
المترجم: عدنان أحمد الحاجي
تُقدم دراسة جديدة أجرتها ماري تيش Marie Teich، وويلمر ليل Wilmer Leal، ويورغن جوستJürgen Jost رؤىً ثاقبة حول أبعاد الاستعارات (1) البنيوية [الشكلية من حيث المشبّه والمشبّه به ومدى الارتباط بينهما وما يجري عليهما من إبقاء وحذف] والإدراكية [من حيث اتساع المعنى ودورها في التأطير المفهومي، حيث تعمل الاستعارة على تنشيط المخططات (النماذج أو الأطر) العقلية أو الذهنية (2)، التي تؤثر في القرارات والإنفعالات]، كاشفةً عن مدى تأثيرها في تفكيرنا ولغتنا - متجاوزةً بذلك دورها كأدوات بلاغية. نُشرت الدراسة (3) مؤخرًا في مجلةPLOS Complex Systems.
في الجوهر:
ما وراء البلاغة: الاستعارات ليست مجرد أدوات أسلوبية [أساليب بلاغية أو مجازية توظف لتصبح اللغة أفضل من ناحية التعبير والإقناع والمفهوم والرسوخ]، بل هي بنيويات ثابتة تنظم الأنماط الشكلية الملحوظة في اللغة والبنى الإدراكية من حيث التمثيلات الذهنية والأنماط المفاهيمية التي تُؤثر في فهمنا للغة واستخدامنا لها.
ربط المعنى: هناك عمليتان مجازيتان رئيستان تربطان بين المفاهيم الملموسة (المشبه به) والمجردة (المشبه) في شبكة منظمة.
تأثير واسع: للنتائج انعكاسات على اللسانيات والفلسفة والذكاء الاصطناعي وإدراك الرياضيات [وهي العمليات العقلية المنخرطة في اكتساب معرفة بالرياضيات وفهمها واستخدامها، والتي تشمل الوظائف الإدراكية مثل الإدراك العددي (4) والتفكير المكاني والتفكير المجرد (5)].
تُعدّ الاستعارات جانبًا أساسيًا من جوانب اللغة والإدراك البشري، إذ تُمكّننا من استيعاب المفاهيم والعلاقات المعقدة من خلال ربطها بمجالات معروفة أكثر وواقعية [أي المشبه به الذي يكون عادةً شيئًا ملموسًا معروفًا]. ومع ذلك، لا تزال طبيعة الاستعارات وكيفية عملها غير مفهومة جيدًا. في ورقة بحثية حديثة (3) نُشرت في مجلة PLOS Complex Systems، طوّر الباحثان ماري تيش وويلمر ليل من معهد ماكس بلانك لتطبيقات الرياضيات في مجالات العلوم، بالتعاون مع مدير المعهد يورغن جوست، إطارًا ومقاربة تجريبية واسعة النطاق لتحليل الاستعارات ودورها في نظرية الاستعارة المفاهيمية. [في اللسانيات الإدراكية (6)، مصطلح الاستعارة المفاهيمية، أو الاستعارة الإدراكية، تشير إلى فهم فكرة أو إطار مفاهيمي من منظور إطار آخر. ومن الأمثلة على ذلك فهم المقدار من منظور الاتجاه (مثل: "كلفة أو ثمن السلام في ازدياد")، أو فهم الزمن من منظور المال أو الثمن (مثل: "قضيت وقتًا في العمل اليوم" (7)].
النتائج الرئيسة
تؤكد الدراسة الافتراض الأساس في نظرية الاستعارة المفاهيمية، وهو أن الاستعارات هياكل لغوية وإدراكية راسخة، وليست مجرد أشكال بلاغية. وباستخدام أدوات أنظمة معقدة، حدد الباحثون شبكة استعارية تُميز بين الفئات المجردة [المشبه به] والملموسة [المشبه]، وعمليتين استعاريتين مهمتين: الربط بين المواضيع الملموسة [المشبه به والمواضيع المجردة [المشبه]، وظهور ربط جديد بين المواضيع الملموسة.
كما وجدت الدراسة أن الاستعارات تركز على مجموعتين صغيرتين من المواضيع اليومية، إحداهما ضمن المجموعة الملموسة تُمثل المشبه به والمشبه، والأخرى ضمن المجموعة المجردة تُمثل المشبه بشكل رئيس. تشير هذه النتائج إلى أن الاستعارة عملية إبداعية مدفوعة بالتباين والتنافر بين المواضيع، مما يسمح بإعادة صياغة المفاهيم وظهور أوجه تشابه جديدة.
التداعيات وتوجهات الدراسات المستقبلية
لنتائج الدراسة تداعيات مهمة على الباحثين في اللسانيات الإدراكية وفلسفة اللغة (8)، وخاصةً أولئك الذين يركزون على نظرية الاستعارة المفاهيمية، واللغة المجازية (المعنى المجازي) (9)، والبنية الدلالية (10). ويمكن استخدام الطرق التجريبية واسعة النطاق التي اقترحها المؤلفون لإجراء بحوث أساسية في نظرية الاستعارة المفاهيمية، مما يعطينا أفكارًا جديدة عن طبيعة الاستعارة والتفكير المجازي.
وبعيدًا عن العلوم الإنسانية، يطرح هذا البحث أسئلة بحثية شيقة في مجالي التعلم الآلي والذكاء الاصطناعي، وخاصةً في المجالات المتعلقة بالتعلم بالقياس [طريقة تعلم تشجع المتعلمين على اشتقاق معلومات جديدة ومطابقتها مع المعرفة المكتسبة سابقًا (11)] وتعلم التمثيل (تعلم الآلة) (12)، كما تُبشّر هذه الأساليب بنتائج واعدة في مجال إدراك الـرياضيات ونظرية المعرفة الشكلية (13)، إذ توفر أدوات لدراسة كيفية نشوء المعنى المجرد من التشاكل بين إطارين مفاهيميين مختلفين؛ بين المشبه (المجرد عادةً) والمشبه به (الملموس عادةً).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- https://ar.wikipedia.org/wiki/استعارة
2- https://ar.wikipedia.org/wiki/مخطط_(علم_نفس)
3- http://https://journals.plos.org/complexsystems/article?id=10.1371/journal.pcsy.0000058
4- https://ar.wikipedia.org/wiki/إدراك_عددي
5- https://www.sciencedirect.com/topics/psychology/mathematical-cognition
6- http://https://ar.wikipedia.org/wiki/لسانيات_معرفية
7- https://en.wikipedia.org/wiki/Conceptual_metaphor
8- https://ar.wikipedia.org/wiki/فلسفة_اللغة
9- https://ar.wikipedia.org/wiki/حقيقة_ومجاز
10- https://ar.wikipedia.org/wiki/تحليل_البنية_الدلالية
11- https://ife.edu.mt/wp-content/uploads/2023/11/MJE-vol.-04-no.-02-pp-47-66.pdf
12- http://https://ar.wikipedia.org/wiki/تعلم_الخصائص
13- http://https://ar.wikipedia.org/wiki/نظرية_المعرفة_الرسمية
14- https://ar.wikipedia.org/wiki/مشاكلة_(رياضيات)
المصدر الرئيس
https://www.mis.mpg.de/news/press-releases/beyond-words-the-cognitive-force-of-metaphor
سبيل غلبة العقل على النفس
الشيخ عبد الله الجوادي الآملي
بَلْ إِيَّاهُ تَدْعُونَ
الشيخ محمد جواد مغنية
أهميّة المداراة وخطورة المداهنة
الشيخ محمد مصباح يزدي
في رحاب بقية الله: ليمكّننّ له الدين
الشيخ معين دقيق العاملي
كيف تنمّي الشخصية الأخلاقية في طفلك؟
عدنان الحاجي
معنى (قضى) في القرآن الكريم
الشيخ حسن المصطفوي
النّفاق والتّظاهر
الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
حياتنا بين البخل والترف
الشيخ حسين مظاهري
التمهيد إلى ميتافيزيقا إسلاميّة بَعديّة (4)
محمود حيدر
ما الذي ينقصنا في عصر المعرفة؟
السيد عباس نور الدين
السيدة الزهراء: وداع في عتمة الظلمات
حسين حسن آل جامع
واشٍ في صورة حفيد
حبيب المعاتيق
أيقونة في ذرى العرش
فريد عبد الله النمر
سأحمل للإنسان لهفته
عبدالله طاهر المعيبد
خارطةُ الحَنين
ناجي حرابة
هدهدة الأمّ في أذن الزّلزال
أحمد الرويعي
وقف الزّمان
حسين آل سهوان
سجود القيد في محراب العشق
أسمهان آل تراب
رَجْعٌ على جدار القصر
أحمد الماجد
خذني
علي النمر
ستّ طرق لاستخدام القلق كمصدر للنّمو
سبيل غلبة العقل على النفس
بَلْ إِيَّاهُ تَدْعُونَ
أهميّة المداراة وخطورة المداهنة
في رحاب بقية الله: ليمكّننّ له الدين
كيف تنمّي الشخصية الأخلاقية في طفلك؟
القصيدة بين الذّات والآخر، أمسية شعريّة للشّاعر حسين اللّويم
الجزء الثّاني من كتاب الشّاعر والرّادود عبدالشهيد الثور: (قضايا مأتميّة)
هل البكتيريا تأكل البلاستيك حقًّا؟
هل حان الوقت لتصنيف مرض الزهايمر على أنه مرض السكري من النوع الثالث؟