصاف بأضدادها ولا خلوه منها. ولكن صفات الفعل يصح الإاتصاف بأضدادها.

 

ثم إنّ الصّفات الفعلية حيثيات وجودية نابعة من وصف واحد وهي القيوميّة، فإنّ الخلق والرزق والهداية كلّها حيثيات وجودية قائمة به سبحانه مفاضة من عنده بما هو قيوم.

 

واشتهر في الكتب الكلامية من أنّ كل وصف لا يقبل النفي والإثبات ويكون أحاديّ التعلّق فهو صفة الذات، وما لا يكون كذلك ويقع في إطار النفي تارة والإثبات أخرى فهو صفة الفعل. فلا يقال إنه سبحانه يعلم ولا يعلم، ولكن يقال إنه سبحانه يغفر ولا يغفر.

 

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد