
المترجم: عدنان أحمد الحاجي
الفرق الكبير في احتمال إصابة الرجال والنساء بأمراض، يعود إلى الكروموسومات الجنسية، بيد أن للهرمونات والعوامل البيئية دورًا في ذلك أيضًا.
يختلف تأثير الكثير من الأمراض في الرجال عن تأثيرها في النساء. على سبيل المثال، يصاب الرجال بالربو في سنّ مبكرة، ولا تصاب به النساء إلا بعد تقدمهن في السن. يعد مرض باركنسون (الرعاش) أكثر شيوعًا بين الرجال من النساء، بينما مرض الزهايمر شائع بين النساء أكثر من الرجال.
تتضح هذه الاختلافات في احتمال الإصابة بالأمراض بشكل أكبر عندما تتعلق بالإصابة بأمراض المناعة الذاتية. فالنساء أكثر عرضة للإصابة بالتصلب اللّويحي بمرتين ونصف تقريبًا، وبالذئبة بتسع مرات من الرجال.
لماذا تُصيب بعض الأمراض واحدًا من الجنسين أكثر من الجنس الآخر؟ ولماذا تبدو بعض الأنسجة، مثل الرئتين والدماغ، أكثر تأثرًا بهذه الاختلافات بين الجنسين؟
للإجابة عن هذه الأسئلة، أجرت باحثتان من معهد لا جولا La Jolla لعلم المناعة (LJI) دراسة جديدة تناولت كيف تدافع خلايانا المناعية عن أجزاء مُعينة من الجسم دون أخرى.
نشرت بروفيسور إيريكا أولمان سافاير Erica Ollmann Saphire من معهد لا جولا لعلم المناعة وزميلتها بروفيسور سونيا شارما دراسة مراجعة جديدة في مجلة العلوم (2) تناولت كيف تتضافر العوامل الوراثية والهرمونات الجنسية والعوامل البيئية للتأثير في جهاز المناعة لدى كل من الجنسين.
"اكتشفت باحثتان من معهد لا جولا لعلم المناعة معلومات جديدة تمامًا تتعلق بالاختلاف الكبير بين جهازي المناعة لدى الرجال والنساء. نتناول بالدراسة ما هو مُشفر جينيًّا (وراثيًّا) في كروموسومات XX أو XY، وكيف تؤثر هرمونات، مثل الإستروجين والتستوستيرون، فيما هو مُبرمج جينيًّا [فطريًّا] في خلايانا المناعية" بحسب برفيسور سافاير.
تّعرِّف الباحثتان، في هذه الورقة، الجنس البيولوجي (في سياق علم المناعة) بأنه وجود كروموسومات XX لدى الإناث وكروموسومات XY لدى الذكور. "كل خلية من خلايا جسم الإنسان إما هي XX أو XY". "يحتوي كروموسوم X هذا على الكثير الكثير من الجينات المرتبطة بالمناعة. لدى النساء نسختان من كروموسوم X. وهذا يمنحهن، بمعنى ما، فرصتين لاختيار أيّ من النسختين في صياغة استجابة مناعية. كما يمكن أن تمنحهن استجابة مناعية أقوى لتلك الجينات التي تتميز بنشاط مضاعف - كلا النسختين من كروموسوم X تنشطان تزامنيًّا.
الهرمونات الجنسية مهمة ليس فقط لوظيفة الإنجاب، بل أيضًا لوظائف أخرى. تستطيع الخلايا المناعية أيضًا استشعار هرمونات مثل الإستروجين والتستوستيرون وتستخدمها لتحديد الجينات التي تشغلها (تنشطها) أو توقفها (تثبطها)، وأيها تجعله أكثر نشاطًا أو أضعف نشاطًا. هذا يعني أن الخلايا المناعية المتشابهة [إما في الوظيفة أو في المصدر التي أتت منه: رجل أو امرأة)] يمكنها القيام بوظائف مختلفة، بناءً على ما إذا كانت تلك الخلية آتية من ذكر أو أنثى.
علاوة على ذلك، تختلف الخلايا الأنثوية في أي من نسختي كروموسوم X تصبح "مفعّلة (نشطة)" [وبالتالي أيهما يبقى مثبطًا]. ونتيجة لذلك، لدى النساء أعضاء تحتوي على مجموعة من الخلايا المناعية التي لكل منها وظائفها الفريدة الخاصة بها في الأنسجة المختلفة. يبدو أن هذا "التنوع" الفطري للخلايا المناعية وسيلة فعالة لدرء أو الوقاية من الأمراض المعدية (2) النساء أفضل من الرجال في مكافحة مسببات الأمراض مثل فيروس سارس - 2.
لكن وجد الباحثون أيضًا أن امتلاك النساء لجينات من كروموسوم X قد يُهيئهن للإصابة بأمراض المناعة الذاتية. ترتبط هذه الزيادة في كروموسوم X ارتباطًا وثيقًا بارتفاع مستوى احتمال إصابتهن بأمراض المناعة الذاتية مثل متلازمة شوغرن (3) وتصلب الجلد (4).
توضح بروفيسور شارما أن الدراسة الجديدة التي تناولت اختلافات الجهاز المناعي بين الجنسين ضرورية أيضًا لتطوير علاج مناعي (5) جديد لعلاج مرض السرطان.
"تزداد معرفتنا بكيف تؤثر [وبمدى تأثير] الاختلافات بين الجنسين في الجهاز المناعي في تبعات الأمراض على الصحة وجودة الحياة وحتى البقاء على قيد الحياة. وحين يتعلق الأمر بالعلوم الطبية، يتباين التأثير بين الجنسين" بحسب برفيسور شارما، التي تدير مركز الاختلافات بين الجنسين في الجهاز المناعي التابع لمعهد لا جولا لعلم المناعة. "وهذه المعرفة المتزايدة من شأنها أن تؤدي إلى دراسات جديدة باتجاه الطب الدقيق (الطب الشخصي) (5)، لا سيما في مجال السرطان. بودنا أن نعرف كيف يُسهم الجهاز المناعي الشخصي لشخص في السيطرة على هذا السرطان من خلال العلاج المناعي (5)".
سلطت برفيسور سافاير وبروفيسور وشارما الضوء أيضًا على العوامل البيئية، بما فيها التغذية والتعرض لمواد كيميائية، والتي قد تُفاقم التفاعل المُعقّد (المركب) بين الكروموسومات والهرمونات الجنسية. ويبدو أيضًا أن هناك بصمة مميزة في ميكروبيومات الجلد والأمعاء بين الرجال والنساء. وتأمل الباحثتان أن تُسهم هذه الاكتشافات التأسيسية في تحقيق تقدم طبي لكلا الجنسين، وتعمل الباحثتان مع باحثين مُتعاونين معهما من جميع أنحاء الولايات المتحدة للدفع بهذه الدراسة قدمًا. وتقول برفيسور شارما: "يتطلب الأمر فريقًا لترجمة نتائج هذه الدراسة ونقلها إلى حيز التطبيق".
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- https://www.science.org/doi/10.1126/science.adx4381
3- https://ar.wikipedia.org/wiki/متلازمة_شوغرن
4- https://ar.wikipedia.org/wiki/تصلب_الجلد
5- http://https://ar.wikipedia.org/wiki/علاج_مناعي
6- https://ar.wikipedia.org/wiki/طب_شخصي
المصدر الرئيس
سبيل غلبة العقل على النفس
الشيخ عبد الله الجوادي الآملي
بَلْ إِيَّاهُ تَدْعُونَ
الشيخ محمد جواد مغنية
أهميّة المداراة وخطورة المداهنة
الشيخ محمد مصباح يزدي
في رحاب بقية الله: ليمكّننّ له الدين
الشيخ معين دقيق العاملي
كيف تنمّي الشخصية الأخلاقية في طفلك؟
عدنان الحاجي
معنى (قضى) في القرآن الكريم
الشيخ حسن المصطفوي
النّفاق والتّظاهر
الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
حياتنا بين البخل والترف
الشيخ حسين مظاهري
التمهيد إلى ميتافيزيقا إسلاميّة بَعديّة (4)
محمود حيدر
ما الذي ينقصنا في عصر المعرفة؟
السيد عباس نور الدين
السيدة الزهراء: وداع في عتمة الظلمات
حسين حسن آل جامع
واشٍ في صورة حفيد
حبيب المعاتيق
أيقونة في ذرى العرش
فريد عبد الله النمر
سأحمل للإنسان لهفته
عبدالله طاهر المعيبد
خارطةُ الحَنين
ناجي حرابة
هدهدة الأمّ في أذن الزّلزال
أحمد الرويعي
وقف الزّمان
حسين آل سهوان
سجود القيد في محراب العشق
أسمهان آل تراب
رَجْعٌ على جدار القصر
أحمد الماجد
خذني
علي النمر
ستّ طرق لاستخدام القلق كمصدر للنّمو
سبيل غلبة العقل على النفس
بَلْ إِيَّاهُ تَدْعُونَ
أهميّة المداراة وخطورة المداهنة
في رحاب بقية الله: ليمكّننّ له الدين
كيف تنمّي الشخصية الأخلاقية في طفلك؟
القصيدة بين الذّات والآخر، أمسية شعريّة للشّاعر حسين اللّويم
الجزء الثّاني من كتاب الشّاعر والرّادود عبدالشهيد الثور: (قضايا مأتميّة)
هل البكتيريا تأكل البلاستيك حقًّا؟
هل حان الوقت لتصنيف مرض الزهايمر على أنه مرض السكري من النوع الثالث؟